" كل سنة وإنت طيب" مد الرجل يده فى جيبه وأخرج عشرة جنيهات وأعطاها للقائل .. هو ليس عيد وهى ليست عيدية .. هو طابور من المواطنين أمام شباك موظف تجديد رخصة القيادة .. ليس أمامى سوى شخص واحد حتى يحين دورى فى لقاء ذلك الوغد .. كل سنة وانت طيب؟!! .. بعد الثورة؟!! .. امثال هؤلاء هم أعداء الثورة الحقيقيين .. لقد اقسمت على التغيير ولن اتراجع .. لن أكون سلبى ..لن أرمى قمامة فى الشارع .. لن أخالف إشارة مرور .. وبالطبع لن أدفع رشوة لأى احد مهما كان .. هؤلاء لا يكتفون أبدا .. إنهم مثل الزومبى .. أولئك الأموات العائدون للحياة ولا هدف لهم سوى أن ينهشوا لحمك .. لا تفكير فى عقل يحذرهم ولا عاطفة فى قلب تمنعهم ولا حتى خشية من رب يراقبهم . " كل سنة وانت طيب" كسابقه دفع الرجل وانصرف .. تقدمت وأعطيته الورق .. أخذ يتفحصه ورقة ورقة ثم نظر إلىَ وقال : -ما شاء الله مفيش ورقة ناقصة .. قليل لما حد بيجيلى كده من أول مرة .. بس فاضل خطوة واحدة ثم نادى بصوت عال : يا أيمن .. انت نسيتنى ولا إيه؟ وفى لحظة حضر ذلك الأيمن ومعه كوب شاى وضعه امام الموظف الموظف : تسلم يا عم ايمن .. خد بقى الرخصة دى وهات الملف بتاعها من الدولاب بسرعة ثم وجه كلامه إلى َ : معلشى استنى ثانية واحدة حضرتك تناول كوب الشاى واخذ يرشف منه فى انتظار الملف .. وجد الموظف على المكتب المجاور لا طابور امامه ويقرأ أحد الجرائد فى اهتمام .. سأله فى فضول: -خير يا أستاذ محمود .. إيه الجديد النهاردة -بيقولوا يا سيدى هايعملوا حد أدنى للأجور 1400 جنيه بدت الفرحة على وجهه وهو يسأل : فعلا؟! -ياعم كلام جرايد .. يعنى انت متوقع تروح للخازنة آخر الشهر يدوك ال400 جنيه بتوعك ويدوك فوقيها ألف جنيه زيادة مرة واحدة وليك زيهم كل شهر؟ .. دا ولا فى الأحلام لا ادرى ماذا حدث لى بعدما سمعت هذه الجملة .. توقف عقلى عن التفكير فجاة .. يبدو أن هناك شئ ما خطأ .. أتى أيمن وأتى معه الملف ووضع الموظف الورق بداخله ثم: "كل سنة وانت طيب" تلقائيا وضعت يدى فى جيبى وأخرجت له عشرة جنيهات .. ربما هو من الزومبى ناهشى اللحوم .. لكن ذلك يعنى ايضاً انه ميت بالأساس.