حان موعد تجديد رخصة السيارة .. كانت آخر مرة قمت فيها بهذا التجديد منذ ثلاث سنوات كانت ذكري مؤلمة ولكن بما أن الزمن يسير إلي الأمام والعالم يتطور كل يوم فأنا متفائل بأن الوضع بعد مرور ثلاث سنوات سيكون قد تغير. للأفضل طبعا! وصلت المرور ولكنني فوجئت بأن مبني الإجراءات الإدارية تحت الترميم وتم نقل الموظفين إلي أكشاك في ساحة المكان. ولكن ما هذا ؟! لم يخصص لاستقبال طلبات تجديد رخصة الملاكي إلا شباكان فقط. أحدهما للرجال .. أمامه كتلة بشرية متلاحمة متزاحمة متصارعة، حيث إن الشباك يفتح علي ممر صغير جدا عرضه لا يتعدي المتر. فكيف سيقف طابور به العشرات في هذا المزنق ؟!! بسيطة .. نظرية تفريغ المسافات بين أجساد الواقفين حلت المشكلة. وأخيرا وبعد مرور قرون .. وصلت إلي الشباك. وهنا شعرت بمشكلة بسيطة، حيث إن محصلة ضغط كل هذه الكتلة البشرية المضغوطة تنتهي في جسد الواقف أمام الشباك مباشرة فتضغطه بعنف شديد في الشباك حتي تكاد بعض أعضائه تخرج منه ..بالفعل شعرت بأن كليتي سوف تنطلقان من جانبي كما ينطلق الصاروخ قلت للموظفة أريد تجديد الرخصة .. قالت أحضر ملف السيارة من الأرشيف. ذهبت وأحضرت الملف ولكنني فوجئت بنقطة لم أعمل حسابها هي أنني سأعاود الدخول إلي الطابور ولكن من الأول مرة ثانية. واستمرت الدائرة الجهنمية .. أنضغط وأندمج مع أجساد الواقفين ولا مانع من الخناق والصراخ .. أصل إلي الموظفة تطلب ورقة معينة .. أذهب لإحضارها .. أعود في الطابور من جديد من الأول.. أصل إليها لتطلب ورقة جديدة .. أذهب وهكذا . ألم يكن من الأولي وضع لوحة إرشادية بالأوراق المطلوب تجهيزها في الطلب قبل الولوج في هذه الملحمة البشرية أمام شباك الموظف بدلا من تنفيذ أسطورة سيزيف هذه في المواطنين؟. «كانت توجد لوحة في المبني ولكنه تحت الترميم الآن وخفت إن دخلت لأقرأ اللوحة أن تسقط علي رأسي كتلة أسمنتية فلا أعود لتجديد الرخصة ويضيع وقتي في استخراج شهادة وفاة لي». نسيت أن أقول إن الشباك المخصص للسيدات كان خالي الوفاض تماما من أي سيدة تقف أمامه وعندما حاولت أن أقف أمامه بدلا من شباك الرجال المزدحم نهرتني الموظفة وقالت هذا الشباك مخصص للنساء ... عيب إنت راجل !! المهم بعد الدخول والخروج مرة لإحضار طابع شرطة ومرة ورقة بيانات ومرة لدفع الضريبة والتأمين ومرة لتصوير البطاقة. وصلت إلي مرحلة استخراج شهادة المخالفات ولهذا الإجراء أصول عتيدة فيجب عليك أن تنتظر حتي يتم تجميع كم كبير من الشهادات حتي تعرض علي النيابة لختمها ثم تتسلمها . هذه الجزئية وحدها استهلكت ساعة ونصف ساعة! بعدها تذهب لشباك تنفيذ الأحكام. ولا أدري لماذا انتابني شعور بالقلق الشديد أمام هذا الشباك خوفا من ظهور أي حكم ضدي فأعود من المرور بالأساور في يدي بدلا من الرخصة في جيبي !! المهم عدت سليما والحمد لله. عدت للموظفة فقالت اذهب لتركيب اللوحات الجديدة ورسومها 128جنيهاً . فدفعت طبعا رغم عدم اقتناعي .. فإذا كانوا «هم» يريدون اتباع نظام جديد فلماذا أدفع «أنا» ثمنه .. وهل تساوي تلك اللوحتين الألمونيوم 128 جنيهاً؟ .. جايز .. ولكنهم قالوا لي احمد ربك إنها موجودة وإلا كان من الممكن أن تعلق لوحة مؤقتة ثم تعود بعد شهر لتركب الجديدة. عدت للموظفة فقالت لي هناك خبر موش نايس عشانك وهو إن هناك عليك محضر مخالفة في دمنهور اذهب دمنهور ادفعه وتعال. كدت أبكي والله .. ولكنها قالت لي يا ولدي لا تحزن فحتي لولم تكن هناك هذه المخالفة وهذا المشوار المرمطة لم تكن أبدا لتحصل علي الرخصة اليوم لأن الكمبيوتر الذي سيطبع الرخصة الجديدة عطلان.