لم يأبه.. نعم لم يأبه لحداثة سني.. وضيق أفقي.. لم يأبه لقلبي الصغير الذي لم يحتمل ضغطات كلماته الحادة المتكررة.. جعلني أفقد كل ما هو جميل لم أعد احتمل نقاء اللون الأبيض.. الذي يذكرني بما كنت عليه قبل الآن. اتشحت بالسواد قلباً وقالباً.. غادرَت النجوم سمائي .. وصارت السحب لا تقطر فوق رأسي.. إلا دماء عفنة.. مختلطة بأهات الذكريات المذبوحة.. فوق مذبح ( العادات والتقاليد). وأدنو..كما الموءودة في غبار الشرك الأعظم.. عاملني معاملة الإماء الراقدة تحت براثن الجاهلية الأولى.. حطمني وجعل من ركامي عبرة للناظرين. لم يلق بالاً لتلك الفجوة التى أخذت في الاتساع.. تتسع وتتسع.. حتى ابتلعت كل ما تبقى من نفسي .. لتمحو من أبجديتي حروف كلمة (أنا) أهرب منه .. من عينيه.. من ذاك الحضن الحارق.. حضن لم يتبقى منه إلا أشواك الصبار.. تخترق جسدي لتمزق أنفاسي وتمرح ضاحكة .. وهى تشهد آخر قطرات دمي ترقص رقصتها الحزينة .. فوق مروج العمر الذابلة. أهرب إلى أرض أحلامي حيث أحتمي خلف الجبال الصماء.. أكتم أنفاسي.. أضع ملايين القطع الحجرية فوق صدري.. كي لا يسمع الشهقات المتدابره.. شهقات خوف وفزع يحيط بي ولا يستحي من ضئالة عمري.. وجسدي الذي أضناه الحزن السفيه لم تعد الأحلام أحلام كما عهدتها.. صارت درب شاق علىّ أن أسلكه كلما أسدلت جفناي..صارت حرب.. ودائماً ما يكون هو الرابح.. أهرب وأهرب.. وأستزيد من فنون الهروب.. ولكن عند نهاية المنعطف .. يتحسس عطري الهارب في ذرات الهواء.. يتتبع خطاي.. و يريح أطراف جسدي الهالكة.. فوق حد السكين كرهت الألوان.. والسماء.. كرهت الضحكات الساخرة.. وطعم الدماء كرهت الحياة.. توددت للموت ليجعلني خادمه في بلاطه السفلي.. عرفت معه كل أطوار العمر الإنساني.. إلا طور الطفولة وبين مقلتيه.. عرفت كيف تكون كهولة امرأه في ربوع العشرين....!؟ .................................................... ذكرى مثل ملايين الذكريات.. طي النسيان