إحساس غريب جدا حسيته أول ما عرفت إنى حامل ... مش عارفة إن كان إحساس بالفرحة ولا الخوف، بس الأكيد إن أنا اتخضيت ... آه والله اتخضيت جدا وحسيت فى لحظة إن حياتى هيحصل فيها انقلاب جذري ... حسيت بالمسئولية وبدأت أفكر هل فعلا هبقى أدها ولا لأ؟! ... ويا ترى هقدر أبقى الأم اللي بتمناها؟ ولا الواقع ممكن يخلى الإنسان يقصر وما يلتزمش بكل المبادىء اللي نفسه يمشي عليها؟ أما بقى أول مرة شفت فيها ابني، دي حدوتة تانية ... ده اللي بجد إحساس ما تعرفش توصفه ... إحساس غريب.. قعدت أبص له وأقول إزاى الطفل ده جزء منى ... كنت عايزة أعيط مش عارفة ليه.. وفى نفس الوقت فرحانة، لكن ما أقدرش أقول إن الإحساس بالأمومة يبدأ مع أول مرة الأم بتشوف فيها طفلها ... لأ ده إحساس بيزيد كل ما الطفل يكبر.. وكل ما العلاقة بتزيد ما بينهم. عايزة أعترف لكم إن أول ثلاثة شهور دول صعبين قوى! على أد ما الأم بتكون فرحانة بطفلها، على أد ما المسئولية الجديدة بتبقى صعبة قوى ... فيه حاجات كتير بتبقى لسّه ما تعرفهاش.. وممكن تتخض منها.. وتفتكرها حاجة كبيرة قوى! يعنى مثلا من أول يوم لقيت الولد بيعطس كتير.. وافتكرت إنه أخد برد.. وزعلت وقلت ده لسه مولود وإزاى هياخد أدوية؟ وبعدين عرفت إن دي ظاهرة طبيعية بتحصل للأطفال في الشهور الأولى وملهاش علاقة بالأنفلونزا، وكمان الزغطّة أول مرة جت له..اتخضيت ومبقتش عارفة أعمل إيه! وبعدين اكتشفت برضه إنها ظاهرة طبيعية بتحصل لتوسيع رئة الطفل. وطبعًا أي أم في الأول.. بتبقى مش فاهمة طفلها بيعيّط ليه! ما هو العياط ده ليه قاموس لوحده!... يعنى فيه طريقة عياط معينة معناها إن الطفل جعان، وطريقة تانية تفهم منها إن عنده مغص، وطريقة للتعبير عن النعاس، وهكذا. بس طبعا المشكلة إن في الفترة الأولى، بتبقى الأم مش فاهمة اللغة دى، وبتبقى هتتجنن، وتفضل تجرّب كل حاجة لحد ما تعرف هو عايز إيه!... بس بصراحة بصراحة.. أكبر مشكلة واجهتنى هي عدم انتظام نوم الطفل أول ثلاثة شهور، وصحيانه كتير بالليل ... مش قادرة أقول لكم الموضوع ده متعب أد إيه.. لأن قلة النوم بتأثر على الأعصاب والتركيز وبتخلّي الأم مش قادرة تعمل حاجة، لكن سبحان الله، ربنا بيدينا القدرة على التحمل! أكتر حاجة بقى قلقانى، لما بقعد أفكر إزاى هربّي ابني .. طول عمري كنت بقول هبقى أم متسامحة وعمري ما هبقى متسلّطة أو أتعامل بمبدأ الأوامر بدون مناقشة، لأ أنا لازم أتحاور معاهم وأقنعهم وأصاحبهم. بس بصراحة، أنا خايفة قوى ما أقدرش أبقى بالمثالية دي، وأضطر أفرض على ابنى حاجات علشان مصلحته ... خايفة جدًا أبقى عنيفة معاه، أو أفقد أعصابي في مرة وأضربه، لأنى مؤمنة جدا إن الضرب ده شيء سيء جدا جدا، وبيسيب أثر نفسي فى الأطفال. نفسي أحط قواعد لابنى، ويكون فيه ثواب وعقاب، بس بطريقة سليمة علشان كده بحاول أقرأ كتير فى التربية، لأنى شايفة إنها علم، لازم كل أب وأم يتعلموه، قبل حتى ما يخلّفوا. ساعات كمان بخاف قوى أتعلق بابنى وأبقى عايزاه جنبي دايما لما يكبر ... أنا دايما كنت بقول إن الأولاد دول مش ملكنا، ومش المفروض أربي ابني عشان أستنى منه المقابل لما يكبر، وأبقى منتظرة إن أبقى أهم حاجة في حياته! لا، لازم أعترف إنه أكيد لما يكبر، هيبقى عنده شغله، وهيتجوّز، ويخلّف وأكيد مش هبقى أنا أول اهتماماته ... طبعا هبقى عاوزاه يسأل عليا، وأشوفه، لكن بتمنى إنى ما أتدخلش فى حياته أو أبقى حماة جامدة على مراته! بس يا رب يا رب أقدر أحقق كل الكلام ده، وما تبقاش مجرد أحلام ... نفسي أبقى أم مثالية، وأبقى أنا وابنى أصحاب على طول، ونفسي كل المشاكل اللي بين الأهل وأولادهم تتحل، ويا ريت الأهل يفكروا إن ممكن همّ اللي يكونوا مقصّرين في حق أولادهم، أو بيتعاملوا معاهم غلط، مش بس الأبناء همّ اللي دايما بيغلطوا. وفيه مقولة لسيدنا عمر بن الخطاب –رضي الله عنه وأرضاه- كان بيطالب فيها الأهالي إنهم يبروا أبناءهم، ولا يعقّوهم، علشان في المستقبل، الأولاد ما يكونوش عاقين، وربنا يقدّرنا على تحمل المسئولية، ويجعلنا آباء وأمهات صالحين الأول، قبل ما نطلب إن أبناءنا يكونوا صالحين.