عندما يصرخ فينا أهالينا: هو إنت هتمشي بمزاجك؟؟!! تلك هى الكلمة الخالدة على ألسنة وأفواه الجميع خصوصًا الآباء والأمهات....ونسمع تلك الجملة عند أي تصرف نقوم به أو نجرؤ على إتيانه على غير هوى قائلها...تلك الجملة التي أصبحت عنوانًا للاستنكار الكامل لهذا الفعل أو التصرف الذي نقوم نحن به! يعنى ببساطة لما نعمل حاجة وماتعجبش حد تاني ...تجده يصرخ في وجهك بكل قوة حتى تكاد ترى بلعومه...(إيه...؟؟؟؟ هو إنت هتمشي بمزاجك؟؟؟) بصراحة أموت غيظًا عندما تقع تلك الكلمة على مسامعي سواء كنت أنا المتهم بتلك الجريمة النكراء إني بمشي بمزاجي ..أو أن من ارتكبها كان شخصًا آخر وتنامت كلمات عتابه تلك إلى مسامعي عن طريق الصدفة أو ما شابه! المهم.....لماذا يعتبر الآخرون أننا عندما نفعل مانراه مناسبًا لنا وليس لغيرنا فإن ذلك يكون تصرفًا سيئًا يثير الاشمئزاز؟!....لماذا يطالبوننا دائمًا بفعل ما يريدونه هم وليس ما نريده نحن؟! من الممكن أن يرد عليّ شخص ما ويقول أن هذا من منطلق الخوف عليك....أو أنهم يعرفون مصلحتك أكثر منك نظرًا لخبرتهم الطويلة وتجاربهم..إلخ.. وصحيح أنه لا يمكنني الاعتراض على هذه الكلمات ولا يمكنني كذلك تجاهلها ولكن عندما يصل التدخل والاعتراض إلى حد أن يطول أتفه التصرفات وأصغر التفاصيل في حياتنا التي هى ملكنا وليست ملك أحد آخر ..فهذا ما اعتبره قمة الظلم ..والقهر!..أيوه القهر...ما تستغربوش!. عندما تجد من يعترض على أنك تنام وأنت واضع قدمًا على قدم!....أو أنك تستمع إلى الأغاني بصوت مرتفع!...أو تجد من يوبخك على كثرة تجولك بين المحطات وعدم استقرارك على محطة معينة!...أو أن سوالفك طويلة ويجب عليك تهذيبها وتقصيرها "زى الناس المحترمين"!. ألا يُعتبر ذلك نوعًا من القهر...فهم يريدون تشكيلنا على "مزاجهم"...وليس على "مزاجنا"...حتى في أتفه التفاصيل!. وصحيح أنه من الممكن أن أتقبل "مزاجهم"هذا.. ولكن في أمور دون أخرى..مثل تلك المتعلقة بالوظيفة والزواج والشقة...إلخ...ولكن تقبلي هذا سيكون مصحوبًا بكثير من الغضاضة...لأني أرى أيضًا أن أكبر القرارات وأصعبها يجب أن تكون نابعة منا نحن وليس من أي أحد آخر....لأنها ببساطة ستؤثر سلبا أو إيجابا على حياتنا نحن وليست حياة الآخرين! عجزتُ عن تفسير تلك المشكلة..هل هى نابعة من صراع الأجيال الذي نسمع عنه من قبل أن نُولد حتى؟؟..أم أنها نتاج سياسة عامة نخضع لها في جميع المجالات وعلى جميع الأصعدة...وهى سياسة "الكبير كبير....والصغير صغير...والنص نص نص"...واللي أكبر منك بيوم يعرف عنك بسنة...وبالتأكيد.."مزاجه".. أكبر من"مزاج" سيادتك...بملايين السنين! أعتقد أن الموضوع له أبعاد أخرى ...ربما تكون نفسية...فالكبار كانوا صغارًا يومًا ما...ومكنوش بيمشوا بمزاجهم برضه...وأصبحوا الآن كبارًا...إذن لابد أن يمشي أحد على "مزاجهم"..لكي يصبح لذلك المزاج قيمة ..فلابد أن يمشي عليه أحد...ولنا الله نحن معشر"الصغار"...صغار الأمزجة بالطبع...ولننتظر حتى نصبح كبارًا...لكي يمشي "غيرنا"على "مزاجنا"!. نشر فى يناير 2009