"الشحات قدوة حسنة رائعة للشباب المصري ولو استغل الشباب الإقدام والشجاعة في مواجهة كل أمور الحياة فسوف يتبدل حال مصر قريباً".. هذا ما أشار إليه الدكتور أحمد عمارة استشاري الصحة النفسية ل"بوابة الوفد الإلكترونية" حول الشاب أحمد الشحات الذي استطاع بمهارته الفائقة أن يلبي رغبة العديد من المصريين في انتزاع العلم الإسرائيلي وإسقاطه من أعلى العقار الذي توجد به السفارة الإسرائيلية السبت الماضي، بعد اندلاع الأزمة الحالية بين مصر وإسرائيل إثر سقوط جنود مصريين بنيران إسرائيلية في المنطقة الحدودية بسيناء مؤخراً. وأكد أن الشحات استطاع أن يلهب حماسة وخيال الشباب المصري لفعل أشياء أخرى حماسية قوية فيها تحد وإصرار في المستقبل وهذا في حد ذاته كفيل بتفجير طاقاتهم بأقصى ما يتخيلون للأفضل، فلا يستطيع الإنسان القفز عاليا إلا إذا نزل قليلا للأسفل كي يستطيع القفز، وما يمر به شباب مصر الآن هو مرحلة النزول البسيطة التي تسبق القفز. وأشار عمارة إلى أن الشحات يمتلك شخصية "انبساطية طبيعية"، وصاحب هذه الشخصية غالبا ما يكون بسيطاً في سلوكياته طبيعياً في تعامله مع الأمور، ويأخذ الأمور ببساطة ويواجه المواقف بمنتهى الهدوء والحنكة، ولا يعتمد على أحد وإنما يفكر دائما بنفسه في إيجاد حل، ولهذا فصاحب هذه الشخصية دائما يكون في تقدم وظيفي ومادي مستمر نظرا لاعتماده على مهاراته الشخصية وخبرته العملية. وأضاف عمارة أن صاحب هذه الشخصية يحمل قلباً أبيض يجعله يثق في الناس بسهولة ويسر، الأمر الذي يوقعه في الكثير من المشاكل بسبب عدم افتراض سوء النية أو الحرص مع من يتعامل معهم، ومن أهم ما يميز هذه الشخصية أيضا حب التفاني من أجل إسعاد الآخرين وراحتهم وكذلك سرعة اتخاذ القرار وتنفيذه، وهذا ما اتضح جليا عندما شعر أن الناس تريد أن تحرق العلم فاتخذ قرارا سريعا بأن يقوم بتسلق العقار من أجل تنفيذ هذه الرغبة التي أشعلته حماسا عندما تخيل سعادة الناس وفرحتهم . وقال عمارة "هناك قاعدة نفسية حديثة تقول :إن الإنسان عندما يضع هدفا ويسعى بصدق لتحقيقه يكتسب كل المهارات والسمات التي تساعده على تحقيق هذا الهدف، وهذا بالفعل ما حدث لأحمد الشحات، فهذه أول مرة يتسلق فيها عمارة بهذه الطريقة، ولكنه ما إن وضع الهدف بدقة وإخلاص حتى اشتعل الحماس وتفجرت الطاقة لديه مما أهله بسهولة لتحقيق هذا الهدف، ويستخدم علماء علم النفس الحربي هذه النقطة الخطيرة في الحرب النفسية لإشعال طاقة الجنود لفعل ما قد يراه الناس مستحيلا". وأكد عمارة على تأثير الثورة في الشباب المصري حيث نقلتهم من الصف الثاني التابع المتلقي والمنفذ للأوامر والخائف دائماً إلى الصف الأول المُبادر القائد الذي يقوم بنفسه لتحديد مصيره بإرادته بحماسة وقوة، وذلك هو الجانب الإيجابي الرائع من الثورة، وشدد على أهمية تحديد الهدف مؤكداً أن الشعب ثار بنفسه وأطاح بالنظام، والشعب الآن يثور ليضغط على غيره لتعديل وضع البلد وهذا خطأ فادح، فلابد للشباب أن يستمروا في ثورتهم على أنفسهم وعلى بعض العادات والسلوكيات الخاطئة داخلهم ليعلموا أن التغيير لا يبدأ أبدا إلا من الداخل، فليثوروا على أنفسهم من الداخل ولو نجحوا في ذلك سيتغير حال مصر تغيراً مذهلا في السنوات القليلة القادمة. وشدد عمارة على أن ما حدث أقوى تأثيراً على نفسية إسرائيل من أي حرب نفسية شاركنا فيها بالماضي، فالشعب الإسرائيلي شعب جبان بطبعه - زلزال بسيط يتسبب في وفاة بعضهم من السكتة القلبية من كثرة الرعب - يسعى لنسج الأساطير والحكايات لإظهار قوته على من حوله، لذا فخبر تسلق شاب مصري عادي للعمارة دون أن يقتل من حراس السفارة أو أن يقع هو كفيل بأن يعيش معظمهم في كوابيس ليل نهار سببها أنه إذا كان هذا شاب مصري عادي، فكيف بالجنود المصريين المدربين تدريبا عاليا على القتال. وأضاف الدكتور أحمد عمارة استشاري الصحة النفسية: "أريد أن ألفت انتباه الإعلاميين ألا يحاولوا تضخيم هذا الفعل الرائع الذي قام به الشحات حتى يستمر في تأثيره الإيجابي، فلو تعاملنا معه ببساطة فهذه إشارة لإسرائيل أن هذا الشيء عادي عندنا ولازال لدينا من الشباب من يستطيع فعل ما هو أكبر من ذلك، لكن لو ضخم الإعلام الحدث فهو إشارة ضمنية إلى أننا لم نكن نتوقع أن يصدر هذا الفعل من أحد شبابنا مما يفقد الحدث أهميته وتأثيره النفسي القوي عليهم".