قالوا مصر غير تونس فقامت الثورة في مصر وأطاحت بمبارك.. قالوا سوريا غير مصر واشتعلت الثورة في سوريا وسوف تطيح قريبا ببشار. الأمر يبدو في البداية مستحيلا ولكنه يصبح في لحظات ممكنا، هكذا يعلمنا قانون الثورات. لا عودة ل«سوريا بشار» و«إلى الأبد يا بشار» كل هذه الشعارات أسقتطها الجماهير عندما حطمت تمثالي الأسدين «الأب والابن» ومزقت صورهما في الشوارع والبيوت، حتى أكثر المؤمنين أو بالأحرى الخائفين من بشار يدركون أن الزمن لن يعود أبدا للوراء، أسقطت الشعوب أبدية الحكام.. صارت نكتة وأنتيكة! النظام السوري قاسٍ، إلا أن القسوة ليست من مظاهر القوة بل هي في أحيان كثيرة تصبح من علامات الضعف ولهذا مارس التصفية الجسدية على بلبل الثورة السورية المطرب الشاب إبراهيم قاشوش، قتلوه واقتلعوا حنجرته وألقوا بجسده في النهر ليصبح مصيره هو ما ينتظر كل من يحاول المساس بأبدية الزعيم. الرسالة واضحة مباشرة مثل جثة قاشوش التي طفت فوق نهر العاصي ولكن يعلمنا التاريخ أن مثل هذه الرسائل هي أقصر الطرق لنجاح ثورات الشعوب. قبل يومين خرج بعض الفنانين والمثقفين والصحفيين في العاصمة دمشق للتعبير عن موقفهم فطاردتهم أجهزة النظام وانهالت فوق رؤوسهم عصاه الغليظة. أصحاب المواقف المبدئية من الفنانين هم الذين أعلنوا انحيازهم للشعب، هؤلاء قهروا الخوف بداخلهم لتصبح نبضات قلوبهم هي نبضات قلوب شعبهم بينما أغلب النجوم السوريين لا يزالون يحسبونها ولهذا يؤيدون بشار أو يقفون على الحياد، والشعب السوري لا ينسى! سبق أن كتبت بعد سقوط بن علي وقلت على موقع الدستور الأصلي هل استوعب الفنانون المصريون الدرس من الفنانين التوانسة الذين آثر أغلبهم إمساك العصا من المنتصف وهو ما كرره أغلب النجوم المصريين فكان مصيرهم مثل زملائهم التوانسة قوائم العار وهو ما حدث مؤخراً مع عدد كبير من الفنانين السوريين؟! الشعوب تملك قوة سحرية ولا يمكن لأحد أن يتجاهل هذه القوائم.. في تونس مثلا منعوا في اللحظات الأخيرة لطفي بوشناق من الغناء في مهرجان لتأييد الثورة التونسية. في مصر لم يستطع عادل إمام أن يعرض مسلسله الرمضاني خوفا من المقاطعة. وفي سوريا من بين الأسماء التي اعتلت مكانة في قائمة العار النجم السوري جمال سليمان الذي صار عنوانا مميزا في العالم العربي للفن السوري، ولهذا يتطلع الجميع لمعرفة موقفه. أغلب النجوم السوريين أصدروا بيانا في بداية الثورة يعلنون فيه أنهم مع المطالب المشروعة للشعب وتطلعه للحرية إلا أنهم أيضا وراء «الأسد».. بيان توفيقي «نحن مع الشعب ومع الحاكم» هذه البيانات ترضي عادة كل الحكام ولا تنطلي أبدا على الشعوب ولهذا لم يتوقف الشباب الثوري عن فضح خنوع النخبة. جمال سليمان قرر مؤخرا أن يتوقف تماما عن الحديث في الشأن السوري بسبب الهجوم الذي ينهال عليه معللا أن الناس لا تفهمه رغم أن الحقيقة هي أن الناس تفهم أكثر مما يظن. الصمت لا يمكن أن يكون مقبولا من الفنان السوري بعد أن انتزع الأمن حنجرة مطرب غنى للثورة! في الأنظمة الديكتاتورية الثمن الذي يدفعه الفنان غال جدا لو أنه نطق مطالبا بالحرية لبلاده إلا أن الثمن الآن يصبح أفدح لو لم ينطق!