لم يبق غير الدكتور عصام شرف، الذى لم يعلن نزوله ميدان التحرير غداً.. الأحزاب تعلن نزول التحرير، ومرشحو الرئاسة يعلنون نزول التحرير.. وشباب الثورة سينزلون التحرير.. وكل المؤشرات تؤكد أنها ستكون جمعة مليونية.. خاصة بعد يوم البراءات فى محاكم مصر.. فقد قضت المحاكم دون اتفاق ب«6 براءات» لرموز النظام السابق، فى يوم واحد.. وكانت «صدمة» كبرى فى النيابة العامة! أما رد الفعل، فكان من المستشار عبدالمجيد محمود، فى لحظة صدور الأحكام، بالطعن عليها فوراً.. وهذا حق النيابة بالطبع.. ولولا هذا لما انتظرت الملايين حتى تخرج غداً.. وربما كانت المليونية أمس الأول.. ومن هنا يمكن أن نطلق على النائب العام أنه يعمل الآن رجل مطافئ لحرائق كثيرة تندلع فى طول البلاد وعرضها.. سواء بعد شائعات، أو أحكام فى محاكمات رموز الفساد! لم يكن أحد يتصور أن تصدر البراءات فى يوم واحد لكل من: أنس الفقى، ويوسف بطرس غالى، وأحمد المغربى، وياسين منصور، ومحمد عهدى فضلى.. ولم يكن أحد يتصور أن تكون البراءات بهذه السرعة، ولا بهذه الطريقة.. ولم يكن أحد يتصور أن تصدر قبل جمعة المصير.. ويبدو أنها جمعة مصير.. ولذلك كانت الصدمة فى الشارع، وفى النيابة أيضاً! هناك تفسيران بشأن هذه البراءات وطعن النيابة.. الأول: أن المحكمة استندت إلى أوراق وتحقيقات النيابة، كما استندت إلى أدلة.. وحول التحقيقات والأدلة كلام كثير.. فماذا تفعل المحكمة؟.. أما طعن النيابة فهناك جدل حول صدور الطعن قبل ظهور الحيثيات.. ورجح الخبراء أن يكون الطعن شعبياً وسياسياً أكثر منه قانونياً.. لكن يبقى القضاء على المحك فى الأيام المقبلة! فما هو السيناريو المتوقع فى هذه الحالة؟.. أتصور أحد أمرين.. الأول: أن القاضى سيحكم بالطريقة نفسها، دون تأثير للشارع الثائر.. الثانى: أن يتم التأجيل خشية الثورة، أو أن تقوم محكمة النقض فى تشكيلها الجديد بإحالة هذه النوعية من المحاكمات إلى دوائر أخرى.. وهناك احتمال بعيد أن يحتج القضاة على ثورة الشارع، ويصبح القضاة فى مواجهة الثورة.. وهذا هو الخطر! بالأمس كتبت أن الاختبار الأول كان ماركة سويسى.. حين تقرر الإفراج عن الضباط المتهمين بقتل ثوار السويس.. وسألت أسئلة محددة: هل نريد أن نعقد محاكمات عادلة أم محاكمات عاجلة؟.. هل نريد محاكمات سريعة أم متسرعة؟.. هل تكون قرارات المحكمة محل احترام أم لا؟.. فهناك أبرياء فى المحاكم، بقدر ما هناك مجرمون فى الخارج.. وهكذا ينبغى أن نتعامل مع الأحكام القضائية! لا يعنى هذا أننا نكتب بدم بارد.. ولا يعنى أن دماء الشهداء، قد تذهب هدراً.. ولا يعنى هذا أن نفرط فى المال العام.. بالعكس أولويتنا الشهداء أولاً.. ثم بعدها بألف نقطة المال العام.. لكن ما هو الطريق إلى أخذ حق الشهيد؟.. هل بإعلان الحرب.. أم بالتخريب وقطع الطرق وحرق المحاكم؟.. لا يوجد طريق آخر غير ساحات المحاكم.. لأن ثورتنا قدمت درساً رائعاً، وينبغى أن تستمر! ثورة الشارع على رأسنا.. لكن هناك من ينفخ فيها.. وهناك من يزايد على الثوار أنفسهم.. وهناك من يريدها ناراً وقودها الناس والحجارة.. ومن هنا كانت الصدمة فى الشارع.. وكادت تبكر بجمعة المصير.. لولا أن النائب العام تحرك فى الوقت المناسب، كرجل مطافئ ينتصر للثورة أولاً!