كشف مصدر قضائي وثيق الصلة بالمستشار محمود مكي، أن نائب رئيس الجمهورية المستقيل، يتعامل الآن على اعتبار أن استقالته التي تقدم بها قبل يومين، قد تم قبولها على الرغم من أن الرئيس محمد مرسي، لم يبلغه رسميًا حتى الآن بقبول الاستقالة أو رفضها. أوضح المصدر أن المستشار مكي متواجد في الإسكندرية منذ مساء أمس الاثنين، وأنه سيحضر للقاهرة بعد غد الأربعاء للمشاركة في الجلسة الخامسة للحوار الوطني برئاسة الجمهورية، وأنه سيعود للإسكندرية فور انتهاء تلك الجلسة لارتباطه بمواعيد بالإسكندرية يوم الجمعة المقبل، وأنه بدأ في التعامل على أنه بالفعل ترك منصب نائب الرئيس، ولكنه أدبيًا يمارس بعض المهام المطلوبة منه لالتزامه بها مع الرئاسة قبل تقدمه باستقالته ومنها جلسات الحوار الوطني، خاصة أنه كان قد أكد في بيان استقالته أنه سيظل في خدمة الوطن دائما بعيدًا عن أي مناصب. وشدد المصدر على أن كل ما تردد عن وجود اتجاه لتعيين المستشار مكي كنائب عام أو رئيس للمحكمة الدستورية غير صحيح، فالنسبة لمنصب النائب العام فإن مكي لن يفكر أبدا في المغامرة مرة أخرى بوضع يجعله في صدام مع القضاة، خاصة أن السبب الرئيسي في استقالته من منصب نائب الرئيس هو شعوره بالصدام مع القضاة، وأن مهامه السياسية في هذا المنصب لا تتفق تماما مع تكوينه القضائي. وشرح المصدر الأمر قائلا إن تعيين مكي كنائب عام يتطلب أولا تقديم طلب منه للعودة للقضاء ولو تم قبول طلبه سيعود قاض بمحكمة النقض وبعدها يقوم مجلس القضاء بترشيحه لمنصب النائب العام ضمن أخرين، ثم يصدق الرئيس على تعيين أي من المرشحين كنائب عام، وشدد المصدر على أن محمود مكي أذكى من أن يفعل هذا؛ ليحصل على منصب سيجعله في صدام مع القضاة. وعن القصة المثارة بشأن تعيين مكي كرئيس للمحكمة الدستورية العليا شدد المصدر على أن هذا الأمر بعيد كل البعد، ولا يتصور قبول مكي به، نظرا لأن قانون المحكمة الدستورية حاليا يفرض تعيين رئيسها من بين أقدم 3 نواب لرئيسها الحالي وتختاره الجمعية العامة للمحكمة وترسل الاختيار لرئيس الجمهورية للتصديق عليه فقط، ومن ثم فإن تعيين مكي كرئيس للمحكمة الدستورية يتطلب أولا تعيينه كقاض بالمحكمة، وقال المصدر إنه من المستبعد تماما أن يقبل مكي ذلك. وأوضح المصدر أن مكي من الأساس لم يفكر حتى هذه اللحظة في العودة للعمل بالقضاء، كما أنه من المستبعد أن يعدل عن استقالته ويقبل الاستمرار في منصب نائب الرئيس لو رفض مرسي الاستقالة. وقال المصدر: إن مكي يشعر أنه تعرض لحرج كبير أمام الرأي العام بسبب قرارات الرئاسة، وإن هذا الحرج بدا عليه في المؤتمرات الصحفية التي كلفه الرئيس بالظهور فيها لشرح وتوضيح بعض الأمور وخاصة في أزمة النائب العام والإعلان الدستوري. وأوضح المصدر أن العبارة التي صاغها مكي في بيانه بأن تكوينه المهني لا يتناسب مع العمل السياسي هي نفسها الجملة التي توضح السبب في قبوله أن يظهر للدفاع عن قرارات قد لا يكون مقتنعا بها، حيث أن التكوين المهني للقاضي هو الدفاع عن دائرته القضائية وأحكامها والالتزام بها حتى وإن كانت له بعض الملاحظات عليها، ومن ثم فمكي كان يعتبر نفسه قاضيًا حتى وهو في الرئاسة، ومن ثم وجب عليه الالتزام والدفاع عن كل أفعال تلك المؤسسة باعتبار أنه في الأساس قبل منصبه بها من أجل خدمة الوطن، وأنه يثق بأن تلك المؤسسة تعمل لصالح الوطن. وشدد المصدر على أن الدفاع عن القضاء والالتزام به يختلف عن الدفاع عن الرئاسة، لأنه في الأولى يكون القاضي معروفًا أنه يدافع عن المؤسسة القضائية وهو في النهاية مجرد قاض بها وملتزم بقانونها، ولكن في الرئاسة الوضع مختلف لأن هذا عمل سياسي، ويتم الربط مباشرة في أذهان الناس بين الدفاع عنها وعن الحصول على مصالح أو الدفاع عن مناصب وأشخاص، وهذا ما شعر به مكي أخيرًا، مما دفعه لتقديم استقالته مرتين ويصر عليها وأعلنها للرأي العام. وختم المصدر بأن يكون مكي نفسه لو التزم بمهمة أو كلمة مع شخص يصر على تنفيذها مهما خسر من وراء ذلك، ولكن حينما يشعر بأن الأمر لا يتناسبه فإنه يتركه فورا ولكن دون أن يسبب أزمة للطرف الأخر، فضلا عن أن الدستور الجديد رغم أنه لا يحظر على الرئيس تعيين نائب له، فإن هذا الدستور نفسه لا يسمح للرئيس بتفويض نائبه في أي من اختصاصاته، مما يجعل منصب نائب الرئيس مجرد مندوب شخصي له.