منذ اللحظات الأولى للدورة ال16 من فعاليات مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة، والتى انطلقت يوم الثلاثاء الماضى، طغت روح المقاومة على كواليس ومظاهر المهرجان الذى يترأسه د. كمال عبدالعزيز، ويديره المنتج والسيناريست محمد حفظى، فهى مقاومة ضد الرجعية، ومحاولة تضيق الخناق على الأفكار، ورفض لأخونة الدولة ووزارة الثقافة، ففى حفل افتتاح المهرجان تعالت الأصوات المطالبة برحيل وزير الثقافة علاء عبدالعزيز، ورفع العديد من السينمائيين لافتات ضد وجوده على رأس الوزارة، وهو ما جعله لا يحضر حفل الافتتاح، حيث علم مسبقا بما سوف يشهده الحفل من مظاهرات ضده، كما أن محافظ الإسماعيلية اللواء جمال إمبابى تراجع عن حضور حفل الافتتاح، وأرسل أحد مساعديه بدلا منه، وهى من المفارقات النادرة فى حفل افتتاح المهرجان ألا يحضر وزير الثقافة والمحافظ، وتنتصر إرادة السينمائيين، بل إن المخرج مجدى أحمد على أعلن قبل بدء المهرجان أنهم كسينمائيين سيظلون يطاردون وزير الثقافة فى أى مناسبة فنية حتى يرحل عن الوزارة. ومما يؤكد أن الدورة ال16 تحمل فى طياتها روح المقاومة والتمرد ذلك الوجود القوى لحركة «تمرد»، حيث وقع العديد من ضيوف المهرجان وحفل الافتتاح على استمارة «تمرد» داخل وخارج قاعات السينما، وقصر ثقافة الإسماعيلية، ومنهم النجم عمرو واكد الذى أعلن مساندته للحركة، كما أن هاشم النحاس، مؤسس المهرجان، أكد فى كلمته أن الدورة الحالية هى دورة مقاومة للأفكار الرجعية. بل إن منظمى المهرجان تعمدوا إغفال وإسقاط اسم وزير الثقافة من على أى «كاتالوج» أو كتيب خاص بالمهرجان و«الأفيشات» ومطبوعات الدورة ال16 كتعبير منهم عن رفضهم لوجوده فى الوزارة، وهو الأمر الذى اعتبره الكثيرون من حضور المهرجان شجاعة من رئيسه د. كمال عبدالعزيز، وهو رئيس المركز القومى للسينما أيضا، والذى أكد فى حفل الافتتاح أن المهرجانات السينمائية باقية، وأنه لا يستطيع أحد أن يعرقل مسيرة مهرجان الإسماعيلية الناجحة. ويحمل «أفيش» المهرجان إسقاطا مباشرا على الواقع الذى تعيشه مصر حاليا، وهو ما أكده مدير المهرجان محمد حفظى، حيث قال إن «الأفيش» يشبه المتاهة التى تسير فيها مصر حاليا، ولا أحد يعلم متى الخروج منها. ويرى رئيس مهرجان الإسماعيلية كمال عبدالعزيز أن دورة هذا العام أقيمت فى ظل مناخ متوتر للغاية، وبالتحديد بالنسبة لوزارة الثقافة، مشيرا إلى أنه يسعى لتقديم مهرجان مميز على الرغم من الظروف حوله، حيث أكد أنه حرص على أن يجمع أفلاما تتحدث عن مدن القناة، وبالتحديد محافظة الإسماعيلية، ويتم عرضها بالمهررجان، وبعدها تعرض بمحافظتى السويس وبورسعيد. وأشار رئيس المهرجان إلى أن المظاهرات والهتافات المطالبة بإقالة وزير الثقافة تؤكد أن هناك حرية للرأى والتعبير بالنسبة للسينمائيين، فبعض المثقفين قاموا بالهتافات ضد الوزير، ثم قاموا بالمشاركة فى فعالياته. وأوضح المنتج والسيناريست محمد حفظى، مدير المهرجان، أنه تم الاستعداد جيدا لدورة هذا العام، فتم اختيار لجنة التحكيم والأفلام المشاركة والضيوف والمكرمين بعد استغراق شهور طويلة. وبشأن غياب وزير الثقافة عن حفل الافتتاح خوفا من الهتافات ضده، قال حفظى: لا يشغلنا الأفراد أيا كانوا بقدر ما تشغلنا الأفلام المشاركة والفنانون المشاركون، لأن بتوافر هذين العاملين نستطيع إقامة المهرجانات. النجم عمرو واكد صرح ل«اليوم السابع» بأن دورة مهرجان هذا العام مميزة عن سابق الدورات السابقة، حيث يتواجد بها العديد من الدول الكبرى المشاركة، مثل فرنسا وإسبانيا والسويد وتركيا والعراق ولبنان، هذا بالإضافة إلى أنه كان هناك إقبال على المشاركة فى المهرجان، حيث تم إرسال عدد ضخم وكبير من الأفلام كى تشارك فى دورته هذا العام، وصل عددها إلى 850 فيلما، لكن إدارة المهرجان واللجنة المشرفة على اختيار الأفلام المشاركة قد اختارت 70 فيلما، منها 10 أفلام تعرض لأول مرة فى الشرق الأوسط بأكمله، موضحا أنه للعام الثانى على التوالى يحضر مهرجان الإسماعيلية، لافتا إلى أن دورة هذا العام تم بذل جهد كبير فيها. وعن رأيه فى الهتافات ضد الوزير أمام قصر ثقافة الإسماعيلية، وأثناء إقامة فعاليات حفل افتتاح المهرجان، أوضح واكد أن هذه الهتافات لا تؤثر على فعاليات المهرجان على الإطلاق، بل تؤكد للحاضرين والمشاركين فى فعاليات المهرجان- خاصة الضيوف القادمين من دول أخرى سواء أكانت أوروبية أم عربية- أننا كمثقفين ومبدعين نرفض هذا الوزير. وأكد المخرج مجدى أحمد على أنه حرص على المجىء لمهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية فى دورته السادسة عشرة لعدة أسباب، أولا لأنه يحمل ذكريات طويلة مع هذا المهرجان، وكان رئيسا له فى دورته السابقة، فضلا على رغبته فى الوقوف مع المتظاهرين والرافضين لوزير الثقافة. أما فيما يتعلق بالعروض السينمائية، فيشهد المهرجان عرض العديد من الأفلام بمسابقاته المختلفة، ففى مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة تعرض أفلام مهمة، منها «عالم ليس لنا» من لبنان ، إخراج مهدى فليفل، والفيلم الهندى «تشار.. منطقة محرمة»، إخراج سوراف سارانجى، وأيضا الفيلم المصرى الإماراتى «البحث عن النفط والرمال»، إخراج وائل عمر وفيليب إل ديب، ويقدم الفيلم شخصية المؤرخ محمود ثابت الذى ورث عن عائلته قصراً يرجع تاريخه إلى الفترة الملكية، ويقوم ثابت فى الفيلم بتتبع قصة صناعة فيلم النفط والرمال، وهو فيلم 8 مللم قام والداه بتصويره، وشارك فيه أعضاء من العائلة المالكة وحاشيتها قبل أسابيع معدودة من خلع العائلة الملكية المصرية فى انقلاب 1952.