ماذا تفعل حواء إذا شعرت بقلة اهتمام شريك حياتها بسبب انخراطه في دوامة الحياة التي لا ترحم، وكيف تتصرف الزوجة إذا لمست "عزوف" زوجها عن مبادلتها المشاعر الرومانسية لانشغاله بالأحداث السياسية مثلا.. وهل تفقد المرأة مشاعرها بتقدم السن؟ في الواقع الإجابة على هذه التساؤلات جاءت فورية وحاسمة.. فالمرأة في أي مرحلة من حياتها "يطير عقلها" ويمكن أن تفعل أي شيء إذا أحست بال"تهميش".
الجريمة الماكرة
وهذه ليست مبالغة لأنها حدثت بالفعل منذ أيام حين لجأت زوجة تعاني من إهمال زوجها إلي حيلة ماكرة مجنونة ألقت بها في غياهب السجن، حيث هجرت "عش الزوجية" وأقامت لدي صديقتها وزعمت تعرضها لجريمة خطف، وطلبت من نجل صديقتها الاتصال بزوجها وإيهامه بأن المختطف يطلب فدية قدرها 300 ألف جنيه، وذلك بعد أن شعرت بإهمال زوجها وأبنائها لها وذلك علي طريقة فيلم "جعلتني مجرما".
وعلى الفور تقدم كل من الزوج، رجل أعمال، والإبن، مهندس، ببلاغ إلى اللواء أسامة الصغير، مدير الادارة العامه لمباحث القاهرة، باختطاف السيدة المبلغ عن اختطافها والتي تقيم بشارع عبد العزيز فهمي، مساكن شيراتون بمصر الجديدة، وذلك لدى خروجها لشراء بعض الاحتياجات المنزلية من سوبر ماركت بشارع خالد بن الوليد، وقال الزوج في بلاغه أنه تلقى اتصالا من هاتف الزوجة تحدث خلاله أحد الأشخاص وطلب منه 300 ألف جنيه نظير إطلاق سراحها.
ومن واقع التحريات تبين أن السيدة المختفية توجهت لشراء احتياجاتها مستقلة سيارة نجلها التي كان يقودها سائقه الخاص، إلا أنها غادرت السيارة بمحض إرادتها وأمرته بالانصراف بحجة أنها ستركب تاكسيا لتتنقل كيفما شاءت، وباستكمال التحريات وجمع المعلومات أمكن التوصل إلي أن المتغيبة تقيم لدي إحدي صديقاتها المقيمة بمنطقة عين شمس.
وذهبت قوة من الشرطة فوجدتها هناك وبمناقشتها قررت أنها توجهت إلي صديقتها بمحض إرادتها وطلبت منها الإقامه لديها لمرورها بحالة اكتئاب وشعورها بالضيق، وافتعلت البلاغ لرغبتها في زيادة اهتمام أهلها بها، وفي سبيل ذلك طلبت من نجل صديقتها الاتصال بزوجها وطلب الفدية لترى مقدار معزتها لدى الزوج والابن اللذان اعتادا على إهمالها في الآونة الأخيرة، وانشغلوا عنها تماما فقررت جذب انتباههم إليها حتى لو بهذه الطريقة التي قادتها في النهاية إلى النيابة حيث تم احتجازها وتوجيه تهمة البلاغ الكاذب لها.
العش الصامت
ورغم طرافة هذه الواقعة ،التي قد يراها البعض باعثة للضحك، وندرة حدوثها وعدم جواز تعميمها كظاهرة إلا أن علماء الاجتماع يرون عكس ذلك، فيرى الخبراء أنها تضع أيدينا على عدة نقاط غاية في الأهمية لا يمكن تجاهلها، لعل أولها مدى تعطش المرأة في أي سن وتحت أي ظروف للشعور بقيمتها التي يمنحها لها الزوج والأبناء عبر إبداء المشاعر الرقيقة والاهتمام المستمر بها، إلى جانب إدراك أن تقدم عمر النساء لا يحرمهن هذا الإحساس بالحرمان العاطفي بل ربما على العكس يزيد من تأثيره.
كما تفتح هذه الواقعة المجال للحديث عن المسئولية التضامنية في الحفاظ على كيان كل أسرة، فدائما الزوجة هي المطلوب منها أن تحافظ على بيتها وتتحمل الصعاب وأحيانا الأهوال لعدم هدم هذا "العش الصامت" ، ودائما مطلوب منها أن تعذر زوجها وأبنائها المشغولين عنها بمطالب الحياة.
لكن في الوقت ذاته لا يجب إطلاق هذه المسئولية على الزوجة وحدها، فالزوج أيضا لا بد أن يكون شريكا إيجابيا في جميع هذه المسئوليات، فجميع الدراسات الاجتماعية تؤكد أن وجود أي خلل في العلاقة بين الطرفين الزوج والزوجة قديؤدي إلى الفشل ،حتى وإن طال الوقت، نجد أن النهاية المحتومة هي الإنفصال.وإن تأجل فترة سواء من جانب الزوجة أو من جانب الزوج.
لذا ينصح الخبراء النفسيون بضرورة أن تبنى العلاقة الزوجية من البداية على أسس سليمة من جانب الطرفين، وفهم كامل لمعاني الحب والزواج والمسؤولية وعدم إغفال الإستيعاب العاطفي .
يالحب يالدفع..!
وفي دراسة مهمة لها تقول الدكتورة فيروز عمر، إستشارية الطب النفسي ورئيسة جمعية "قلب كبير" أن العلاقة الاجتماعية بين الرجل والمرأة داخل البيت الواحد أصبحت دائماً في توتر، فأغلبها إما تنافس أو ندية أو غضب أوقهر أو حتى إهمال .. وهذا ما يمكن وصفه بالصمت القاتل بين الأزواج والنتيجة في النهاية مشاكل وخلافات يدفع ثمنها الجميع.
وتضيف د.فيروز: ربما لاتحتاج المرأة أن تسأل نفسها عما إذا كان زوجها يحبها أم لا، لأنها ببساطة تكتفي بالشعور بهذا الإحساس الذي يضفي عليها راحة نفسية لا تقدر بمال ، فإن كانت الزوجة تحب زوجها فبالتأكيد من حقها أن يبادلها نفس الشعور ونفس الرغبة في البقاء وإستمرار الحياة، فالزواج عشرة ومواقف ومعاملة وحب ومودة ورحمة ومسؤولية، وكل زوج يخلي باله من زوجته بدل ما تيجي له مكالمة تطالبه بمبلغ وقدره..!