اعتاد العرب ان يشاهدوا أسلافهم في الأفلام وعلى رأسهم أبو جهل وأبو لهب مدمني خمر أو قاتلي بنات، ولكن الباحث والأكاديمي السعودي د. مرزوق بن تنباك ينفي تلك الصورة النمطية ويؤكد أنه مازال عند موقفه من أن قضية وأد البنات "وهم تاريخي وكذبة لفّقها بعض الرواة للعصر الجاهلي، واخترعوها من الخيال الشعبي لأغراض التذكير والتفضيل"، مشيراً إلى أن ما تضمنه كتابه الشهير حول ذلك هو "نتيجة لسبعة أعوام من البحث والتمحيص". وكان د. تنباك قد أطلق شكوكاً حول وأد البنات عند العرب في أحد أبرز كتبه التي أصدرها بعنوان "الوأد عند العرب بين الوهم والحقيقة" أثار حفيظة الكثير من الباحثين والمتابعين، حيث ناقش الكتاب الذي أصدرته مؤسسة الرسالة قبل سنوات بشكل علمي ما رددته المصادر العربية والمحفوظات عن قيام العرب بوأد بناتهم ودفنهن وهنّ على قيد الحياة. وقال: "كنت أرى ما يراه الناس في هذا الموضوع, وهو أن الوأد كان موجوداً في الجاهلية ثم سألت نفسي لماذا وأد العرب بناتهم؟! ولماذا اختاروا الوأد بالذات؟! ثم بدأت أبحث في هذا الموضوع, كانت رواية فردية". واعتبر د. تنباك أنه من الغريب تلك القناعة التي تولدت لدى كثير من الناس من أن الوأد حقيقة مسلّم بها، معتبراً أن ذلك يقلل من "كرامة العرب". وخلال مسيرة من البحث في الكتاب يتوصل الكاتب إلى أن جلّ الروايات التي تتحدث عن الموضوع اعتمدت على قصة أقرب ما تكون إلى الوضع والانتحال، من وجهة نظره، خاصة أنه "عندما أرجعت الروايات إلى مصادرها الأصلية ازداد لديّ الشك". وقال "إنه يتحدى - ومن خلال كتابه - إثبات صحة أي دليل يصلح لتوثيق (الوأد عند العرب) بالطريقة التي تنقلها الأخبار والروايات". ويسوق بن تنباك عدداً من الأدلة منها ما توصل إليه مما ذكره الرازي في "مفاتيح الغيب" من أن الرجل في الجاهلية إذا ظهرت آثار الطلق على امرأته توارى واختفى عن القوم إلى أن يعلم ما يولد له، فإن كان ذكراً ابتهج به، وإن كان أنثى حزن ولم يظهر للناس أياماً يدبر فيها ماذا يصنع بها. ومن أبرز من علّق على ذلك الدكتور سعد بن ناصر الشثري الذي رأس لجنة لمناقشة ما ورد في الكتاب، حيث قال: "الدكتور ينفي تخصيص وأد البنات عند العرب خاصة، وبالتالي فهو لا يعارض ما ورد في النصوص، وهو اجتهاد من الدكتور نخالفه فيه، ومن ثم توجهت اللجنة إلى أن هذا اجتهاد من الدكتور، والقضية محتملة للاجتهاد وليست قاطعة، وإن كنا نخالفه الرأي في مثل هذا الرأي". فيما قال الداعية الدكتور محمد النجيمي: "ما أورده الدكتور بن تنباك محتمل فعلاً، فهو لا ينكر قضية الوأد عند العرب ولكن خصّ نقطة معينة اجتهاداً منه، وإن كنا نختلف معه في هذا تماماً، لكن هذا من القضايا التي يسوغ فيها الاختلاف، علماؤنا قرأوا الموضوع ووجدوا أنهم لا يتفقون مع ما كتب لكن القضية هي قضية رأي واجتهاد". يُذكر أن الأكاديمي بن تنباك شخصية علمية تحظى بتقدير كبير وله آراء أخرى مثيرة للجدل، مثل موقفه ضد إغلاق المحال وقت الصلاة فقد رأى الدكتور بن تنباك أن نداء (صلوا) بدأ في عهد الملك عبدالعزيز ولم يكن في ذلك الوقت مَنْ لا يغلق دكانه يؤخذ لقسم الهيئة، موضحاً أنه ليس ضد النداء للصلاة لكن ليست هناك عقوبة ضد من لم يذهب إلى المسجد، معتبراً أن "التيار الديني لو رُشّد لنجح". ومن آرائه الأخرى التي أثارت الجدل ما نقلت عنه صحيفة "الحياة" اللندنية قوله في محاضرة بنادي نجران الأدبي إن "العلمانية تحافظ على كرامة الإنسان وعلى شعائره وحقه في الوجود". مشيراً إلى أن "علمانية بريطانيا اليوم لم تمنع 1500 مسجد ومركز إسلامي، ولم تمنع أيضاً أكثر من 3 ملايين مسلم يعيشون فيها". مضيفاً أن تطبيق الليبرالية في أوروبا اليوم لم يمنع ما يمثّل أصول ومظاهر الدين الإسلامي الحقيقية