في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي منعت إدارة معرض تونس للكتاب كتابين لاثنين من المثقفين المصريين الأقباط بحجة أن بهما «فكرا إسلاميا ظلاميا».. الكاتبان هما الراحلان الدكتور غالى شكري والكاتب الصحفي موسى صبري، أما الكتابان فكانا «الأقباط في عالم متغير» و«50 عاما في قطار الصحافة». هذه الحالة تكشف إلى أي حد يتم التعامل بعشوائية مع الكتاب في المعارض العربية، حيث يتم أخذ الكتب بالشبهة كما حدث في المعرض ذاته مع كتاب «حصاد السنين» للمفكر الكبير الراحل الدكتور زكى نجيب محمود لأن موظفا بالمعرض قرأ عنوان الكتاب على أنه «حصار السنين». ومن الثمانينيات إلى الأسبوع الماضي تبدلت أشياء كثيرة في عالم النشر والرقابة، غير أن تعامل المعارض العربية مع الكتاب بقى محكوما بعقلية الحظر والمصادرة، والمفاجئ هذه المرة أن معرض الكويت للكتاب توسع في قوائم الممنوعات التي حفلت بعشرات العناوين لمفكرين وأدباء كثيرين من مصر والدول العربية. ووصل الأمر إلى قيام السلطات الثقافية في الكويت إلى تشميع فرع مكتبات فيرجين بالشمع الأحمر لأنه عرض رواية علاء الأسواني «شيكاغو». ورغم تباين آراء الكتاب المصريين الذين تقرر منع كتبهم من المشاركة في معرض الكويت الدولي للكتاب، فإنهم اتفقوا على أن الخاسر الأكبر هو القارئ الكويتي الذي سيُحرم من قراءة الأعمال الممنوعة، إضافة إلى أن هذا يلعب دورا في دعم فكرة الانغلاق الفكري والثقافي التي يعانيها الكتاب العربي طوال عمره، خصوصا أنه لا يوجد بها ما يستدعى المنع، أو المصادرة.. ولكنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها منع كتب مصرية من المشاركة في معارض الكتاب العربية.. فنفس الدول تمنع أعمالا من بلاد أخرى، ولكن عادة يكون الكم الأكبر من مصر، وهذا طبيعي لأن معظم الإنتاج الفكري العربي قادم من مصر، ومعظم الأقلام التي تضيف إلى الفكر العربي مصرية.