صدر مؤخرا للكاتب والصحفي التونسى محمود الحرشاني مدير مجلة مرآة الوسط كتاب جديد يحمل عنوان "قول على قول" ضمن سلسلة تحمل عنوان من "الاثيرالى المكتوب" وهي تعنى بنشر محتويات برامج اداعية ناجحة في كتب. وجاء الكتاب في 64 صفحة من القطع المتوسط وضمنه الكاتب نصوص برنامج اداعي انتجه بالعنوان نفسه باداعة صفاقسالتونسية واهتم فيه باشهر مقدمات الكتب التونسية والعربية. وناقش المؤلف في هدا الكتاب هده المقدمات مبديا رايه فيها وموضحاً ان المدونة الادبية احتفظت لنا بمقدمات شهيرة لكتاب مشهورين في المشرق والمغرب واحيانا ياخد الكتاب قيمته من المقدمة ومن شهرة كاتبها. واهم المقدمات التي تناولها الكاتب هي مقدمات لكتب اغلبها تونسية ما عدا مقدمتين لكتاب مترجم وكتاب رسائل عسان كنفاني التى كتبتها غادة السمان باعتبار ان الرسائل موجهة اليها. بقية المقدمات تناولت كتب تونسية مثل كتاب فصول في التجديد والاصلاح للهادي العبيدي وديوان الوجد لجميلة الماجري وديوان مطر على قرطبة لعبد السلام لصيلع وديوان خزندار وكتاب نخنن نمشى لمصطفى خريف ومقالات وفصول محمد المهي بن ناصر وصخب الامواج للحبيب براهم و ومعلم بلا عصا لمحمد كمون وكتاب هده المقدمات هم الشادلي القليبي وتوفيق بكار ومحمد البدوي ومحي الدين خريف والمرحوم حمادي الساحلي. وبهدا الكتاب يعزز محمود الحرشاني رصيده من الكتب المنشورة وعددها عشرة كتب في اغراص مختلفة فصلا عن عمله في الصحافة وانتاج البرامج الاداعية الادبية والثقافية.
وكان قد صدر له سابقاً كتاب «فيض الوجدان» وهو رحلة في أعماق الذات والآخرين وقد كتب عنه الاستاذ محسن الحبيب وهو مدير معهد ثانوي متقاعد وكاتب ما يلى : هو يعرف أنني أعشق الكتب وأحن إليها وأسامرها وأعاشرها وألامسها.. وأجلّ ذويها، فأهداني كتاب «فيض الوجدان» فوجدته رئي المنظر غريّه وبعد أن جسّته أناملي وداعبه بصري أحسست برغبة في محادثته والاشتغال به مستحضرا قول المتنبي: أعز مكان في الدنيا سرج سابح وخير جليس في الأنام كتاب. ولأنه فصول ومقالات بدأته من حيث انتهى متمتعا في فهرسه الذي ضم بعد الاهداء وكلمة أولى تطل عليك 34 مقالة فاتحتها دراسة حول شاعر تونس أبي القاسم الشابي بمناسبة الاحتفال بمرور مائة عام على ولادته. أغلب المقالات نشرت سنة 2009، وثلاث مقالات فقط بما في ذلك الفاتحة من مواليد 2010، وخمس مقالات لم تنشر سابقا أو لم يؤرخ نشرها، واحتضنت وجدانيته في الرتبة الأولى صحيفة «الصريح» ثم مجلة «مرآة الوسط» التي أسسها ويديرها ويرأس تحريرها ثم الموقع الالكتروني «دنيا الرأي» فصحيفة «الصحافة» و«الحرية» و«العربي» ثم مجلة «العربي» الكويتية وقد تنشر الخاطرة الواحدة في أكثر من وسيلة إعلام مكتوبة. وقد جاء في الفاتحة قوله: «.. مما شجعني على جمع المقالات التي كنت أنشرها في كتاب» ولأنه «مدين للصحافة بأنها أدخلته الى عالم الأدب..» فإن وجدانيته هذه غلبت عليها المسحة الصحفية من منطلق المحبة الصادقة لتونس، وهذا لم يقصه عن مواكبة الأحداث وتسجيلها حسب رؤية لها. ومن بين ما ضمّه الكتاب نجد ما يمكن أن تطلق عليه بالاخوانيات.. (رسالتان من الكاتب جمال الغيطاني وذكريات في البال مع الأديب الراحل محمد صالح الجابري ومع محمد المحسن البواب قبل رحيله..) ولئن تجلى وبدا في هذه الباقة شيء من ذاته ومن ميزاته ومؤهلاته.. فإنك واجد ذلك أكثر في وجدانيته.. (خواطر مصطاف، واليوم عيد ميلادي، ولا تستغرب وزير على خط هاتفي، وأشجار في حديقة العمر..) والذاتية عنده كانت متفتحة ومنطلقا لتبرز أبعاد ومواقف ورؤى.. تبيّن منها جوانب اجتماعية وهمسات نقدية لا تخلو من التقويم بدلالتيه: الاستهجان والاستمرار. فإذا قربته مهمته الصحفية من السياسة التي اختارها وآمن بها فإنه عدل فكره وضبط نبضات قلبه على مقاصد سياسية ورغم أنها محددة ومؤطرة زمانا ومكانا لرهافة حسّه ويقظة فكره لم يفصمها، ولم يقيدها بحاضرها إنما أوما لما مضى وتشوف ورنا وتطلع من منظارها المتفائل للاتي متوقفا عند كل اللحظات التي تشير وتبشر بصيرورته. ولا تثريب عليه أن يكون ذاتيا في فيض الوجدان لأنه في خلجات نفسه وفي أغوار فكره يرى الآخرين، وبفيض أحاسيسه يستحضر الأحداث والمناسبات ليعرضها على ميزان عقله بكل ما حوى من قيم ومواقف ومعايير يجسم ذلك دون أن ينصّب نفسه مؤرخا أو باحثا اجتماعيا أو محللا سياسيا أو متبحّرا في علم الاقتصاد أو متخصصا في أحد فروع المعرفة.. وإن لم يدع ذلك فإنك تحصد من فيض وجدانه شيئا من ذلك أو تذكيرا به.. يحمل بصماته وخياراته وميوله وطموحاته.. مصاغة بأسلوب سلس عذب لا يفرض ولا يتسلط ولا يتعالى، إنما يحاورك ويثيرك ويحرك سواكنك ليكون لك منه موقف.. ومهما باينته فلا أحسبك تنكر عليه أنه شدّك إليه بآرائه وبرؤيته. والكتاب من أي باب قصدته تلقى فيه جزءا من نفسك ومتاح لك أن ترفضه.. أو تقبله والأثر الذي يحقق ذلك جدير بأن تصادقه وتقرأه ووقتها يصبح جديرا بالاقتناء.