.. وانتهزت هي الفرصة.. صارحته بأنها لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي أمام ألسنة الناس التي تتهمها في شرفها!!.. عرض الزواج عليها.. كان المرض قد اشتد عليه.. وحاجته الي ممرضة أصبحت ضرورة ملحة.. فلا هو يتعاطي الدواء بانتظام.. ولا هو قادر علي فتح شهيته للطعام رغم كل الأدوية التي منحها له الأطباء.. لكن معها كان يأكل ويضحك.. وأحيانا يغني! وتم الزواج وسط دهشة الوسط الفني! لقد هربت من أسرتها وهي صغيرة! هجرت زوج أمها القاسي وزوجة أبيها التي عذبتها في كل مرة شاهدتها فيها.. خرجت الي الشارع بحثا عن وظيفة في الشركات والمحلات والفنادق والمكاتب.. إن مشكلتها مشكلتان.. الوظيفة والمأوي.. العمل والمكان الذي ستبيت فيه.. لم تضع منها دقيقة واحدة في رحلة البحث بعد أن هربت من أسرتها.. لكنها دائما كانت تجد الوظيفة وتفشل في الحصول علي مسكن يأويها ويقيها من ذئاب الليل وناهشي لحوم النساء!.. الي أن صعدت الي مكتب أحد المنتجين.. توسلت إليه أن يسمح لها بالعمل في المكتب والمبيت به أيضا.. سألها ماذا تجيد من أعمال.. أجابته في ثقة بأنها تجيد صنع الشاي والقهوة والقرفة!.. قهقه المنتج السينمائي بصوت عال.. وعاد يسألها بوضوح.. «تعرفي ترقصي».. انفرجت أساريرها.. وصاحت دون أن تتردد.. «ده أنا أستاذة يا بيه»!!!. نظر إليها صاحب المكتب طويلا.. احتسي كأسا جديدا من «الفوديكا».. وبعينين محمرتين أعاد إليها النظر من جديد.. ثم خبط يديه في بعضهما البعض وهو يطلب منها أن يتأكد بنفسه.. وفي لمح البصر أحضروا لها ملابس الرقص بينما كانت أصابع صاحب المكتب تتلاعب فوق «البنورة الزجاجية» بنغم راقص.. وإذا بالفتاة التي بدأت حديثها جادة تتحول الي أنثي طاغية المفاتن.. وتتوالي اللحظات الي أن تضعف ارادة الاثنين في لحظة واحدة! اعتاد صاحب المكتب إنهاء كل لياليه بتلك السهرة الخاصة.. كانت تشعره خلال ساعات الليل أنه شهريار الذي ينتظره الليل وتشتاق إليه الحسناوات كلما غابت الشمس!.. وكان يزداد اقتناعا بكل كلمة تنطق بها مع كل كأس جديد من مشروبه المفضل.. وقبل إشراقة كل فجر.. وكلما ازداد جسدها توهجا في عينيه.. همست له بمطلب جديد.. نقلها من بوفيه المكتب.. الي السكرتارية.. ومن السكرتارية الي مديرة مكتبه.. ثم بدأ يسند إليها أدوارا ثانوية اقرب الي أدوار الكومبارس في الأفلام التي ينتجها! نجمات السينما اندهشن من البنت «الغلبانة» التي لحست عقل المنتج وسحبت البساط من تحت أرجلهن جميعا.. لقد استأجر لها شقة خاصة.. وطلب إليها أن تتفرغ له تماما من الواحدة صباحا وحتي السادسة صباحا ليعلمها كيف تصبح نجمة ! ذهبت زوجة المنتج الي الكومبارس التي استولت علي زوجها تدريجيا.. اقتحمت شقتها.. ضربتها وشتمتها وسبتها بأقذع الألفاظ.. لكن زوجها المنتج صفعها علي وجهها.. طردها.. صاح فيها إنها لو تجرأت علي صديقته مرة أخري فسوف تجد نفسها في الشارع في كشوف المطلقات «وخرج البيوت»! الجميع مندهش من سر الكومبارس التي أخضعت المنتج الكبير لها!.. لم يكن أحد يعلم أنها تؤكد له كل ليلة أنه غاية في الوسامة بينما زوجته تعايره بكرشه المتدلي فوق بطنه.. تؤكد له أنه قمة في الرشاقة بينما صديقاته وكل معارفه يشعرونه بأنه بدين، ثقيل الوزن.. تؤكد له أنه واسع الثقافة بينما هو معروف بين المنتجين بأنه وحيدهم الذي لم يحصل علي أي مؤهل(!).. تؤكد له أن همساته أرق من أغنيات عبدالحليم حافظ بينما صوته الخشن الجاف تتحمله ممثلات أفلامه بمشقة.. تؤكد له أن ملامحه عاطفية وكان يصدقها حينما تقنعه ان عينيه أجمل و أكثر اتساعا من عيون عمر الشريف!.. ارتبط بها كما لم يرتبط بأنثي من قبل.. لم يحرمها من إجابة كل طلباتها ما عدا نجومية السينما.. فهو منتج محترف وخبير بالشباك ونفسية الجماهير وأذواقها.. خشي من أن يتحمل مسئولية صنعها واكتشافها وتقديمها في أدوار البطولة المطلقة. فإذا بالكومبارس تتحول عنه.. يقل عطاؤها، يتبدد مديحها الدائم له.. راح يسترضيها بكل السبل، لكنه فشل، وعدها بأن يفكر جديا في تقديمها في أحد الأدوار الهامة.. لكنها ألقت علي مسامعه بالقنبلة التي أذهلته وأطارت أعصابه.. أخبرته أنها سوف تتزوج قريبا من النجم السينمائي الكبير!! من هو هذا النجم؟؟ ممثل قدير.. لعب كل الأدوار علي الشاشة الكبيرة رغم انه بدأ العمل في التمثيل في سن متأخرة .. لمع في أدوار الفتي الأولي سنوات طويلة متصلة.. تهافتت النجمات علي الوقوف أمامه.. قام ببطولة روائع السينما المصرية فحقق نجاحا غير مسبوق.. لم يعتمد علي وسامته، ولم يكن شابا صغيرا، ولم يبذل جهدا في اختيار ملابسه ليبدو نجما «جان».. رغم ذلك أصبح فتي الأحلام!.. تزوج مرتين.. افتقد السعادة والحب مع زوجته الأولي فهجرها وطلقها إداريا.. ثم تزوج من مطربة معروفة فإذا به يفتقد معها الأمان والطمأنينة.. بدأت الشكوك تساوره.. شائعات خطيرة عن علاقتها بالموسيقار اللبناني الذي تألق علي قمة الطرب المصري مع عبدالوهاب.. طلقها هي الأخري.. عاد الي زوجته الأولي.. لكنها لحظة الانتقام والنشوة لدي الزوجة الأولي.. رفضت عودته الي منزله وأسرته.. ورفضت عودتها الي عصمته!.. كبر به السن.. بدأ يتخير أدوار الزوج والأب.. ولمع فيها بسرعة.. لكن صحته كانت تزداد سوءا يوما بعد يوم.. أصبح وحيدا في شقته المطلة علي النيل.. لم يفكر أحد في الوسط الفني في زيارته.. ولم تكن له صداقات أو شلل أو جماعات سهر طوال عمره.. إذا انتهي التصوير سارع بالعودة الي منزله فورا.. لكنه فوجئ ذات مساء بالفتاة التي تلعب أدوار الكومبارس في السينما والبطولة في حياة المنتج الكبير تطرق بابه، تسأل عنه وعن صحته وعن أخباره.. ولماذا أصبح مقلا في عمله السينمائي.. فرح بزيارتها.. اعتذر لها عن تقديم أية مشروبات لأن شغالته تنصرف مع آذان المغرب.. فهي ربة أسرة كبيرة بحي الدرب الأحمر.. كرر اعتذاره لها.. سألته عمن يخدمه بعد انصرافها.. رد عليها في نبرات حزينة.. «لا أحد».. هبت من مقعدها.. سألته عما إذا كان يشرب معها «شايا بالنعناع».. ابتسم قائلا.. «يا ريت».. اتجهت الي المطبخ.. صنعت كوبين من الشاي ومزجتهما بالنعناع الأخضر.. مازالت تجيد صنع الشاي والقهوة والقرفة.. عادت إليه بعد أن أعادت ترتيب بعض أثاث الشقة.. استأذنته في نقل بعض الزهور الي حجرة نومه.. وحينما دخلت الحجرة استأذنته مرة أخري في إبعاد صورة مطلقته المطربة عن سريره.. رفض في البداية.. لكنها أقنعته بضرورة أن تستمر الحياة.. الحياة أقوي من الخيانة والفشل لأنها هي الأمل والمستقبل والنجاح!.. أعجبه أسلوبها.. حنانها المتدفق.. وحينما انصرفت عنه شعر أن شيئا كبيرا قد افتقده.. اتصل بها في اليوم التالي.. حضرت إليه مهرولة.. قضت معه معظم اليوم.. صارحها بأنها حينما فارقته بالأمس أحس أن قطعة من قلبه قد انخلعت من مكانها.. ردت عليه بوعد أكدت فيه أن زياراتها له لن تنقطع بعد اليوم! توالت الزيارات! وكثرت الشائعات! وانتهزت هي الفرصة.. صارحته بأنها لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي أمام ألسنة الناس التي تتهمها في شرفها!!.. عرض الزواج عليها.. كان المرض قد اشتد عليه.. وحاجته الي ممرضة أصبحت ضرورة ملحة.. فلا هو يتعاطي الدواء بانتظام.. ولا هو قادر علي فتح شهيته للطعام رغم كل الأدوية التي منحها له الأطباء.. لكن معها كان يأكل ويضحك.. وأحيانا يغني! وتم الزواج وسط دهشة الوسط الفني! وبدأت الكومبارس صفحة جديدة مع السينما.. أسندوا إليها دوارا هامة.. مثلت مع زوجها في العديد من الأفلام.. نجحت في مصادقة الصحفيين ورجال الإعلام ولم تتعجل الشهرة.. وبعد سنوات سطع نجمها.. وبدأت تزاحم بطلات السينما بصعوبة بالغة.. لكنها أهملت زوجها تماما.. تركته وحيدا.. تفرغت لسهراتها وتلبية دعوات المنتجين والمخرجين.. تنكرت للنجم الكبير وأفضاله عليها.. صدقت المحترفون الذين أوهموها بأنها نجمة المستقبل وبطلة الإغراء الأولي بعد اعتزال هند رستم!.. نسيت أن زوجها مريض.. وأصبحت عالية الصوت تأمر وتنهي وتثير المتاعب.. تحولت الشقة المطلة علي النيل الي جحيم لا ينطفئ ليل نهار.. وابتلع النجم الكبير آلام المرض وقسوة الزوجة في مرارة.. توسل إليها أن تشفق علي مرضه وسوء صحته وكبر سنه.. لكنه فوجئ بها تطرده من منزلها.. من شقته التي أصبحت أيضا شقتها.. وثارت أقلام الصحفيين عليها بضراوة.. وتزعم الحملة ضدها الكاتب الكبير موسي صبري ..وكرهها المعجبون بها، وحقدت عليها كل نساء مصر.. لكن النجم الكبير لم يحتمل الصبر.. طلقها وعاش مع أولاده بعد أن كبروا.. وبمهارة فائقة استطاعت مطلقته أن تكسب الرأي العام.. تزوجت من شاب من خارج الوسط الفني.. صنعته هي.. جعلت منه نجما في فن صناعة السينما.. بينما مات مطلقها فجأة.. ونسي الجمهور مأساته معها.. وقسوتها عليه وطردها له في أواخر أيامهما! استطاعت بالمال الذي تدفق عليها من ثروة زوجها الشاب أن تنتج الأفلام لحسابها.. وعرفت من أين تؤكل الكتف.. وماذا يبحث عنه الرجال والمراهقون في أفلامها.. أصبحت تطمع في لقب «معشوقة الجماهير».. لكنها لم تجد سعادتها أبدا إلا في لقب الهانم الذي أصبح مقترنا باسمها حيثما تواجدت.. وما أحلاه من حلم كان يراود خادمة! هذه قصة معشوقة الجماهير التي تسربت الي الوسط الفني علي لسان صاحبتها وان كان كثيرون من الوسط علي علم بمعظم تفاصيلها التي لم تقترب منها الصحف ومع ذلك ظلت تهاجم الصحفي الكبير وتلفق له الاتهامات علي صفحات جرائد منافسي الصحفي الكبير حتي تحول الامر الي معركة وأزمة كبري وفكرت جهات عليا في التدخل بعد ان قرر الصحفي الكبير وموسي صبري كشف كل اسرار هذه النجمة ! وبالفعل تدخلت جهات عليا في الوقت المناسب و أراد أحد كبار المسئولين التأكد من سمعة الصحفي الكبير ففتح ملف التحقيق سرا.. دون أن تعلم النجمة أو الصحفي.. وتأكدت أخيرا براءة الصحفي بينما أنذروا نجمة الملايين بأن تتوقف فورا عن ادعاءاتها وإلا..! وصمتت نجمة الملايين!