تمني عبد الله باشا وهبي أن يتخرج ابنه يوسف، من مدرسة الزراعة ليشرف علي أراضيه المترامية الأطراف بالفيوم، لكن الفتي خيب ظن أبيه وأهمل في دراسته لتركيزه علي تكوين فرقة مسرحية من زملائه بالمدرسة. وما بين التأليف، والإخراج، وإلقاء المنولوجات، لتكون نواة مسرحيات صغيرة تألق فيها يوسف وهبي، غضب عليه والده وطرده من المنزل لكن الغواية كانت قد أنشبت أظافرها في نفس الفتي، فأصبح لاعب سيرك وقد أهله بنيانه القوي لذلك. حاول الشاب الصغير عاشق الفن أن يمثل مع الفنان الكبير عزيز عيد، ولو في دور صغير لكنه فشل فشلا ذريعا، فضاع في القاهرة متشردا بين شوارعها وحواريها حتى هداه تفكيره إلى إرسال رسالة إلى أمه يخبرها فيها أنه سوف يلقي بنفسه من فوق الهرم الأكبر إلا إذا أرسلت إليه مائة جنيه، وهو ما فعلته أمه بالفعل خوفا من أن ينفذ تهديده بالانتحار. وبعد أن حصل على المائة جنيه؛ انطلق يوسف وهبي إلى إيطاليا راغبا في تعلم الفن على أصوله، وغير اسمه إلى »رمسيس« وهو الاسم الذي سيختاره بعد ذلك لفرقته المسرحية، وبعد نفاد أمواله وبعد قضاء فترة أخرى من التشرد في أزقة ميلانو وشوارعها نجح وهبي، في التتلمذ على يد الفنان الإيطالي الكبير كيانتوني، بل ونال أدوارا على مسارح إيطاليا بعد أن أتقن لغتها. عندما توفي والده عاد إلى مصر وتسلم ميراثه؛ عشرة آلاف جنيه ذهبي، وبعدا اصطحب صحب صديقه عزيز عيد، إلى فرنسا، و بعد فترة من التسكع في باريس في محاولات يائسة للتمثيل بها، تذكر يوسف وهبي، الكنز الذي بين يديه من ثروة مادية، ومقدرة فنية بالدراسة والخبرة؛ فعاد لمصر وأنشأ مسرح رمسيس بشارع عماد الدين، وأنار الشرق بفنه الراقي. آخر ساعة 15 فبراير 1946