لم تتخيل نعيمة أن حياتها ستنتهى بهذه النهاية المأساوية والغير متوقعة، وقفت خلف الاسوار تبكى بطريقة هيستيرية، كادت أن تفقد الوعى قبل النطق عليها بالحكم وبعد لحظات من الصمت الرهيب داخل قاعة المحكمة، نطق القاضى بالحكم على المتهمة بالإعدام شنقا، صرخت نعيمة صرخة مدوية اهتزت لها الجدران ووسط بكاء وصراخ ذويها سقطت فاقدة الوعى تفاصيل القضية مثيرة سنتعرف عليها فى السطور القادمة. نعيمة من اسرة بسيطة الحال عانت الفقر وعاشت طفولة بائسة بسبب انفصال والدها وامها بعد حياة زوجية مليئة بالعذاب والاهانة والضرب على اتفه الاسباب مما تسبب فى تكوين شخصية نعيمة وميلها الى العدوانية وعدم الثقة فى الاشخاص خاصة بعد وفاة امها بعد معاناتها مع المرض اللعين الذى تمكن من جسدها النحيل وجعلها تتألم فى كل دقيقة دون ان تذوق طعم الراحة والسعادة طوال حياتها، وبمجرد انتهاء مراسم العزاء فى والدتها وقبل ان تجف دموعها على امها التى كانت بمثابة كل شىء فهى التى كانت تصبرها وتقويها على مر الحياه والعذاب، تزوج والدها من امرأة متسلطة لايعرف قلبها معنى الرحمة او الشفقة ، ذاقت معها نعيمة العذاب ألوانا حيث كانت تتعمد إهانتها وضربها وسبها امام اعين الجميع من الجيران والاهل والاقارب وجعلتها كالخادمة فى المنزل لاتفعل شىء سوى المسح والكنس والتنظيف ، وبمجرد أن علمت زوجة ابيها برغبة نعيمة فى ان تكمل التعليم الجامعى بعد ان انهت التعليم الثانوى رفضت بشدة وامسكت بالكتب الدراسية وقطعتها امام عينيها وطلبت منها ان تركز فى الاعمال والطلبات المنزلية وألا تفكر فى شىء آخر غير ذلك، وكانت كلما فكرت ان تشتكى لوالدها سوء معاملة زوجته لها يرد عليها بالإهانات ويقف فى صف زوجته ضد ابنته الوحيدة، لم تجد نعيمة سوى الدموع والبكاء المستمر ملجأ لها وشعورها الدائم بالوحدة والغربة داخل بيت ابوها التى ولدت فيه وكبرت وترعرت حتى اصبحت فتاةة جميلة الشكل والطباع تقدم لها الكثير من العرسان ذو المواصفات المناسبة إلا ان زوجة ابيها ترفض من الوهلة الاولى، حتى ظهر شاب على خلق ودين اعجب بنعيمة وبهدوء طباعها واخلاقها ووحدتها حاول اكثر من مرة ان يلفت نظرها ويتعمد محادثتها إلا ان كل محاولاته باءت بالفشل خاصة انها تفضل العزلة ولاتتحدث مع احد لذلك فضل ان يدخل الباب من بابه ويتقدم لخطبتها لم يستطع والدها أن يرفض طلبه خاصة انه يملك من المال الكثير وليه املاك لذلك وافق على الفور ولم يفكر حتى أن ياخذ رأى ابنته إلا انها مجرد ان وقعت عيناه عليه شعرت براحة نفسية ودق له قلبها وتمنت ان تكمل معه الباقى من عمرها، كان الاحساس متبادل بينهما وبدأت تفكر فى الايام والحياة الوردية التى فى انتظارها دون ان تتخيل ما يخبئه لها الزمن من مفاجآت غير سارة، فبعد فرحة الخطوبة والشبكة تحولت حياتها من بائسة وحزينة الى فرح وسعادة وحب، حتى ظهر ما يعكر صفوها حيث ظهرت زوجة ابيها كالساحرة الشريرة حاولت بكل السبل ان تخطف خطيبها منها وتغير فكرته عنها وتدعى عليها بما هو ليس فيها، فى البداية تعجب خطيبها من الامر وبعد ان تناقش مع خطيبته اوضحت له الصورة بأنها تكرهها وتتمنى ان تتخلص منها بأى شكل ولاتتمنى سعادتها وراحتها ابدا ، لذلك تجنب خطيبها زوجة ابيها وبدأ يتهرب منها كلما حاولت ان تغويه او تتحدث معه، حتى جاءت الليلة الموعودة التى غيرت مجرى كل شىء حيث سافرت نعيمة البلد لشراء مستلزمات وجهاز الفرح وذهب معها ابيها ، شعرت زوجة الاب بانها الفرصة الذهبية لاستدراج الشاب الذى وقعت فى حبه وطمعت فى أمواله من النظرة الاولى وراهنت عليه وبالفعل اتصلت به هاتفيا وطلبت منه ان يأتى بسرعة لأنها تعانى نوبة مرضية ولا تعرف احدا يسعفها غيره، فى البداية رفض لكنها توسلت إليه وألحت عليه كثيرا حتى يأتي وينقذها وبعد تفكير عميق ذهب اليها وطلب منها ان تنزل للشارع حتى يقوم بتوصيلها لأقرب مركز صحى الا أنها رسمت الخطة محبوكة واستدرجته داخل المنزل وحاولت إغراءه بشتى الطرق ، وبعد ان قاومها كثيرًا ضعف امامها ووقع فى الرذيلة معها ، وطلب منها ان تنسى ما حدث وألا تفكر فيه او تطلب منه شيئا الا أنها لم تنفذ الوعد وبدأت تبتزه بهذه الليلة وتوعدت له إذا فكر مجرد الفكير فى اتمام زواجه من ابنة زوجها ، مما تسبب فى دخوله لمرحلة اكتئاب وحالة نفسية لايرثى لها، بدأت خطيبته تشعر بان هناك شيئا ما لاتعرف ما هو، سألته كثيرا ولم يجاوب عليها طلب منها أن تتركه فتره يجلس مع نفسه ويعيد حساباته ، شعرت بالخوف الشديد وبدأت تتقوقع على نفسها مرة اخرى حتى كانت المفاجأة التى انهت كل شىء وراحت ضحيتها نعيمة وضاعت معها احلامها وطموحاتها، ففى ليلة سوداء سافر فيه والد نعيمة وذهبت هى لصديقة تسكن بجوارها، جاء خطيبها لمقابلة زوجة ابيها كى ينهى معها القصة والعلاقة الغيرشرعية التى نشأت بينهما دون إرادته، رفضت بشدة واخبرته بأنها تحبه بجنون وسوف تطلب الطلاق من زوجها لتزوجه، فى هذه اللحظة جاءت نعيمة دون ان يشعرا بها وسمعت الحوار بينهما دارت بها الدنيا ولم تصدق عيناها وهى ترى زوجة ابيها الخائنة فى احضان خطيبها الذى اصبح الامل الضائع لم تشعر بنفسها وذهبت مسرعة للمطبخ تحضر سكينا كى تهدد به زوجة ابيها مجرد تهديد بأن تبعد عنها وعن حياتها ولكن تطور الامر بينهما بعد ان فقدت نعيمة اعصابها وطعنتها فى قلبها عدة طعنات متتالية حتى سقطت زوجة ابيها مفارقة الحياه فى الحال، تم القبض على نعيمة وقامت النيابة بدورها واحالت القضية الى محكمة الجنايات برئاسة المستشار فريد نصر التى حكمت على المتهمة بالسجن المؤبد وعضوية المستشارين سعيد أيوب واحمد الدهشان وامانة سر عصام السيد.