لايختلف أحد من خبراء الاقتصاد علي مستوى العالم على أن وضع مصر الخارجي كان غير قابل للاستمرار في ظل نظام الصرف السابق ووجود سوق موازية للعملات الأجنبية مما أدى الى ارتفاع سعر الدولار ليصل الى نحو 19 جنيها وتسبب فى ارتفاع جنونى للأسعار علاوة على احجام التجار عن استيراد بعض السلع الأساسية لنقص العملة الأمريكية مما تسبب فى شحها وندرتها بالأسواق وهو ما تسبب فى خلق أزمات كما حدث مع السكر والارز وغيرها على نحو يعوق سير الأعمال ويعرقل النمو علاوة على ضعف القدرة التنافسية لمصر في العالم وتراجع الاحتياطيات لدى البنك المركزي بشكل يبعث على القلق. وفى خطوة جريئة أقبلت الحكومة على اتخاذ قرار باجراء جراحة عاجلة لقلب الاقتصاد المصرى بعدما فشلت معه كل المهدئات والمنشطات فكان قرارها الأخير بتحرير سعر الصرف ليتسم بالمرونة ويخضع لقوى السوق وهى خطوة تستحق الاشادة خاصة بعد أن بدأت تظهر ملامحها فى تحسن بطيئ حيث تؤكد كل المؤشرات أن الأمور ستستقر خاصة بعد توافر الدولار فى البنوك وهو ما سيحسن القدرة التنافسية الخارجية لمصر ويدعم الصادرات والسياحة ويعمل علىجذب الاستثمار الأجنبي وسينعكس ذلك بلاشك بشكل مباشر على دعم النمو وخلق فرص عمل جديدة وتقوية المركز الخارجي للبلاد. ومن المؤكد أن موافقة صندوق النقد الدولى على منح مصر قرض ال 12 ملياردولار على أربع دفعات ووصول الشريحة الأولى بمليارين و750 مليون دولار قد ساهم فى زيادة احتياطي البنك المركزى من العملة الأجنبية لتصل إلى 23.5 مليار دولار وهى خطوة إيجابية جيدة تعنى أن مصر تسير فى مسار اقتصادى سليم وفقا للقرارات التى إتخذتها الحكومة والبنك المركزى من ساسيات مالية ونقدية مختلفة وكذلك الإصلاح الضريبى وسياسات الحماية الإجتماعية المرتبطة بالإصلاح الاقتصادى الذى أعدته الحكومة المصرية وتأتى بمثابة شهادة من مؤسسة دولية كبيرة لتؤكد جدوى برنامج الإصلاح الاقتصادى الوطنى ولابد هنا من الاشادة بقرارات المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة الرئيس السيسى التى تم اتخاذها قبيل قرار تحرير سعر الصرف بأيام قليلة والتى شملت قطاعات عديدة ومنها بلا شك أعفاء المشروعات الصناعية في الصعيد من الضريبة على الأرباح لمدة خمس سنوات من تاريخ استلام الأرض وتخصيص الأراضي الصناعية المرفقة في الصعيد مجانا وهو ما سيخلق تنمية مستدامة في محافظات الصعيد التى تعانى كثيرا وستصبح جاذبة للاستثمار بعد أن ظلت لعقود طويلة لا يهتم بها أحد لما سيكون لها من تأثير إيجابى على زيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية الى شرايين الاقتصاد المصري وتحفيز رجال الأعمال على اقامة المشروعات الصناعية والزراعية وغيرها وخلق فرص عمل جديدة لملايين الشباب فى صعيد مصر. وعلينا أن نتفائل بما هو قادم خاصة وأن الرئيس السيسى منذ توليه فترة الرئاسة حمل على عاتقه مسئولية ملف دفع نمو الاقتصاد الوطنى الذى لم يشهد اهتماما كبيرا من الرؤساء والأنظمة السابقة خاصة فى القضايا التى تمس الفقراء ومحدودى الدخل وفى سبيل ذلك اتخذ عددا من القرارات الصعبة التى تعمل على زيادة معدل النمو وخفض عجز الموازنة العامة للدولة ومعالجة المشكلات الهيكلية التى يعانى منها الاقتصاد المصرى ليفتح المجال أمام جذب رؤوس الأموال وتدفقات الاستثمار الأجنبى خلال السنوات المقبلة لينعم الوطن بمستقبل أفضل باذن الله.