العالم من غربه إلي شرقه، ومن جنوبه إلي شماله، كان يقف علي أصابع أقدامه في انتظار إعلان نتيجة الانتخابات التي ستغير وجه العالم، وفي مقدمته عالمنا العربي المنكوب. تحلقنا حول شاشات التليفزيون نتابع كل لحظة في شغف.. وترقب من سيدخل البيت الأبيض بعد باراك أوباما؟ وما مصير هذه الحرب الضروس الدائرة رحاها في العراق وسوريا وليبيا واليمن؟ وما الذي ينتظر وطننا العربي البائس؟ كل هذه الأسئلة تتلخص إجابتها فيمن سيتبوأ المقعد الرئاسي الأمريكي. راقبت، كما راقب العالم كله، أحداث الانتخابات يوم الثلاثاء 7 نوفمبر حتي ساعات مبكرة من صباح اليوم التالي.. احتبست أنفاسي في لحظات.. الأرقام تتوالي.. والنتائج تتباين من ولاية لأخري.. ونبض الجماهير يختلج في كل دقيقة، حتي حانت اللحظة الحاسمة، وأعلنت النتيجة بفوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، فتعالت الصرخات مدوية من حولي تعكس فرحة عارمة بفوز هذا الرجل، وانزياح شبح »آل كلينتون» الجاثم فوق صدر العالم. تنفست الصعداء، فابتعاد »هيلاري» و»أوباما» وحزبهما الديمقراطي عن الساحة، وغروبهما عن وجوهنا قد يبشر بخير ما، وربما يؤدي إلي انصلاح في أحوال »بؤساء» الشرق ولو لحين. سارعت أول ما سارعت بالاتصال بعدد من أصدقائي المفكرين والمبدعين المقيمين في الولاياتالمتحدة ذاتها، بل وفي بعض العواصم الأوروبية لأتعرف منهم علي الموقف من الداخل. وكان أولهم الكاتب أيمن السمري، مدير مكتب مصر للطيران في نيويورك، الذي قال: أنا لا أخشي من ترامب الشخص، فسيصبح ضلعًا في مؤسسة نافذة ضمن مؤسسات كثيرة تُسيِّر القرار الأمريكي. نعم أنا لا أخشي »ترامب»، لكنني أخشي »الترامبية»، وأخشي ما يمثله »ترامب» من أفكار ورؤي، أخشي أن يأخذ المجتمع الأمريكي إلي أقصي اليمين، بكل ما يمثله ذلك من نكوص وتراجع عن القيم الأمريكية التي شكلت مجتمع المبادرة الفردية والحريات بكل مستوياتها، وفلسفة الحلم الأمريكي وأرض الفرص، التي أسس لها آباء التأسيس: »بنيامين فرانكلين»، »جون آدامز»، »صامويل آدامز»، »توماس جيفرسون»، »إبراهام كلارك» وباقي الآباء المؤسسين، الذين وضعوا دستورًا جعل أمريكا أرض الحريات والمساواة، ونبذ التعنصر والتمذهب والتمييز علي أي أساس كان إثنيًا أو غيره. و»ترامب» سيمضي في كل الأحوال، لكن، الخوف أن يمضي لتبقي »الترامبية» تيارًا يتأصل ويأخذ أمريكا بعيدًا، وحينئذ لن يجدي تململ اباء هؤلاء الآباء المؤسسين في قبورهم. ومن مريلاند يدافع الروائي المهاجر الدكتور شريف مليكة عن اتهام »ترامب» بمعاداة المسلمين بقوله: في رأيي أن »ترامب» لم يدع إلي تفرقة عنصرية. فكل ما يريده هو التمييز ضد اللاجئين غير الشرعيين، لكونهم يستنفدون موارد الدولة دون دفع الضرائب، كما يجلبون معهم الكثير من الجرائم والمشكلات عندما يكون بينهم أصحاب سوابق وهاربون من العدالة. أما عن المسلمين فهو لم يقل بمنعهم من الهجرة إلي أمريكا، كما أشاع الإعلام الفاسد، وكل ما طالب به هو تمحيص سجلاتهم الأمنية قبل السماح لهم بالدخول، إذا كانوا قادمين من دول راعية للإرهاب، وقد كان تصريحه بذلك عقب عمليات إرهابية حدثت بالفعل. ومن فيينا يوضح وصفي هنري أن السياسة الأمريكية تحركها مؤسسات تحكم العالم. والاختلاف يكمن في كيفية تنفيذ هذه السياسات، والعالم يتجه، للأسف، نحو اليمين، وأنتظر بشغف نتيجة الانتخابات النمساوية التي يتنافس، في جولة الإعادة فيها، مرشح من اليمين »نوربرت هوفر»، ومرشح الخضر »ألكسندر فان دير بيلين» علي مقعد الرئاسة،. أما السفير رضا الطايفي فيري أن خطاب »ترامب» في الاحتفال بالفوز كان متوازنًا، اختفت منه الحدة، وغاب عنه التطرف الذي شهدته حملته الانتخابية، وهو في نظره أفضل المتاح، وهو متفائل خيرًا بعلاقات أمريكا بمصر في عهده.