تشارلز سيميك: هل الصمت الدولي تجاه المذبحة في سوريا امتد أيضًا إلي الكتاب والمثقفين في العالم العربي؟ رشا عمران : في بداية الثورة السورية، تعاطف المثقفون والكتاب العرب مع ما كان يحدث في سوريا، لكنه سرعان ما اختفي ذلك التعاطف. لما أصبح الوضع معقدًا بدأوا القول:" لا نعرف ماذا يحدث في سوريا". وقطاع كبير منهم التزم الصمت الكامل تجاه الجرائم المُرتكبة بواسطة النظام السوري وحلفائه، وفجأة، باتوا منزعجين من الجرائم التي يرتكبها داعش والمنظمات الأخري المشابهة. للأسف، المثقفون والكتاب العرب ينظرون لما يحدث في سوريا بعين واحدة وقت تحتاج عشرة لا مجرد اثنين. وقت انفصال يوغسلافيا سنة 1990، انتقدت رفاقي الصرب وقادتهم بسبب الحروب التي كانوا يشنونها ضد المجموعات الإثنية والعرقية الأخري، وأُدنت باعتباري خائنًا. أتصور أنكِ أيضًا جربتِ شيئًا من هذا القبيل؟ فعلاً الكثير من الناس في مسقط رأسي ووطني الأم نعتوني بالخائنة،يوميًا يلعنونني، ويتهمونني بأني ضمن الطابور الخامس أعمل لصالح الغرب، أو يتم تمويلي بواسطة الأحزاب والمنظمات الإسلامية الراديكالية. وقد سبب لي هذا الكثير من الألم والحزن، أهل وأصدقاء كانوا ضمن من شنّعوا بي، أصدقاء العمر. الآن، أنا مجرد خائنة استحق عقوبة الموت، أو إسقاط الجنسية السورية عني علي الأقل. حدثينا عن نشأتك في طرطوس وكونك شاعرة؟ طرطوس مدينة سورية علي ساحل البحر المتوسط. لا استطيع تذكر الكثير؛ لم أكن لأكمل الخامسة عندما غادرت عائلتي وانتقلت إلي دمشق، العاصمة، حيث قضيت طفولتي ومراهقتي وشبابي. طرطوس والقرية - أنا أصلاً من الريف و القرية كانت جبلية حوالي 400 متر فوق سطح البحر- بقوا مكان لقضاء العطلة الصيفية فقط. اعتدنا الرجوع للعب في الجبال، البحر، المتعة. بيتنا في دمشق ضم مكتبة ضخمة. كنت دودة قراءة منذ أيامي الأولي، أقرأ أي شيء تقع عليه يداي. لم يخبرني أحد أبدًا ما أقرأ وما لا أقرأ. انفتاحي الواسع علي الكتب جاء من تلك الفترة من حياتي. بعد فترة باتت قراءاتي انتقائية. أما بالنسبة لكوني أصبحت شاعرة، أظنني كنت مأخوذة بالشعراء الذين عرفتهم. أبي كان شاعرًا، بيتنا كان مركزًا للشعراء والفنانين، ربما لهذا أصبحت شاعرة، لست متأكدة كليًا. أبي، قبل أن يعرف أني أكتب الشعر، اعتاد أن يخبرني أني ربما أصبح روائية جيدة: ذاكرتي الطويلة الأمد قوية، لدي قدرة عظيمة علي تذكر التفاصيل، لكني لم أصبح روائية. ما مدي الانقسام السياسي بين النازحين والمنفيين خارج سوريا؟ للأسف ، واحد من أهم الوقائع في المأساة السورية الانقسامات التي خلقت. ليس فقط بين النظام ومؤيديه ومعارضيهم، بل بين المعارضين أنفسهم. كما هو واضح، بعد الزيادة الهائلة في عدد النازحين، السوريون بالخارج لا يمتلكون رؤية مشتركة بالنسبة لسوريا. النازحون والمنفيون، من اليأس، يبحثون عن خلاصهم الذاتي. بالنسبة لنا جميعًا، سوريا أصبحت عدة منشورات / بوستات علي فيس بوك مع كل مجزرة، فيم نحن علي أرض الواقع لا نقوم بأي شيء كافٍ لإيقاف الحرب والموت. في سبتمبر 2012 بدأتِ إضرابا عن الطعام أمام المقر الرئيسي للجامعة العربية في ميدان التحرير في القاهرة. ما هو كم الدعم الذي حصلتِ عليه من الناس هناك؟ الحقيقة، كانت فكرة أربع سوريات من أصدقائي اللاتي كن يقمن في القاهرة ؛ الاعتصام والإضراب استمرا لمدة تقارب الخمسة عشر يومًا. لم يؤد إلي أي نتيجة بالطبع ولكن المصريين كانوا متعاطفين للغاية مع الشأن السوري. الاعتصام ضم العشرات من المثقفين المصريين وصاحب ذلك دعم الناس العادية الذين يعبرون قبالة الاعتصام. كانت أياما رائعة من الانسجام، المصريون كانوا يقفون بجانب السوريين في مأساتهم. كل هذا تغير الآن، لم يعد هناك الكثير من السوريين في مصر، أصدقائي الذين استمروا في الاعتصام غادروا مصر إلي أوروبا أو أمريكا. أنا وحدي بقيت. حاليًا، غير مسموح للسوريين تنظيم أي شيء بخصوص سوريا. الإعلام المصري في الغالب يؤيد نظام بشار الأسد تحت تبرير محاربة الإرهاب. وذلك أثر أيضًا في نظرة المصريين إلي ما يحدث في سوريا. قد لا يبدو ذلك معقولاًً، لكن في الأسابيع الأخيرة المنقضية لقد رأينا الكثير من الفظائع المختلفة، مثل قصف قافلة مساعدات دولية وأكثر من هذا، تدمير حلب بواسطة الطائرات الروسية. من أو ماذا يمنع الأطراف المتحاربة من التوقف عن الاستمرار في إراقة دماء الأبرياء في سوريا؟ ممولو هذه القوات والدول التي تدعمهم. نسمع قادة غربيين يستنكرون ما يحصل كل يوم، نشاهد اللقاءات والمؤتمرات عن سوريا، محادثات ثنائية وغيرها عن وقف إطلاق النار، دون أي نتيجة. القتل مستمر، الموت والتمزق متواصلان في تدمير سوريا. لا أظن العالم جدي في وقف المذبحة السورية. لو كان هناك قرار محدد لإيجاد حل لوقف تلك المأساة لكان يمكن أن يكون موجودًا قبل الآن. لكن هناك إعادة ترتيبات وهناك تغيرات سياسية تتم في العالم في الأغلب عبر الحرب والموت في سوريا. لم يكن للولايات المتحدة بصورة ما أثر في وقف العنف. ما رأيك في الولاياتالمتحدة وتورطها في الشرق الأوسط؟ أظن الولاياتالمتحدة هي اللاعب الرئيسي في الشرق الأوسط، سواء أرادت ذلك أم لا. كل القوي عليها تنسيق مصالحها مع مصالح الولاياتالمتحدة. لا أظن أن الولاياتالمتحدة لديها رغبة في وجود ديمقراطيات حقيقية في الشرق الأوسط. في الدول العربية التي أسقطت أنظمتها، أنظمة أكثر سوءاً أخذت مكانها، وتم تدعيمها بواسطة الولاياتالمتحدة بالطريقة نفسها التي كانت مع الأنظمة السابقة. شخصيًا، أظن أنه لو الولاياتالمتحدة لديها رغبة جدية في إيقاف الموت وتغير نظام بشار الأسد، لكان ذلك قد حدث في السنة الأولي للثورة. لكن من دعم بشار الأسد لما ورث الحكم في سوريا بعد وفاة أبيه؟ الولاياتالمتحدة. نحن السوريون نتذكر زيارة مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية في ذلك الوقت، لتقديم العزاء بعد وفاة حافظ الأسد وإجراء مقابلة مع بشار الأسد. اجتماع طويل مشترك لم يتم تسريب أي معلومات عنه . الولاياتالمتحدة، للأسف، لديها سياسة واحدة سواء كان الديمقراطيون أو الجمهوريون في الحكم.