لا يعرف أحد تاريخا محددا لظهور»درب السندادية» في مدينة الخارجة القديمة بالوادي الجديد، ولكن الحقيقة المؤكدة أنه أثر تاريخي مهم يهدده الضياع، حيث يعتبر من أقدم الدروب الصحراوية، وتحمل كل سكة وطريق ومنزل ومئذنة جامع عبق التاريخ، وهو الأمر الذي جعل كثيرين ينادون وزارة الثقافة بالعمل فورا علي إنقاذه قبل أن يختفي من الوجود. ويعود أصل تسمية الدرب إلي عائلة »السندادي» بالخارجة ووفقا للمخطوطات القديمة، فهم أول من أسس الخارجة القديمة ويحكي أن جدهم الأكبر »رميته» أتي من السند بعد الطوفان بزمن بعيد وعاش مع جماعة آخرين هم »خزام» و»الإدريسي»، لتعيش فيها ثلاث عائلات تبادلوا الحكم فيما بينهم عندما كثر أهل الواحات الخارجة، ومما يدل علي ذلك هو العثور علي مشانق بمنازل السندادية وخزام كانت باقية حتي عهد قريب قبل أن تختفي! وكما يقول محمود عبدربه، الباحث في تاريخ واحات الوادي الجديد، فدرب السندادية يحد الخارجة القديمة من الجهة الشمالية ويقع شمالي شرقي مسجد »المحيبس» من عهد الدولة الأيوبية (1342م- 1174م) ومازالت مئذنته قائمة، بينما تقع عين الدار القديمة بين منطقة السندادية والمحيبس، ولا يوجد ما يوثق تاريخ الدروب ولكن الثابت أن درب السندادية كان الدروب القديمة، وتتشابه أبنيته مع مدينة القصر الإسلامية، سواء في التصميم أومساقط الهواء والحارات والأزقة والبوابات، ويمتد بطول نصف كيلو متر وهو عبارة عن درب متعرج تتفرع منه عدة حارات صغيرة وعلي جانبيه مجموعة من المنازل السكنية المتلاحقة، وكلها من الطوب اللبن، ويحتوي كل منزل من هذه المنازل ما بين الحجرتين أو الثلاث حجرات، وكان أبناء العائلة الواحدة يقيمون في منزل واحد ويتزوجون فيه ولكل رجل منهم غرفة داخل المنزل الذي تحكم فيه أم الأولاد الذكور جميع نساء أبنائها وأحفادهم، ويوجد في كل بيت مكان للفرن ومهراس طحن الغلال، أما أسقف المنازل والحارات فمغطاة بجريد النخيل وسعفه وأفلاق الدوم والنخيل ولا يزيد عرض الحارة عن متر ونصف والطول بين عشرين وثلاثين مترا تضم من ثلاثة إلي أربعة منازل ربما كانت تخصص لأسر وكان يغلق علي كل حارة باب خشبي من خشب الدوم، بالإضافة إلي الباب الخارجي الذي يضم هذه المجموعات المعمارية بداخلة لحماية السكان من أي هجوم أو سطو خارجي. ويشير عبد ربه إلي أن هناك بعض المواطنين مازالوا يعيشون في هذا الدرب باعتباره إرثًا يحكي تاريخ الأجداد، ويدعو إلي تدخل عاجل من وزارة الثقافة لحماية هذا الدرب والحفاظ عليه باعتباره من الآثار الثقافية النادرة، بحيث يتم تطوير وإحياء درب السندادية القديم بحي الخارجة ليكون مزاراً سياحياً مهماً تمهيداً لإدراجه ضمن الآثار الثقافية بالوادي الجديد.