موعدنا الثلاثاء المقبل مع الانتخابات الرئاسية الأمريكية المهمة التي تجري مرة كل أربع سنوات. تبرز الأهمية الكبري لتلك الانتخابات لأنها تحدد الخطوط العامة للسياسة الأمريكية داخليا وعالميا، وخاصة سياسة أمريكا تجاه ما يجري في منطقة الشرق الأوسط وطريقة تعاملها مع الانتشار الواسع للإرهاب والأحزاب السياسية الإسلامية في المنطقة. وتأتي هذه الانتخابات في وقت صعب علي المستوي الدولي.. وعلي المستوي المحلي.. كما يواجه فيه الناخب الأمريكي العديد من الأمور التي تؤثر علي قراره الانتخابي داخليا مثل: الوضع الاقتصادي والضرائب والعجز المالي، والجريمة والتفرقة العنصرية، ومشكلة اللاجئين، والهجمات الإرهابية الداخلية. وخارجيا مثل: الإرهاب العالمي، والموقف من العراق وسوريا وإيران وإسرائيل، والتغيرات في ليبيا.. والعلاقات مع الصين وكوريا الشمالية والاتحاد الأوربي وروسيا وغيرها من الأزمات.. وبالطبع فإن مصر حاضرة بقوة في تلك التطورات. تواجه مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون زوجة الرئيس السابق بيل كلينتون ووزيرة الخارجية وعضوة الكونجرس الأمريكي السابقة للدورة الخصم العنيد مرشح الجمهوريين الملياردير دونالد ترامب، مما وضع الناخب الأمريكي بوجه تحديات أكبر في الاختيار.. خاصة أن تلك الانتخابات شهدت تراشقا غير مسبوق بين أي مرشحين في أي انتخابات سابقة.. ويرجع هذا بالطبع إلي آراء ترامب غير المألوفة والتي أثارت الكثير من الجدل. الانتخابات الأمريكية عادة ما تطرح نفس القضايا في كل حملة انتخابية.. ويتسابق المرشحان الرئيسان دائما إلي إظهار وجهة نظره علي أنها الصحيحة.. والأمل لكل أفراد الشعب الأمريكي.. وإظهار أن وجهة نظر منافسه علي أنها الهلاك بعينه.. وعادة لا يتأثر الناخب الأمريكي بما يقال.. ولكنه يتأثر بشدة بالشكل الذي يقال به الكلام لأنه يعلم أن كلام الانتخابات لا يعتد به كثيرا. نحن هنا في المنطقة نهتم كثيرا بموقف كلا المرشحين من قضايا المنطقة.. فالولايات المتحدة لاعب رئيسي بلا شك في كل ما يحدث لنا وفينا. وكم اكتوينا بنار الإدارات الأمريكية المختلفة علي مر العصور.. ديموقراطية كانت أم جمهورية. ويكون أمام الناخب الأمريكي دائما العديد من القضايا التي تهمه.. والتي علي أساسها يختار من سيجلس في البيت الأبيض.. أهمها السياسات الاقتصادية للحزبين وتداعياتها علي الوظائف والبطالة والاستثمار والأعمال التجارية وأسعار البيوت والعقارات والميزانية الفيدرالية.. وهناك أيضا قضية التأمين الصحي ومدي وصوله إلي الشعب الأمريكي.. وقضية الضرائب وتأثيرها علي الطبقة الوسطي في المجتمع الأمريكي. الجمهوريون يريدون إعطاء غطاء ضريبي أكبر للأغنياء، والديمقراطيون يطالبون بفرض ضرائب أكثر علي الطبقة الغنية. وهناك قضايا أخري لا تقل أهمية.. وبرزت بشدة في تلك الانتخابات وهي الموقف من الأقليات والمهاجرين وإصرار ترامب علي بناء سور ضخم بين أمريكا والمكسيك، ومحاولته لمنع دخول المسلمين إلي أمريكا. والنظرة المختلفة للمرأة من قبل المرشحَين خاصة وأن كلينتون أول امرأة ترشح للانتخابات الرئاسية في تاريخ أمريكا. والموقف المختلف للحزبين من الإجهاض وحرية الاختيار.. كذلك حرية الزواج من نفس الجنس.. والموقف من نقابات العمال. هناك فروق كبيرة وواضحة وأساسية في نظرة كل من الحزبين ومرشحيهما لكل من هذه الأمور. فبشكل عام يقف الحزب الديمقراطي ومرشحته هيلاري كلينتون إلي جانب الطبقات الوسطي والفقيرة، ويطالب بفرض ضرائب أكبر علي الاغنياء وشركاتهم، ويدعم حقوق العمال وأصحاب الأعمال الصغيرة، ويدافع عن العدالة الاجتماعية وعن حقوق المرأة بالاختيار والمساواة مع الرجل. أما سياسة الحزب الجمهوري المتمثلة في ترامب فهي تتلخص بالدفاع عن مصالح الطبقات الغنية والشركات الضخمة، فهو يرفض زيادة الضرائب علي هذه الفئات، ويؤمن بحكومة فيدرالية أصغر وصلاحيات أكبر للولايات، ويختلف بشكل جذري مع الديمقراطيين في كل ما يسعون إليه. وترامب مدعوم بشكل مادي قوي من هذه الفئات الغنية ومن قبل اليمين المتطرف في المجتمع الأمريكي. ربما خرجت الحملة الانتخابية عن النص في مختلف مراحلها.. لكن المسرحية قد انتهت.. وبعد أيام سيكون لدينا رئيس جديد.. أو رئيسة جديدة.. يحكم العالم من البيت الأبيض.