الذين يتحدثون عن انفلات الأسعار هم الذين تسببوا في اشعالها، إما بتراخيهم وسكوتهم عن الجشعين، او تماديهم في اللهث وراء السلع وتخزينها، وما أزمة السكر ببعيدة. بغمزة عين من كبار التجار، تراجع الدولار قرابة أربعة جنيهات وبدأت الحياة تدب في السوق الذي شابه الانفلات. ورغم أنها مبادرة من التجار، فقد ظهرت ثمارها، ما بالك لو تدخلت الحكومة، يبدو أن الحكومة لا تملك حلولا، ولا تعي حجم الترهل والفوضي التي تعج بها الأسواق، وصعدت الأسعار بطريقة جنونية. نحتاج لضبط الأخلاق، فالانفلات لم يعد مقصورا علي الأسواق، بل طال البشر، لتتزايد فوضي الشارع. التراخي وعدم تطبيق القانون زادا المأساة، فالصراع اليومي هو سيد الموقف، ولم يعد للأخلاق وجود، انظر حولك في تعاملاتك وما تتعرض له من مواقف، بل قيم نفسك، هل أنت ملتزم، تطبق العدل، تلتزم بالذوق والأخلاق، لو فكرنا جيدا، تجدنا مقصرين، نتهاون مع الناس، فنهون عليهم، نفعل ما لا نرتضيه لأنفسنا، وفي النهاية نستعجب مما يحدث ونحن سبب الفوضي وتراجع الأخلاق. تحولنا فقط لناصحين، نلوم كل شيء وننتقد كل فعل ونسينا أنفسنا، انفلات صارخ، وفساد طافح، وانعدمت الحلول، مستشفيات لا ترتقي لمعيشة الحيوانات، ومدارس متهالكة، فلا تربية ولا تعليم، زهقنا من الحديث عن فساد المحليات، وجلس المسئولون في المكاتب لحل ألغاز الكلمات المتقاطعة وابتعدوا عن الشارع، مخالفات مبان صارخة وعشوائية في المباني والسلوك. لم يعد الكبير يحظي بالاحترام، تدنت الأخلاق، وصار الفساد طبيعيا، لا تجد معاملة محترمة في قسم شرطة، ولا تري أثرا لعسكري المرور. ولا احترام أو التزام في المصالح الحكومية. تحولنا لتجار عملة، انتظر البسطاء ركوب موجة الثراء من بيع ما يملكه من حطام الدنيا ليحتفظ ببعض الدولارات، ارتمي المغتربون في أحضان سماسرة الدولار بالخارج ليبيعوه بالغالي ونسوا أنهم يعاقبون بلدهم. انتظرت الحكومة تتفرج وتركت التجار يرفعون الأسعار ويتحكمون في الدولار ثم يرق قلبهم ويعلنون قرارات تهدئة السوق بعدما وصلت الاسعار لذروتها، كيف تسمح الدولة بتلك الفوضي ؟ تبدلت الأدوار وصار التجار ورجال الاعمال هم اصحاب القرار في السر والعلن. سقطت الحكومة في فخ الاسعار ووقفت كالمتفرج في أزمة الدولار وفشلت في كارثة السيول. لن تعود الحياة ونتخلص من فوضي الشارع والأسواق وتستقيم الأمور إلا بتطبيق العدل ونشر الأخلاق.