»كنز وسط الصحراء» هذا هو الوصف الحقيقي للواحات البحرية التي تتبع اداريا محافظة الجيزة وتبعد عنها حوالي 365 كيلو مترا ويبلغ عدد سكانها حوالي 50 ألف نسمة.. المدينة التي لا يتعدي مساحتها 2000 كيلو متر مربع تعج بمئات المعابد والمقابر الأثرية التي تعود للعصور الرومانية والفرعونية.. ليس هذا فقط، بل تشاهد منفردة دون غيرها من الأماكن، حيث توجد الصحراء البيضاء، التي يتحول ترابها وجبالها الي كريستال مضيء مع غروب الشمس.. كما تم الاعلان عن اكتشاف اضخم ثاني ديناصور في العالم بأرضها وتحتضن الواحات البحرية اكبر مصدر تصدير لمصر.. وهي اشجار النخيل التي تتعدي 2 مليون نخلة.. وتنتج حوالي 40 ألف طن من التمور التي تصدر للخارج. اهالي الواحات الذين التقينا بهم اشتكوا من عدم وجود صرف صحي وعدم كفاية آبار الري لكن محافظ الجيزة اللواء كمال الدالي وعد بحل كل مشاكلهم بأسرع وقت. لقاء لم يحدد موعده أحد.. في الثانية ظهرا تلقينا اتصالا من شخص عرف نفسه انه العمدة محمد سلامة عمدة قرية منديشه، أخبرنا انه يعلم بتواجدنا عبر احد موظفي المجلس المحلي، وانه ينوي تنظيم لقاء كبير لاهالي الواحات لرصد مشاكلهم، لم نتردد في قبول طلبه، اشترطنا، ان يضم الاجتماع عدداً قليلاً من الأهالي شريطة أن يكونوا ممثلين لجميع مناطق الواحات البحرية.. وبالفعل بعد ساعتين اتصل بنا.. أكد علي تنفيذ مطلبنا، وحدد التاسعة والنصف مساء موعدا لإجراء الحوار في أحد الأماكن البعيدة عن مدينة الباويطي.. قطعنا 50 كيلو مترا وسط الجبال بعيدا عن مدينة الباويطي عاصمة الواحات البحرية.. دخلنا في طريق رملي حتي وصلنا الي أحد المنازل وجدنا اهالي المنطقة في انتظارنا.. لم نشأ ان يتحول اللقاء إلي مكلمة» قررنا تنظيمه في عدة محاور علي ان يتحدث كل متخصص في مجاله ويرصد مشاكله ومطالبه. بدأنا بمشكلة النخيل، حيث تتميز الواحات البحرية بتواجد أكثر من مليوني نخلة داخل أراضيها لتتربع تجارة البلح علي قمة مصادر الرزق الاولي لاهالي الواحات.. ورغم ذلك فهناك خطر كبير يداهم هذه الثروة الكبيرة.. حسب ما ذكر لنا الحاج محمد خواص مرعي الذي بدأ حديثه بالتأكيد علي ان مصر تتربع علي عرش مصدري التمور في العالم، ويبلغ إنتاج التمور في الواحات ما بين 30 الي 40الف طن سنويا، وتنتج 13نوعا تبدأ أسعارها من 4 إلي 8 جنيهات، لكن رغم هذا الانتاج الضخم، فهناك مشكلة التسويق والتي تعد أكبر هاجس أمام المزارعين، ولخصها في انه لايوجد تسويق لتمور الوادي الجديد، والأسعار الموجوده حاليا قليلة جدا ، والمشكلة الأساسية هي ان المزارع يقوم ببيع الإنتاج بالجنيه، في حين يقوم التاجر بتصديره بالدولار. مشكلات التسويق الكارثة التي تحدث عنها الحاج خواص، لاتقتصر علي التسويق فقط، بل كشف عن خطر قادم وهو تعرض أكثر من مليون نخلة للهلاك بسبب انتشار مرض سوسة النخيل التي تتسبب في موت النخلة وعدم قدرتها علي الإنتاج. احد المشاركين في الحوار من أهالي الواحات، قاطع الحاج خواص، وأكد انه علي وزارة الزراعة التحرك بأسرع وقت لإنقاذ النخيل في الوادي الجديد، الأمور تتفاقم، والنخيل معرض للهلاك بسبب السوسة التي أصابت 30% من النخيل، ووزارة الزراعة لا توفر المبيدات اللازمة والأسمدة غير كافية أيضا، فضلا عن عدم توافر سوي 3 مهندسين بالجمعية الزراعية يغطون منطقة الواحات البحرية كلها.. وأشار إلي ان سبب عدم تسويق التمور بأسعار تخدم الفلاح، هو وجود 3 تجار في مصر يحتكرون شراء وتسويق التمور احدهم من الواحات البحرية ، وهو مايجعلهم يتحكمون في الأسعار، لافتا إلي ان قنطار البلح يبلغ 45 كيلو ويباع ب300جنيه او 280جنيها ونحن نطالب بزيادة السعر، وانشاء ثلاجات لحفظ التمور لتظل سنوات عدة.. التقط الحاج خواص، خيط الحديث مرة اخري، ليؤكد أن الحل في إنشاء مصانع لصناعة التمور وتجفيفها، مطالبا القوات المسلحة بإنشاء مصنع لتصنيع التمور وتصديره للخارج، خاصة أن تمور الواحات البحرية من أجود التمور في العالم ، مشيرا إلي ان جميع المصانع الموجودة في الواحات يملكها الأهالي، وإمكانياتها محدودة جدا، مطالبا الحكومة بإنشاء مصانع ايضا لتدوير جريد النخيل واستخدامه في عدة صناعات وهو ماسيرفع من مستوي دخل المزارع مما سينعكس علي اهتمامه بنخيله. المياه والآبار تحدث الحاج محمد سلامة عمدة منديشه، ونقيب الفلاحين عن مشكلة المياه، والذي أعاد بنا الزمن إلي عام 1961، حيث صدر اول قرار جمهوري لتنظيم حفر الآبار الجوفية في الواحات البحرية، مشيرا الي أن القرار نص علي إنشاء الحكومة ل7 آبار لري 7 آلاف فدان، واستمر هذا القرار حتي الآن، واقتصرت الحكومة علي الآبار السبعة الموجودة، رغم أن مساحة الرقعة الزراعية وصلت الان إلي 31 فدانا، فهل هذا يعقل؟ وأضاف ان جميع الآبار الموجودة حاليا هي آبار عميقة تصل لارتفاعات كبيرة من 300 متر إلي ما يزيد، وهناك آبار سطحية أنشأها الأهالي علي بعد 150مترا تقوم بتخزين المياه فيها. وأشار عمدة منديشه إلي تعدد الجهات في الواحات البحرية، فادارة الري تتبع، محافظة مطروح، والصرف تتبع الجيزة والميكانيكا تتبع البحيرة خيط الحديث، وتحدث عن مياه الشرب، ولخص المشكلة في انها غير صالحة للاستخدام الادمي، وأن عددا كبيرا من أهالي الواحات يعانون من فشل كلوي وتكوين حصاوي.. كما ان المياه تحتوي علي نسبة كبيرة من الحديد، والعكار والبلوتوز، مؤكدا انها مكونات سامة وخطرة وتهدد حياة سكان الواحات. حاولنا ان نبتعد كثيرا عن موضوع المياه، سألنا الأهالي، هل هناك صعوبات تواجههم، أجاب مصطفي محمد مدرس، لدينا مطلب وحيد لوزارة العدل والنائب العام، حقوقنا تضيع بسبب عدم وجود وكيل نيابة بمدينة الواحات البحرية، وهو ما يدفع الأهالي إلي التنازل عن شكواهم لدي الشرطة بسبب تحويلها للنيابة في الجيزة وهو مايعني قطع مسافة 365 كيلو مترا لحضور التحقيق في شكواه، واضاف لدينا مطلب آخر وهو إنشاء محكمة جزئية في الواحات، حيث ان المحكمة الجزئية الموجوده هنا متنقلة، تأتي يوم الثلاثاء فقط، وفي حالة الاستئناف علي أحكامها، ليس أمامك سوي السفر للقاهرة والجيزة. الصرف الصحي كانت مشكلة الصرف الصحي حاضرة في اللقاء.. بسبب عدم وجود صرف صحي في اي قرية أو مدينة بالواحات البحرية.. الحاضرون طالبوا بسرعة اتمام وتنفيذ المشروع، مؤكدين ان الصرف يختلط بمياه الشرب والري.. طالبوا بإقامة منطقة صناعية تخدم الشباب لإقامة الورش الحرفية والإنتاجية عليها بعيدا عن الكتلة السكانية، واكدوا تمسكهم بالقيادة السياسية ووقوفهم وراءها لخدمة الوطن والحفاظ علي مصر ورفضهم لاي محاولات لهدم مصر والخروج عن القانون.