توقفت كثيرا أمام الكلمة الجريئة لفضيلة د.أحمد الطيب شيخ الأزهر في مؤتمر الإفتاء العالمي.. والتي لم يخش فيها سوي الله.. غير عابئ بما قد تجره عليه من معارك.. شعرت أنني لأول مرة أشهد مكاشفة جريئة لجراح الأمة الإسلامية.. من قامة إسلامية كبيرة في موقع المسئولية.. هو شيخ الأزهر.. الذي جاءت كلمته إعلانا عن أول مبادرة حقيقية في تجديد الخطاب الديني.. »اسمحوا لي شيوخنا الأجلاء في مكاشفاتي الصريحة.. وأرجو ألا يسبق لأذهانكم أنني أقف منكم موقف المعترض أو المنتقد.. فأنا أعي جيدا أنني أتحدّث إلي النخبة من أهلِ العِلمِ.. وأنا قبلَكم أول من يتحمل نصيبه من المسئولية أمام الله وأمام المسلمين. ولكني ربما كنت أكثركم التصاقا بالجماهير والبؤساءِ والبائسات.. ومعرفة بما يلحقهم من مشكلات أُسرية تبلغ حد الدمار والتشريد.. بسبب من جمود الفتوي، وتهيب الاجتهاد.. والعجز عن كسر حاجز الخوف من التجديد حتي ظننت أننا كأهل علم وافتاء إن كنا علي علم دقيق بما نفتي به نصا.. فإننا مغيبون قليلا أو كثيرا عن محل النص.. وإدراكِ الواقعِ الذي يفتي بتنزيلِ النص عليه.. لا نتأمل ملابساته ولا وزن الضرر الذي يترتب عليه». وهكذا.. يعترف شيخنا الجليل بما أصاب أهل العلم والافتاء من جمود الفكر والخوف من الاجتهاد والتجديد.. وما أدي إليه ذلك من مشكلات أسرية خطيرة.. وبجرأة من لا يخشي في الحق لومة لائم.. وضع شيخنا الجليل يده علي واحدة من أكبر جراحنا.. وهي قضية تعدد الزواج.. ووصفها »وصف حق..» بظاهرةِ فوضي تعددِ الزواجِ والطلاقِ. وقال: لا أدعو لتشريعاتٍ تلغي حق التعدد.. بل أرفض أي تشريعٍ يمس تشريعات القرآنِ الكريم أو السنة المطهرة من قريب أو بعيد.. وذلك كي أقطع الطريق علي المزايِدِين والمتصيدين كلمة هنا أو هناك.. يَقطَعونها عن سِياقِها.. ليتربحوا من ورائها. لكني أتساءل: ما الذي يحمل المسلم الفقير علي الزواج بثانية.. وترك الأولي بأولادها وبناتها تعاني الفقر والضياع.. وأجابتي أن الدعوة إلي شريعة الإسلامِ في هذه القضية لم تصل لهؤلاء علي وجهِها الصحيحِ.. وأن الفتاوي في هذه القضية تراكمت علي المشروط وهو إباحة التعدد وسكتت عن الشرط وهو العدل وعدم لحوق الضرر بالزوجة.. حتي باتت العامة تتصور أن التعدد حق مباح بدون قيد ولا شرط.. ولا مسئولية شرعية تقف أمام رغباتها ونزواتها مادامت في الحلالِ كما يقولون». -كلام بلا شك يغضب الكثيرين.. لكني أتمني ألا يكون من بين الغاضبين شيوخنا الأجلاء داخل دار الإفتاء المصرية.. وللحديث بقية..