لم تكن المرة الأولي التي يتناول الرئيس فيها الدور الهام الذي تقوم به وسائل الاعلام وحرصه الشديد علي اتاحة اقصي قدر من الحرية. لكن الرئيس طالب بأن تكون الحرية مسئولة تحميها قيم المجتمع وتاريخه وتراثه وحضارته. جاء ذلك خلال الندوة التثقيفية بمناسبة احتفالات مصر بذكري 6 أكتوبر. غير ان الرئيس وبأسلوب مهذب وجه عتاباً لدور الاعلام فيما يتعلق بالقضايا التي تهم الأمن القومي لمصر والذي يعد بوتقة للأمن العربي كله مؤكدا علي ضرورة تحري الدقة في كل ما تتناوله وسائل الاعلام. تأتي كلمات الرئيس في الوقت الذي لاتزال فيه بعض الاصوات تتعالي منتقدة لبعض القضايا دون أي المام بحقائق كاملة حولها سواء كانت قضايا داخلية أو عربية أو اقليمية. كما تأتي في ظل أوضاع غريبة وشاذة تشهدها الساحة الاعلامية وخاصة الفضائيات التي استباح بعضها كل شيء ونصب بعض اعلاميها أنفسهم أوصياء علي الشعب المصري كله. كان من نتاج ذلك حالة عدم الثقة واليأس والاحباط التي تنتاب معظم المشاهدين وتؤدي الي فتور الهمم وانعدام الشعور بالمسئولية في وقت عصيب تعيشه مصر سواء سياسياً أو اقتصادياً أو أمنياً. وكما قلت من قبل في مقالات كثيرة فقد جاءت هذه الممارسات وسط حالة من التيه والوهن والضعف الشديد الذي تعيشه الحكومة وعدم قيامها بمسئولياتها في شرح وإعلان وتوضيح كل الحقائق. للأسف الشديد الحكومة لاتزال تتعامل بنفس المنطق القديم وبنفس الاسلوب والآليات التي امتدت عبر تاريخ مصر وتحديداً منذ ثورة يوليو 52. الحكومة تناست عن سوء فهم ان الناس قد تغيرت وأنه من الاستحالة أخفاء الحقائق في عصر تدفق المعلومات عبر وسائل التواصل والتي كسرت مضمون السرية في كل شيء. من هنا جاءت استباحت وسائل الاعلام لكل شيء وتحول بعض الاعلاميين إلي خبراء يفتون في كل شيء ويتعاملون بطريقة شاذه وغريبة مع بعض المسئولين تمثل نوعا من التعالي والمصيبة انهم يجدون في مقابل ذلك سلوك الضعف والهون من جانب المسئولين وهو الأمر الذي قد يقودنا إلي متاهات نحن أحوج ما نكون في حاجة للوصل إليها لأنها تأخذ للقاع.