بدت موافقة مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين علي قانون "جاستا" بأغلبية كاسحة أشبه بمسرحية تعددت فصولها. تمثل الفصل الأول في ادعاء حجب 28 صفحة من تقرير 11 سبتمبر بحجة عدم الزج بالمملكة العربية السعودية في الأزمة. طرح الأمر كمجاملة غير متوقعة من دولة اعتادت الابتزاز، لتتعدد التكهنات من شيوخ ادعاء العلم وبواطن الأمور. يفسرون. يستلهمون. يدعون كيف تورطت دول عربية في تلك الأحداث. سنوات من الكذب والادعاءات إلي أن أصدر حاكم ولاية نيو جيرسي السابق توم كين وعضو مجلس النواب السابق لي هاميلتون في أبريل 2016 بياناً نفيا فيه تورط المملكة في تلك الأحداث. الفصل الثاني، تبني كل من جون كورنين، السيناتور الجمهوري عن ولاية تكساس، وتشاك شومر، السيناتور الديمقراطي عن نيويورك، قانونا يعطي لضحايا الأعمال الإرهابية التي ترتكب علي الأراضي الأمريكية وأسرهم الحق في إقامة دعاوي قضائية أمام المحاكم الأمريكية ضد الأشخاص أو البلدان المشتبه في تمويلهم لتلك الأعمال. لينتهي الأمر إلي رفع مشروع القانون إلي الكونجرس الأمريكي بمجلسيه، النواب والشيوخ. الفصل الثالث، الرئيس الأمريكي يستخدم حق النقض الفيتو في وقف تمرير القانون، وذلك لأول مرة منذ توليه الرئاسة، وحتي يكتسب المشهد إخراجاً هوليودياً، عقب الرئيس أن استخدامه للفيتو جاء من منطلق حرصه علي تلافي العواقب الوخيمة للقانون ضد الدول الصديقة، والتي تشمل المملكة السعودية. هنا خرجت الصحف العربية كعادتها تمجد وتؤيد، وكأن نفي التهمة عن بريء أمر يستحق الإشادة. الفصل الرابع، نقض الفيتو من جانب الكونجرس الأمريكي بأغلبية ساحقة، عقب علي إثرها السيناتور كورنين، أن فيتو أوباما لم يكن مُقنعا. الفصل الخامس، عقبت الخارجية الأمريكية عن أملها ألا يؤثر رفض فيتو أوباما وموافقة الكونجرس علي قانون "جاستا" علي العلاقات الدبلوماسية الأمريكية مع المملكة. فصول متتابعة بإخراج أمريكي كفل تطور الأحداث، وها هو الجمهور يحبس أنفاسه في انتظار الفصول التالية. علي الجانب الآخر نتساءل، ألا يجب علي قانون جاستا أن يشمل الدول التي تُصنع السلاح الذي يستخدمه الإرهابيون؟ يشير تقرير International Arms transfer المنشور علي موقع www.sipri.org إلي استحواذ كل من أمريكا وروسيا فقط علي 58% من صادرات السلاح العالمية. علي الجانب الآخر، تستورد الهند 14% من إجمالي مبيعات السلاح العالمية، تليها المملكة بنسبة 7%. تاريخياً، بلغت ذروة مبيعات السلاح في الفترة من منتصف السبعينيات إلي منتصف الثمانينيات، مدفوعة بالتوترات الناجمة عن الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت. في أبريل من العام الماضي، نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريراً عن التأثيرات الإيجابية للاضطرابات والنزاعات في الدول العربية في تنمية ورواج سوق السلاح الأمريكي، مُمثلاً في رفع الطلب علي الطائرات الأمريكية وكافة أنواع السلاح الخفيف والثقيل. ألا يضع احتلال أمريكا لصدارة الدول في إنتاج السلاح وتسويقه عالميا محل دعاوي قضائية من جانب من تعرض ويتعرض للإرهاب في كافة أنحاء العالم؟. أسلحة أمريكية متنوعة يستخدمها الإرهابيون المنتشرون في أرجاء المعمورة وحتي أمريكا نفسها، ألا يحق لأسر هؤلاء الضحايا مقاضاة الحكومة الأمريكية؟، أم تعتمد أمريكا علي أنها القوة العظمي الخارجة عن كافة القوانين؟!. إن إثبات إمداد الإرهابيين في شتي بقاع الأرض بالسلاح الأمريكي يضعها معهم في موضع الاتهام. أليس كذلك؟.