أدمت قلوبنا مؤخراً أنباء حوادث السير في مصر وخاصة علي الطريق الساحلي الدولي خلال فصل الصيف كما لو كان هذا الفصل قد تحول من موسم مصيف إلي موسم حوادث قاتلة، وأعترف أنها لم تكن مفاجأة فنسبة حوادث السير في مصر مرتفعة وهذا امر مفروغ منه غير أن معدل الحوادث قد ازداد بشكل ملحوظ في عامي 2015 و2016 وذلك وفقا لإحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الذي أشار إلي أن عدد حوادث الطرق في مصر قد ارتفع في عام 2015 ليبلغ 14500 حادث بكل أسف ! وقد سجلت هذه الأرقام بزيادة قدرها 1% عن العام السابق له حيث خلفت حوادث السير خسائر مادية تقدر ب30٫2 مليار جنيه بينما قدرت الخسائر البشرية بحوالي 25500 ما بين قتيل ومصاب، هذا علاوة علي حوادث عام 2016 التي كانت معدلاتها أكثر بكثير فوضعت مصر في الترتيب التاسع عالميا من حيث المعاناة من هذه الظاهرة المتفشية أو ما نطلق عليه هنا بمصر (نزيف الأسفلت). ولذا فقد بات من الضروري البحث الجاد عن وسائل حقيقية للحد من هذه الظاهرة الخطيرة التي نعاني منها والتي لا يخفي علي أحد أنها ترجع لعدة أسباب ربما كان من أهمها تردي شبكة الطرق والمزلقانات في أنحاء الجمهورية بالإضافة إلي عدم احترام قائدي السيارات للقانون وخاصة سائقي الحافلات الكبيرة الذين لا يلمون بقواعد المرور وتعليمات وضوابط الأمن والسلامة علي الطرق بشكل عام مع عدم إغفال غياب الرقابة الكافية من قبل المؤسسات المعنية بالدولة وحضور الفساد بشكل لافت في السنوات الأخيرة مما يسمح بالتجاوز والتفريط في حق المواطن في التمتع بطرق آمنة لا تهدد حياته أو حياة الآخرين بالخطر والقتل ضمن أعنف نزيف دموي نشهده بلا مبالغة يحصد الأرواح في كل ساعة بل دقيقة ! وأصدق مثال علي ذلك ضبط الإدارة العامة للمرور مؤخراً بالتنسيق مع مختلف مديريات الأمن من حملاتها المرورية لمخالفات مرورية كثيرة جدا تصل إلي 20466 مخالفة مرورية متنوعة علي الطرق والمحاور الرئيسية، من بينها 16326 مخالفة تجاوز السرعات المقررة، كما تم ضبط 102 حالة قيادة تحت تأثير المواد المخدرة خلال أسبوع واحد مما يطرح علامات استفهام كثيرة حول إمكانية السيطرة علي هذه الظاهرة المتفشية وبشكل مرعب والتي تتطلب ما يشبه حملة قومية ومجتمعية للحد من حوادث الطرق بمصر يتم التنسيق لها علي نطاق واسع وبأسلوب علمي محكم مع وضع بعض الحلول العاجلة التي قد تتمثل في تحسين حالة الطرق السريعة أو الرئيسية مع رفع كفاءتها مع إرساء مفهوم الرقابة الشعبية حتي ينتشر مفهوم الرقابة الذاتية فيما بعد وخاصة مع إعادة تأهيل السائقين خاصة بالنقل الثقيل وفقا لقوانين المرور المحلية والدولية أيضا مع عدم منح رخص القيادة إلا بعد التأكد من جاهزية السائقين وخلو دمائهم من المواد المخدرة وتغليظ العقوبات فيما بعد علي من يخالف، كما أنه يجب ألا نغفل أن تحسين جودة المواصلات العامة ومترو الأنفاق قد تكون من عوامل التقليل من الكثافة المرورية وبالتالي نسبة الحوادث المرتفعة. أود من منبر جريدة الأخبار أن أدعو للتضامن من أجل القيام بحملة قومية للحد من حوادث الطرق وأعتقد أنها قد تكون محاولة حقيقية في هذا الصدد إذا ما أخذت جديا من الجميع.