أكدت الدكتورة إلهام شاهين أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية جامعة الأزهر بأن الاسلام وضع حلولا واقعية لمشاكل المرأة المسلمة وقدم لها حلولاً مادية واجتماعية في المعاملات وفى كل شىء ، مشيرة إلى أنه لا يحق للزوج إجبار زوجته على العمل للإنفاق عليه أوعلى أبنائهما أو حتى للإنفاق على نفسها وإن الإنفاق وتوفير متطلبات الحياة الزوجية مسئولية الزوج وليست مسئولية الزوجة. وأكدت أن المسلم من سلم الناس من لسانه ويده والعمليات الإرهابية والتفجيرات وأذى الناس والقتل والتخريب محرم شرعا ويكفى أن يحصد المخرب غضب الله. وفي إطار هذا الموضوع كان لنا الحوار التالى : * فى البداية سألناها... ما هي أهم الأسباب التي تهدم الحياة الزوجية وتؤدي إلى الطلاق؟ ** عدم معرفة الرجل والمرأة بالواجبات المنوطة به والتي يجب أن يحرص كل منهما عليها تجاه الآخر ، فالشرع أوجب على المرأة أشياء وأوجب على الرجل أشياء أخرى ، ولو حرص كل من الرجل والمرأة على معرفتها والعمل على تحقيقها لتجنبنا كثير من حالات الطلاق كما أن ضعف الوازع الدينى يعتبر من أهم الأسباب التي تهدم الحياة الزوجية من أساسها ويتجلى ذلك فى الخيانة الزوجية بصورها المتعددة خاصة بعد انتشار أدوات الاتصال ومواقع التواصل الاجتماعي على النت فمن أساسيات إقامة علاقة زوجية ناجحة هي الثقة المتبادلة، فيجب على الزوج أن يكون وفيا مخلصا لزوجته ويجب على الزوجة أيضا أن تكون مخلصة ووفية لزوجها ، وهكذا تستقيم الحياة الزوجية هادئة وناجحة، ولكن الضربة القاضية لأي علاقة زوجية هي الخيانة؛ فالخيانة هي ذلك الداء الخبيث الذي يقتلع العلاقة الزوجية من جذورها ويلقي بها في مهب الريح ولا تستطيع مهما حاولت أن تغرس لها ثمارا من جديد ، ولذلك فالخيانة هي العامل الرئيسي والأول لحدوث الطلاق كما أن فقدان فضيلة الرضا والصبر من أهم أسباب الطلاق فعند اكتشاف عيب مرضى فى أحد الزوجين مثل الإنجاب ، فعند اكتشاف العقم وعدم الإنجاب أن كان من جانب المرأة فيكون من الأسهل على الرجل أن يتزوج بامرأة أخرى أما إذا كان من جهة الرجل ، فالموقف مختلف وعلى الزوجة أن تتقبل الوضع وتصبر والإسلام لم يفرق بين الرجل والمرأة فى ذلك فعندنا سيدنا زكريا وامراته كانت عاقرا ومع ذلك صبر ورضي وأكثر من الذكر والدعاء وطهارة اللسان حتى رزقهما الله بيحيى عليه السلام. الفكر الوسطي *كيف يمكن مواجهة الفكرالمتطرف لدى الشباب؟ ** الفكر لا بد أن يواجه بالفكر وليس القمع ، فهو الذى يزيد من الفكر المتطرف لكن حتى نواجه فكراً متطرفا فلا بد من تقديم البدائل ولا بد أن تكون هناك مؤازرة ودعم من الحكومات لهذا الفكر الوسطي بالمال والسياسة والإعلام فالأزهر الشريف لديه استعداد أن يقدم الفكر الوسطي غضب الله *ما حكم الدين فيمن يقوم بعمليات وتفجيرات إرهابية؟ **المسلم من سلم الناس من لسانه ويده ، والعمليات الإرهابية والتفجيرات وأذى الناس والقتل والتخريب محرم شرعا ، ويكفى أن يحصد المخرب غضب الله لأن جزاء من يقوم بالعمليات التخريبية فى الدنيا والآخرة هو ما ورد فى قول الله تعالى: (إِنمَا جَزَاء الذِينَ يحَارِبونَ اللهَ وَرَسولَه وَيَسعَونَ فِى الأَرضِ فَسادا أَن يقَتلوا أَو يصَلبوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِم وَأَرجلُهم مِن خِلَاف أَو ينفَوا مِنَ الأَرضِ ذَلِكَ لَهم خِزْىٌ فِى الدنيَا وَلَهُمْ فِى الْآخِرَةِ عَذَاب عَظِيم«. أما من تعمد القيام بعمل تخريبى يقصد فيه قتل إنسان أو حتى بلا تخريب يصحبه مجرد القتل فهذا يحق عليه غضب الله ولعنته وخلوده فى النار لقوله تعالى: »وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا». حقوق المرأة * ما تعليقك على قضية حقوق المرأة المسلمة باعتبارها محل جدل دائم فى معظم المجتمعات الإسلامية ؟ **الحقوق تضيع بسبب عدم الالتزام بالدين فالمرأة المسلمة عندما جاء الإسلام جاء لحل مشاكلها ووضع لها حلولاً مادية واجتماعية في المعاملات وفى كل شىء ومشكلتنا الآن أن العادات والتقاليد أصبحت تطغى على هذه المبادئ والقوانين التي وضعها الإسلام للمرأة حتى القوانين الوضعية والبشرية الناس يحاولون التحايل عليها وعدم الالتزام بها، وبالتالى فإن المرأة تعاني من مشاكل فى المجتمع مما يعتبر مبرراً فى أن يجد الغرب ذريعة للتدخل فى شئوننا بحجة الدفاع عن المرأة والأقليات.. إلخ ، فإذا تمسكنا بالكتاب وتمسكنا بحقوق المرأة سوف تحل مشاكلها لكن المشكلة فى عدم التطبيق العملى لمنهج الإسلام فى معالجة مشاكل المرأة فالرسول وضع طرقاً مثلى لعلاجها والقرآن أيضاً في التعامل مع المرأة، حتى فى الآيات التى تؤخذ ضد الإسلام من قبل بعض الذين يطعنون فى الإسلام مثل «آيات الضرب»، فالرسول وضح كيفية الضرب المراد من الآية وآيات الحدود والجلد، كلها بينها الرسول، فسبب معاناة المرأة هو عدم التطبيق السليم لمنهج الإسلام في التعامل مع قضايا المرأة. *هل تستطيع المرأة الداعية أن تواجه الأزمات الأخلاقية فى البيت المصرى الآن؟ **لا تستطيع المرأة الداعية أن تفعل ذلك وحدها كما لا يمكن لجهة واحدة من الجهات الدعوية أن تواجه الأزمات الأخلاقية التى يعانى منها المجتمع الآن وذلك لأن الذى ساهم فى التدهور الخلقي لدى المجتمع عدة جهات عمدا أو جهلا فالإعلام ساهم بشكل كبير عبر الدراما والبرامج الترفيهية والسوشيال ميديا عبر الحرية المطلقة التى تم منحها لكل من يستخدمها وكذلك التعليم بإهمال التعليم الدينى والأخلاقى . *ماذا تقولين عن عمل المرأة فى السياسة؟ **ولم لا فإذا عدنا للدين مرة أخرى فسنرى التطبيق العملى للصحابة والرسول فى المجالات السياسية ألم يستشر الرسول المرأة مثل السيدة أم سلمة التى استشارها فى أهم أمور المسلمين ، إذن لها الحق فى إبداء الرأى والمشورة ولها الحق مع التطور الزمنى فى شغل وظائف لم تكن موجودة حتى فى زمن «الرسول» وأصبحت موجودة وظائف للنساء فلم لا تتولاها ولهذا أرى أن كل المناصب السياسية مفتوحة للمرأة طالما تتناسب مع طبيعتها ولا تخالف واجباتها الشرعية والأساسية. *لماذا انخفضت أعداد الداعيات على الساحة الدعوية ؟ **من الملاحظ والمثير للحزن والأسى فعلا ندرة وجود الداعيات على الساحة الدعوية فى مصر والعالم العربى خاصة من خريجات الأزهر الشريف رغم وجود كليات تدرس أصول الدين والشريعة واللغة العربية منذ عشرات السنين ولو قمنا بعمل حصر لعدد الخريجات من تلك الكليات سنجد عشرات الآلاف وبالرغم من ذلك لا نجد من تصلح للقيام بواجب الدعوة إلا عددًا لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة وللأسف لا توجد الداعية المؤهلة بالمستوى المطلوب وليس المقصود هنا الشهادة أو الدرجة العلمية إنما مؤهلات الداعية والفقيهة إلى جانب العلوم الشرعية وحفظ القرآن الكريم مع القبول والموهبة التى تنفتح لها القلوب فالدعوة ليست إلقاء خطب أو دروس أو كتابة مقالات فى الصحف والمجلات إنما هى وعى بالذات والمجتمع وحركة العالم كله. قوامة وإنفاق * ما هم حكم الشرع في إجبار الزوجة على العمل؟ ** لا يحق للزوج إجبار زوجته على العمل للإنفاق عليه أو على أبنائهما أو حتى للإنفاق على نفسها، والإنفاق وتوفير متطلبات الحياة الزوجية مسئولية الزوج وليست مسئولية الزوجة ولذا يجب على الزوج الإنفاق والقيام بواجباته من قوامة وتوجيه وإنفاق مصداقًا لقول الله تعالى: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ» *كيف ترين السبيل للحفاظ على هويتنا العربية والإسلامية؟ **هناك دعوة جميلة جداً أطلقها الإمام الأكبر د. أحمد الطيب فى الخطاب الأخير الذى ألقاه فى فرنسا وهو «العالمية» بدلاً من «العولمة» فالعالمية هى تبادل الثقافات وأن نتبادل الأفكار وأن نتبادل المعلومات وأن يتعرف كل منا على الآخر دون أن يحاول أى منا أن يذيب هوية الآخر أو أن يجعله ينصهر فيه فالحفاظ على الهوية والاعتزاز بها هو الذى يضمن لنا أن نتعايش كلنا كأمة إنسانية واحدة وليس أمة إسلامية فالله سبحانه وتعالى وضع مبادئ إنسانية للعالم كله فقال: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم» فقد وضع لنا مبدأ أساسياً نسير عليه وهو التقوى أن نتقى الله فى أفعالنا وأقوالنا فى تعاملنا مع الناس وأن يحافظ كل منا على هويته ويحترم هوية الآخر لكن الغرب يريد تذويب الهويات وفرض ثقافته على الثقافات الإسلامية وهذا لن يحدث أبداً لكنها محاولات فكل منا يحتفظ بهويته وبالتالى يكون هناك صراع يعطى فرصة للإرهاب أن يخرج وينتشر ويجد أسباباً التى يدافع بها عن نفسه وهويته. العقيدة والأخلاق *كيف نواجه أزمة الدين الظاهري؟ ** أزمة التدين الظاهرى جاءت من خلال تشجيع الدولة للجماعات الإسلامية التى اهتمت بأن تظهر فى المجتمع مدى انتشارها وذلك من خلال التدين المظهرى فى الشكل والملبس ، ودعمتها الدولة بإفساح المجال لها إعلاميا ودعويا من جانب ودعمها ماديا من الداخل والخارج أيضا مقابل إهمال الأزهر وتضييق الخناق عليه ماديا وإعلاميا فضلا عن فتح الباب للطعن فيه والغمز واللمز والتشكيك فى علمائه من جهة العلمانيين والجماعات الدينية من جهة أخرى فإذا أردنا أن نواجه أزمة التدين المظهرى علينا أن ندعم الأزهر ماديا وإعلاميا ومعنويا ونعمل على الاهتمام بكل ما من شأنه أن يزرع التدين فى النفوس كالعقيدة والأخلاق وفقه المعاملات