قال سامح شكرى، وزير الخارجية، إن المنطقة العربية مازالت تعج بالأزمات الحادة، القديمة والمستحدثة، وتواجه دولها الوطنية مخاطر الانقسام والاستقطاب الطائفي والمذهبي، ومحاولات التدخل في شئونها الداخلية وزعزعة استقرارها، من قوى إقليمية ودولية، فضلا عن تفشي خطر الإرهاب. وشدد فى كلمته أمام الدورة ال146 لمجلس الجامعة العربية، التى عقدت اليوم على مستوى وزراء الخارجية العربي، على ضرورة مواجهة هذه التحديات على أرضية عربية، تنتصر لمؤسسة الدولة الوطنية الحديثة، وترفض كل محاولة لطمس الهوية العربية والوطنية لصالحِ ولاءات طائفية ضيقة، تذكيها قوى خارجيةٌ، ويستفيد منها إرهاب يهدد منطقتنا والعالم بأسره. ولفت شكرى إلى التحركات التي قامت بها مصر في الأشهر الأخيرة دعما لقضية العرب المركزية، وترجمة لمبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي في مايو الماضي لإحياء عملية السلام، موضحًا أن لقاءاته مع الأشقاء الفلسطينيين ومع المسئولين الإسرائيليين، جاءت فى هذا السياق لإعادة فتحِ أفقِ البحث عن حل عادل ومنصف لأشقائنا الفلسطينيين وفقا للأسس والمرجعيات الدولية المتفقِ عليها، مع التأكيد على موقفنا الرافض لأي سياسة تسعى لفرض الأمر الواقعِ والاستيلاء على الأراضي والتوسعِ الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية. وأكد أن وقف التدهور في ليبيا وإنهاء حالة الانقسام الحالية ودعم تنفيذ اتفاقِ الصخيرات بشكل كامل، كان ولا يزال أولوية مصرية، مبينًا أن الأسابيع الماضية شهدت تطورات مهمة على الساحة الليبية، ساهمت في كسر حالة الجمود السياسي الذي عانت من المنطقة على مدار أشهر، وفتحت الباب أمام قيام المجلس الرئاسيِ بطرحِ تشكيلة حكومية جديدة ترضي كل الأطراف، وتستعيد الثقة بينهم لتنفيذ الاتفاقِ السياسي، مؤكدًا أنها ستواصل دعم كل أركان الدولة الليبية، المجلس الرئاسي والبرلمان والجيش الوطني، والتنسيقِ مع الأِشقاء هناك وسائر الأطراف الدولية المعنية، لتقريب وجهات النظر واستكمال تنفيذ الاتفاقِ السياسي بشكل يشعر الجميع بأنهم شركاء في دولتهم وفي بناء وطنهم، ومسئولون عن دعم جيشهم للقضاء على الإرهاب. وانتقد شكرى استمرار نزيف الدم فى سوريا، الذى يحصد مئات الآلاف من القتلى ويجبر الملايين على النزوحِ داخل وطنهم واللجوء لدولِ جوارهم، ومن بينها مصر التي تستضيف أكثر من نصف مليون سوري يحظون بنفس معاملة المواطنين المصريين في مجالات التعليم والرعاية الصحية وغيرها، وقال إن مصر في الأشهر الأخيرة عملت على إيصال حزم من المساعدات الإنسانية للمنكوبين في مختلف المناطق السورية. وشدد على أن الأولوية فى الوقت الراهن تتمثل في استعادة اتفاقِ وقف العدائيات، ومن ثم تطويره إلى اتفاقِ وقف إطلاقِ نار شامل في سوريا، بالتوازي مع العودة للمفاوضات السياسية، والمواجهة الحاسمة مع جميع تنظيمات الإرهاب. وبالنسبة للوضعِ في اليمن، أكد شكرى مجددًا أن مصر تدعم بشكل حاسم الحكومة الشرعية والرئيس عبدربه منصور هادي، مشيرًا إلى استقبال وفد الرئيس عبدالفتاح السيسي مؤخرًا رئيس الحكومة اليمنية، حيث أكدنا مجددًا على تثميننا موقف الحكومة الشرعية بالقبول بخطة المبعوثِ الأممي لحل الأزمة اليمنية، ومطالبتنا لسائر أطراف الأزمة اليمنية بإعلاء المصلحة الوطنية، والقبول غير المشروط بخطة المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ، لوقف نزيف الدم واستعادة وحدة الدولة اليمنية تحت قيادة حكومتها الشرعية. وفى ختام كلمته، أوضح شكرى أن كل الأزمات الحالية تعيد التأكيد مجددًا على أهمية تطوير الإطار المؤسسي لعملنا المشترك، ويعني ذلك ضرورة تحريك ملف إصلاحِ وتطوير آليات عمل الجامعة، بالشكلِ الذي يزيد فاعليتها، ويساعد الأمين العام على تأدية مهامه، ويتيح لنا الاستفادة من خبراته ونشاطه لدفعِ العمل العربي المشترك بجوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية.