بدأ العد التنازلي لانطلاق رحلة أهالي غيط العنب بين عالمين متناقضين.. الأول يضم مساكن أشبه بالمقابر بعد أن أصبحت مصدر خطر علي شاغليها الذين نسوا ضوء الشمس، والثاني عمارات سكنية تضم شققا صالحة للاستخدام الآدمي، بخدمات جعلت الأهالي يعيشون سعادة لم يجربوها في حياتهم بعد أن شاهدوا بأعينهم مشروع »غيط العنب الجديدة» الذي بلغت تكلفته نصف مليار جنيه تبرع بها رجال الأعمال. »الأخبار» رصدت تفاصيل الساعات الأخيرة لسكان غيط العنب، وتابعتهم وهم يحزمون أمتعتهم وملابسهم، في انتظار اطلاق شارة تحقيق حلمهم الذي أصبح واقعا. وفي مدخل منزل بالغ الضيق كانت هناك أربع غرف أكثر صغرا، تضم 4 أسر مكونة من 20 فردا، وفي بئر السلم صمموا حماما صغيرا يتشاركون فيه. في الغرفة الأولي وقفت الحاجة شوقية »50 سنة» وفي عينيها سعادة غامرة استعدادا لانتهاء معاناتها وانتقالها لمسكنها الجديد قالت بلهفة: ننتظر بفارغ الصبر اليوم الذي تتغير فيه حياتنا وننتقل من الحجرة القديمة المؤجرة بثلاثة جنيهات، وتؤكد ان الرطوبة قد أكلتها هي وابناءها، وظلت تحلم بالحصول علي أَسرة جديدة بدلا من سريرهم القديم الذي هجروه خوفا من سقوط جزء من السقف المتشبع بالمياه والرطوبة. تزغرد عينها وهي تضيف: انا بصمت بالعشرة للسيسي وربنا يخليه لينا والجيش علشان بنوا لنا بيوتا جديدة.. أخيرا حنعرف نعيش. تدخل السيدة العجوز غرفتها وتشير إلي دولاب حجرتها الصغيرة قائلة: »ده شوار بنتي.. فسخت خطوبتها علشان مش لاقية مكان تتجوز فيه.. ربنا بقي يعدل لها حالها.. محدش لاقي سكنة حلوة بالساهل.. والبيت الجديد حيبقي فرحة حقيقية». تصمت السيدة قليلا ثم تواصل حديثها: »تأمنوا بالله.. أنا كنت خايفة لما أموت ملقيش حتة اتغسل فيها من كتر ضيق المكان وكشفته علي الجيران.. الرجالة كنا بنغسلها في الحوش ونداري بالملايات لكن الستات صعب» يرد عليها جيرانها الذين تجمعوا حولها: زمان كنتِ بتفكري في الموت لكن دلوقتي فكري في الحياة اللي حتتغير. في الغرفة المجاورة جلست أم عبدالرحمن »35 سنة» والدموع تغرق عينيها فرحا وهي تستعرض قصتها فزوجها علي باب الله والرزق يوم بيومه، لم تكن تتوقع أن يأتي عليها يوم وتستطيع الخروج هي وابناؤها الثلاثة لتعيش حياة كريمة، تقول: كنت بتكسف الأول من بيتي وأن أي حد يزورنا وخاصة اننا بنام علي الأرض.. لكن الآن الحمد الله بناتي راحوا اتفرجوا ومبسوطين واتخانقوا علي السراير من حلاوتها..» وتوضح أنها علمت ان ايجار الشقق الجديدة سيبلغ 150 جنيها في الشهر وقالت: هذا أغلي من هنا بكثير لكن بحث الحالة الاجتماعية ممكن يخفف عنا الإيجار. تتدخل ابنتها الصغيرة آية لتروي ذكرياتها عند زيارة الشقة للمرة الأولي: بيت حلو أوي كل حاجة عجباني وفي 3 أوض وجناين وحمام سباحة. ظهرت ملامح المشروع في المسافة الفاصلة بين المجمع الجديد وغيط العنب القديم .. إنشاء مجمع سكني حضاري لأهالي منطقة غيط العنب علي قطعة أرض مساحتها حوالي ثلاثة عشر فدانا تبرعت بها المحافظة. ويتكون المشروع من مجمع سكني يضم 17 عمارة سكنية بإجمالي 1632 وحدة تسع 8160 فردا. ويشمل المشروع تخصيص وحدات للأعمال الخيرية من دار أيتام وحضانة وجمعية لذوي الاحتياجات الخاصة بالإضافة إلي مكتب شهر عقاري ومكتب بريد ومكتب لإدارة وصيانة المشروع.