بمناسبة مرور 60 عاما علي قرار الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس، ننشر وقائع هذا الحدث كما رصدته مجلة روز اليوسف في عددها الصادر بتاريخ 30 يوليو 1956، وما كتبه إحسان عبدالقدوس بعنوان "هذا الرجل هو الشعب" وأفردت المجلة صفحتين عن أخبار عدد من الشخصيات العامة وما يشغلهم بعد قرار التأميم. اراد الغرب أن يجعل من كل الوطنيين في الشرق.. لعبة كتشانج كاي تشيك، ومن كل وطن جزيرة معزولة كفورموزا.. ولكن مصر أعلنت تأميم شركة قناة السويس.. وكانت هذه أقوي ضربة أصابت النفوذ الغربي في آسيا وأفريقيا. ان تأمين شركة قناة السويس أشد خطرا من تأمين البترول في ايران.. وأروع من سقوط قلعة ديان بيان فو أو سقوط بكين. كانت جريدة التيمس قد علقت علي شراء بريطانيا لنصيب مصر في قناة السويس في 25 نوفمبر 1875.. بقولها: "إن بريطانيا وغيرها من الدول لا تنظر إلي هذه العملية علي أنها عملية تجارية.. إنها فوق كل ذلك عملية سياسية.. انها تعلن عن نيات بريطانيا في المستقبل". وبعد سبع سنوات فقط من هذه الصفقة.. وضحت نيات بريطانيا واحتلت مصر. ومصر اليوم بعد تأميم شركة قناة السويس لا تنظر إلي التأميم علي أنه عملية تجارية فحسب.. انها تفكر كما كانت تفكر انجلترا عندما اشترت الأسهم المصرية في عام 1875 . تفكر في مستقبل مصر، ولكن مصر تفكر بطريقة أخري. إن استقلال القطن المصري.. وتأميم قناة السويس.. جعل مصر لا تفكر فحسب في مستقبلها.. إنها تصنع هذا المستقبل. قال جمال في خطابه إن الدول الكبري امتصت دماء مصر.. فما هي كمية الدم التي امتصوها باسم قنال السويس: لقد كانت مصر تقدم عشرين ألف عامل، يستبدلون كل أسبوعين بعد أن يكونوا قد نزفوا دماءهم. ولم يكن هذا العدد الضخم من العمال يتقاضي أجرا.. بل كان يعمل بالسخرة.. أو كانوا يتقاضون قرشا واحدا في اليوم. دفعت مصر 15 مليونا من تكاليف حفر القناة وهي 18 مليونا.. بدأت سلسلة الديون المصرية، فقد استدان سعيد - أول ما استدان - ليستطيع أن يشتري الأسهم التي عجزت الشركة عن بيعها. وخسرت مصر أكثر من 16 مليون جنيه في مشروع القناة. وحتي نصيب الحكومة المصرية في أرباح الشركة، وهو (15٪).. تنازل عنه الخديو إسماعيل لبنك الكريدي فونسييه عام 1880.. ثم باعه البنك إلي شركة فرنسية تستولي عليه حتي اليوم باسم "حصة الحكومة المصرية". ظلت مصر لا تستفيد مليما بعد أن فقدت أسهمها وحصتها.. وفي عام 1936 عقدت الحكومة المصرية مع الشركة اتفاقا تدفع الشركة بمقتضاه 200000 جنيه سنويا تزيد حتي 300000 جنيه. وفي عام 1949 حدد ما تدفعه الشركة بسبعة في المائة من الأرباح أي حوالي 700000 جنيه. ولقد كانت شركة قناة السويس دولة داخل دولة.. تماما كان قال الرئيس جمال عبدالناصر. فقد ظلت الشركة غير خاضعة لقانون الشركات، حتي اتفقت معها الحكومة اتفاقا خاصا في 7 مارس 1949 وهو المعروف بقانون رقم 136 . وكان للشركة حق إقامة المدن وهي تملك نصف مدينة بورسعيد. وثلثي مدينة الإسماعيلية ومدينتين كاملتين: بورفؤاد وبور توفيق. وفي هذه المدن تقوم بأعمال البلدية.. وتشرف علي مجالس البلديات المصرية في المنطقة ولها في كل مجلس عضوان رسميان. وهي تملك شبكة مياه ومجاري وتحصل ثمن الاستهلاك من الأهالي تماما كأية حكومة. وهي تملك طريقين.. طريق السويس - الاسماعيلية.. وطريق الاسماعيلية - بورسعيد. وإيراد شركة القناة يزيد علي 30 مليونا، وهو يوازي نصف إيراد الجمارك المصرية، وثمانية أضعاف ايراد ضريبة الاطيان، وعشرين ضعف إيراد عوائد الأملاك وأكثر من مائة ضعف إيراد المنشآت الصناعية. ولم يكن تأميم القنال يخطر علي بال أي دولة.. إنما كانت دول الغرب ترسم مستقبل القنال وتحلم بامتداد أجل الشركة بعد نهاية القرن العشرين، ولكن هذا الحلم تبدد بإعلان التأميم منذ يومين. ولكن ما هو التأميم؟ التأميم هو - نقل ملكية مؤسسة أو شركة إلي الدولة - لتقوم بإدارتها. وقد تم التأميم في عدة بلاد.. في الغرب والشرق.. تم في بريطانيا عندما أممت حكومة العمال شركات الصلب والحديد والنقل الجوي والمناجم.. وذلك بعد توليها الحكم في عام 1945 وقد تم هذا التأميم بقانون وافق عليه مجلس العموم، ودفعت الحكومة تعويضات في مقابل هذه الشركات المؤممة.. وقدر ثمنها في وقت التأميم. وقد تبنت الأحزاب الاشتراكية في الغرب فكرة التأميم وأصبحت في برامجها العادية.. وقد يتم التأميم بدون تعويضات كما حدث في روسيا بعد ثورة 1917 وقد يتم التأميم بتعويضات كما حدث في إيران عند إعلان تأميم البترول واستعداد الحكومة لدفع التعويضات اللازمة. وأضخم محاولة للتأميم وقعت في الشرق قبل تأميم قنال السويس، هي محاولة مصدق تأميم البترول الإيرانية.. ويحسن أن نستعرض مراحل تأميم البترول في إيران لنري صورة لمحاولة فرض النفوذ الأجنبي علي سيادة الدولة. وذلك مع ملاحظة الفرق الكبير بين إيران ومصر، وملاحظة ضخامة شركة القنال بالنسبة لشركة البترول الإيرانية. في ربيع عام 1948 طلبت الحكومة الإيرانية من الشركة مراجعة الشروط المالية في اتفاقية سنة 1933 التي تعطيها احتكار بترول إيران في كل أراضيها. قدم الجنرال رازمارا رئيس الحكومة مشروعا بزيادة حقوق ايران إلي المجلس في أكتوبر سنة 1951 وكان مصدق هو رئيس اللجنة البرلمانية وزعيم الجبهة الوطنية. ورفضت اللجنة في ديسمبر هذا الاتفاق. وتقدم الدكتور مصدق باقتراح بالتأميم تؤيده جبهة وطنية من الأحزاب وأعلن رازمارا أن إيران لا تستطيع التأميم لأسباب فنية واقتصادية وسياسية. قتل الجنرال رازمارا بعد إعلان بيانه بأربعة أيام في جامع طهران ثم جاءت حكومة يترأسها حسين علي لمدة أيام قليلة.. تبعتها وزارة برئاسة مصدق صاحب فكرة التأميم. في 15 مارس وافق المجلس علي اقتراحات مصدق بالتأميم.. ووافق مجلس الشيوخ بعد خمسة أيام. ووافق الشاه في أول مايو علي القانون عارضت الشركة والحكومة البريطانية التأميم سارت المظاهرات المعادية لبريطانيا في طهران.. وحدثت الاضرابات بين عمال البترول. في أكتوبر سنة 1951 غادر الموظفون البريطانيون طهران. في مايو سنة 1951 أعلنت الشركة أنها تتمسك باتفاقية سنة 1933 . تقدمت الحكومة البريطانية إلي محكمة العدل الدولية تطلب تعيين محكم. أرسل مصدق إلي وزارة الخارجية البريطانية يعلن رأيه: "مع التسليم بأن الاتفاقات بين الشركة وإيران تمت من أناس أو شركات فردية.. ومع التسليم بأن الاتفاقات بين الشركة وايران تمت من أناس أو شركات فردية، ومع التسليم بأنه يمكن اعتبار هذه الاتفاقيات صحيحة من الناحية القانونية، فإنها لا يمكن أن تعلو علي (السيادة الوطنية) وبالتالي فلا توجد هيئة دولية تختص بمثل هذا النزاع الذي يتصل بالسيادة". وقال الإنجليز: إن اتفاقية سنة 1933 عقدت بين الحكومة الإيرانية وشركة أجنبية تحت رعاية الأممالمتحدة ووافق عليها المجلس الوطني فأصبحت لها قوة القانون في إيران وأن الحكومة البريطانية باعتبارها تملك أغلبية الأسهم لها الحق في التدخل لحماية حقوقها. وبدأ نظر النزاع أمام محكمة العدل الدولية في 22 يونيو 1951 وطلبت بريطانيا اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية حقوقها. وقضت المحكمة بتعيين لجنة ثلاثية تشرف علي تنفيذ قراراتها. ورفضت الحكومة الإيرانية قرار المحكمة. عندما رفضت إيران قرار محكمة العدل الدولية.. تدخل امريكا. وأرسلت أمريكا هاريمان مندوب ترومان ليتباحث مع الحكومة الإيرانية وقام حزب توده وبقية الأحزاب الوطنية بمظاهرات عنيفة ضد قدوم هاريمان، وحضر المستر ستكوكس مندوب بريطانيا إلي طهران. واقترحت الحكومة الايرانية: 1- التباحث مع مندوبي الشركة القديمة إذا اعترفت الشركة بالتأميم. 2- قبول مناقشة تطبيق قانون التأميم وتأيره علي المصالح البريطانية. وقبلت بريطانيا عرض إيران. واعترفت بمبدأ التأميم، واقترحت: (أ) نقل حقوق الشركة وممتلكاتها إلي الشركة الوطنية الجديدة. (ب) إنشاء مكتب لشراء البترول الإيراني، وعقد اتفاق طويل الأجل. (ج) إعطاء الشركة الحق في بيع البترول في الحدود التي لا تضر بمصالح المكتب. (د) إنشاء مكتب للأبحاث والنقل وشحن البترول. (ه) بيع البترول إلي مكتب الشراء بسعر الميناء. وبعد يومين أعلن حسين فاطمي وزير خارجية إيران رفض إيران لهذه المقترحات واعتبارها كأن لم تكن. وقالت إيران أنها تقبل بيع البترول إلي بريطانيا بالثمن الدولي.. مع عدم الاعتراف بحقها - أي حق بريطانيا - في احتكار شراء بترول ايران. واقترحت بريطانيا اقتراحات أخري منها تفضيل إيران للعملاء القدامي.. وتشغيل الخبراء القدامي.. وابقاء الجهاز الإداري القديم. ولكن المفاوضات قطعت بين البلدين وتقدم مصدق إلي هاريمان في 12 سبتمبر باقتراحات جديدة.. 1- إبقاء الموظفين القدامي في حدود قانون التأميم. 2- حق إيران في استشارة مستشارين من البلاد (المحايدة) 3- بيع البترول لبريطانيا في مدة محددة وبمقدار محدد هو 10 ملايين طن بالسعر الدولي للبترول. 4- طرد جميع الموظفين البريطانيين إذا لم توافق بريطانيا علي هذه الشروط في خلال خمسة عشر يوما. وأعلن هاريمان يأسه. وفي 25 سبتمبر أعلنت الحكومة الإيرانية أنها تعطي الموظفين البريطانيين مهلة ثمانية أيام لمغادرة أراضيها وغادرها بالفعل 2800 موظف وظل 350 خبيرا فنيا غادروا إيران في 30 أكتوبر. ولجأت الحكومة البريطانية إلي مجلس الأمن لإلزام إيران بتنفيذ قرار محكمة العدل الدولية. وتقدم مندوب بريطانيا يشكو إلي مجلس الأمن من أن إيران ترفض تنفيذ القرارات المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية. وقدمت بريطانيا مشروع قرار لرجاء إيران بأن تتصرف بما يتمشي مع قرارات محكمة العدل المؤقتة.. وخاصة السماح للموظفين البريطانيين بعدم مغادرة عبدان". عدل مندوب بريطانيا الاقتراح إلي مجرد "دعوة إيران للدخول في مفاوضات بأسرع وقت ممكن". وقالت بريطانيا إن السلام الدولي مهدد وللمجلس الحق في نظر المسألة حتي ولو لم يكن يريد الوصول إلي قرار نهائي في موضوع النزاع. وقالت بريطانيا إن مجلس الأمن يجب أن يتدخل باسم "التقدم والذكاء ضد الرجعية العمياء". وقال مصدق: إن ايران لا تعترف بسلطان محكمة العدل الدولية وأنها تتعجب من التجاء بريطانيا إلي مجلس الأمن وأن المسألة خاصة بإيران وحدها.. وليس لمجلس الأمن ولا لمحكمة العدل أي اختصاص بعد ذلك. واقترحت فرنسا في 19 أكتوبر تأجيل اتخاذ قرار من مجلس الأمن حتي تتخذ المحكمة الدولية قرارا في النزاع. ووافقت ثمانية أصوات علي هذا الاقتراح ضد صوت واحد هو صوت الاتحاد السوفيتي.. وامتنع صوتان.. صوت بريطانيا صاحبة النزاع.. وصوت يوغوسلافيا. وأيدت روسيا رأي إيران في عدم اختصاص مجلس الأمن أو محكمة العدل الدولية، وقال مندوبها إن بريطانيا تطلب من مجلس الأمن أن يتدخل في شئون إيران الداخلية، وأن شكوي بريطانيا اعتداء علي سيادة إيران" وهنا تدخلت أمريكا وفي نهاية شهر أكتوبر سافر مصدق إلي أمريكا للوصول إلي حل المشكلة الإيرانية الإنجليزية وللحصول علي مساعدة أمريكية. وفشلت المفاوضات.. ولكن مصدق حصل علي مساعدات أمريكية تقدر ب 23.4 مليون دولار.. وحصل من البنك الدولي علي 8.750.000 دولار. وفي 9 يونيو 1952 بدأت مناقشة النزاع أمام محكمة العدل الدولية من جديد، ودفعت إيران بعدم اختصاص المحكمة الدولية ، وقالت إيران إن ميثاق الأممالمتحدة يمنع من التعرض لسيادة الدول الأعضاء. وأن المادة 36 من قانون المحكمة الدولية يقصر تدخل المحكمة علي المنازعات التي نص فيها من قبل علي ذلك الاختصاص وأن إيران لن تقبل مطلقا اختصاص المحكمة بدون قيد ولا شرط. وحكمت المحكمة بعدم اختصاصها وقالت بأن العقد لا يعدو أن يكون اتفاقا بين حكومة إيران وشركة البترول.. وأن الحكومة البريطانية ليست طرفا فيه. في نفس الوقت تكونت جبهة وطنية للدخول في الانتخابات الجديدة. ولكن الدكتور مصدق قدم استقالته لأن إمبراطور ايران رفض أن يعطيه السلطة الكاملة التي يتطلبها الموقف. وقامت مظاهرات شعبية وصل فيها الغضب الوطني إلي أقصاه. وتولي مصدق الوزارة من جديد وحصل علي "السلطة الكاملة" لمواجهة الموقف. وأصبح مصدق في هذه المرة.. الزعيم الذي يمثل الوحدة الوطنية ومستقبل إيران الاقتصادي. وكانت إنجلترا قد فرضت القيود علي الصادرات إلي ايران.. وعلي الاسترليني. واقترحت أمريكا في الوقت ذاته اقراض ايران 10 ملايين دولار. وقبلت الحكومة الإيرانية عرض النزاع علي المحكمة الدولية علي شرط أن تدفع إنجلترا 49 مليون جنيه استرليني.. علي ذمة الميزانية القديمة عن عام 1950 لتصفية حقوق ايران. ورفضت بريطانيا هذا الاتفاق. وظلت المفاوضات مقطوعة حتي سقوط حكومة مصدق. وقامت الدول الغربية والشركات الأجنبية بحرب اقتصادية أشد حماسا من الحروب الصليبية. وقامت الحكومة الإيرانية بعرض بترولها، علي العالم فلم تجد مشتريا. وفي 29 مايو سنة 1953 تقدم مصدق بطلب المساعدة التي اتفق عليها مع ترومان.. ولكن أمريكا تخلت عن وعدها.. وأعلنت أنها لن تقبل إعطاء أية مساعدة لإيران إلا بعد اتفاق إيرانوبريطانيا. بدأ الانقلاب.. قامت مناوشات في مناطق ايران الشمالية.. وأعلن الجنرال زاهدي ولاءه لشاه ايران. وحدثت مظاهرات واعتقالات.. وقبض علي مصدق. وبدأ حكم زاهدي الذي انتهي بالاتفاق مع إنجلترا وامريكا، وتكونت لجنة تحفظ احتكار بترول إيران للدول الغربية.. وارتدت حركة التأميم التي اشتركت فيها الجبهة الوطنية الإيرانية والتي أصبحت عقيدة الإيرانيين طوال حكم مصدق. هذا هو ما حدث في إيران علي أن الفارق بعيد بين محاولة مصدق تأميم البترول وسياسة مصر في تأميم شركة القناة.. وإن كان الاساس لا يختلف بين الاثنين.. فأساسه هو سيادة الدولة.. وحقها في امتلاك الممتلكات والثروات التي توجد علي أراضيها. ولكن الظروف التي تم فيها تأميم البترول تختلف عن ظروف التأميم في مصر. فقد نجحت الولاياتالمتحدة في التدخل كوسيط أولا بين الدولتين المتنازعتين وحاول حاريمان مندوب ترومان اقناع الدكتور مصدق أن أمريكا تسانده.. ولكن أمريكا تخلت عن مصدق في الوقت المناسب، وانقلبت تؤيد إنجلترا تأييدا مطلقا، وخاصة عندما زاد الحصار الاقتصادي واشتد أثره علي اقتصاد إيران. وقد كان لهذه السياسة الامريكية أثر كبير في احباط محاولة التأميم. ولذلك يمكن القول إن مصدق قد اعتمد كثيرا علي التناقض بين المصالح الأمريكية والبريطانية.. ولكن هذه المصالح سرعان ما اتفقت ضد مصدق. وقد كسب الغرب معركته ضد مصدق بالحصار الاقتصادي وبتخلي أمريكا فجأة عن تقديم المساعدات التي سبق أن وعدت بها لإيران. نقطة ثانية هامة: فالحصار الاقتصادي الذي أعلنته دول الغرب ضد إيران.. حصار كاد ينجح في تقييد الاقتصاد الإيراني.. لأنه اقتصاد يعتمد أساسا علي البترول. ولذلك أمكن لدول الغرب أن ترهق الاقتصاد الايراني.. وكان ذلك مقدمة لمؤامرات الغرب.. التي بدأت يسعي أمريكا للوساطة.. ثم تخليها عن ايران.. واتفاقها مع بريطانيا. أما تأميم القنال.. فهو تأميم لباب جانبي لم نكن نعتمد عليه في ثروتنا القومية، حتي قبل إعلان التأميم. فاستقلال القطن وتحرر أسواقه.. واستقلال الاقتصاد المصري عن أسواق الغرب.. يجعلنا في غني عن الأسواق الغربية، ويستبعد كل ما يمكن أن يأمله الغرب. ثم إن سياسة مصر لا تقوم علي تعارض المصالح بين انجلتراوأمريكا كما كانت تقوم سياسة إيران.. إننا لم نخدع ابدا بهذا الوهم، اننا كنا نعلم دائما أن مصالح انجلترا هي مصالح أمريكا.. مصالح الاستعمار والاستبداد والطغيان. ولذلك لن يستطيع الغرب أن يدبر في مصر نفس المؤامرات التي دبرها في إيران.