سقوط الفلوجة أو معظمها علي يد القوات العراقية أعلنه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بينما تشكك منه وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر الذي قال إن ما تحرر هو جزء منها وليست الفلوجة بالكامل.. ورغم ذلك ومنذ سقوط الفلوجة في يد عصابات داعش الإرهابية، التي طبقت كل قوانينها الجائرة علي سكانها، والمدينة التي تعد نجف السنة في العراق إشارة للنجف التي تعد نجف شيعة العراق تعيش حالة من اليأس والخضوع للتنظيم من جهة، والخوف من عودة قبضة الحكومة العراقية وحلفائها من جهة أخري.. وذلك الشعور راود سكانها منذ الإعلان في 25 مايو الماضي عن حملة تحريرها، التي شارك فيها أطراف عديدة متصارعة أحيانا ومتضاربة غالبا، فهناك من القوات التي ذهبت لتحريرها، قوات الحشد الشعبي وهي قوات شيعية يقدر عددها بعشرة آلاف مقاتل، وولاؤها في المقام الأول إما لإيران أو لقوات شيعية وميليشيات عراقية محلية وهذه ارتكبت العديد من المجازر وبلغ عدد من قتل علي أيدي قواتها نحو49 مدنيا بالإضافة لفقد 643 آخرين في عملية تحرير الفلوجة من يد داعش.. ثم هناك قوات الجيش العراقي والشرطة العراقية المركزية، وقوات من مكافحة الإرهاب التابعة للمخابرات وجري تدريبها علي يد قوات خاصة أمريكية وغربية.. كما تقول صحيفة الجارديان البريطانية.. ثم هناك قوات التحالف الدولي التي قامت بتقديم الدعم الجوي اللازم، ليس في الفلوجة وحدها، بل في منطقة الأنبار.. إضافة لمدن عراقية أخري تم تحرير بعضها ومازال البعض الآخر في الانتظار.. ثم قوات عشائر الأنبار ومنها قوات سنية منتظمة في وحدات الحرس الوطني العراقي منذ أوائل القرن الحالي، وكان لها دورها البارز في تحرير عدة مدن عراقية من يد تنظيم القاعدة، ولكن الحكومة المركزية العراقية لم تعاملهم بالقدر الكافي من الاحترام لدورهم في مكافحة الإرهاب خاصة بعد بدء انسحاب القوات الأمريكية من البلاد. أما أخطر تلك القوات التي تنخرط في الحرب في العراق، وبالذات ضد كل من داعش أو السنة، فهي القوات الموالية لإيران، والتي شارك بعضها في حرب تحرير الفلوجة، وأبرزها تحت قيادة الجنرال الذهبي.. كما يطلقون عليه في إيران.. قاسم سليماني، وهو قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وسبق له الانخراط في حروب في سوريا ولبنان وبدعم من قوات شيعية تابعة لحزب الله اللبناني، ويعمل تحت قيادته أيضا قوات مثل فيلق بدر الشيعي العراقي وكتائب الخراساني العراقية وعصائب الحق وهي إحدي الجماعات الشيعية العراقية المسلحة. وتعد الفلوجة بذلك ومع كل هذه القوات والتشكيلات المتباينة أحيانا، ذات خصوصية، فهي المدينة الباسلة الوحيدة تقريبا، التي استمرت في قتال القوات الأمريكية بعد غزوها للعراق وإسقاط صدام حسين ودخول العاصمة بغداد، وهي التي حاربت في الماضي تنظيم القاعدة ومن بعده داعش، كما أنها من أكبر المدن السنية العراقية التي مازالت صامدة في وجه المد الشيعي العراقيالإيراني، خاصة بعد سقوط نظام صدام، وتغير الخريطة السياسية تماما هناك.. وكما تقول صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.. فقد شهدت الفلوجة نزوحا للآلاف من سكانها خوفا من كل من داعش والقوات التي قامت بغزوها، وهو ما أدي لنزوح عشرات الآلاف منهم لخارجها، إضافة لنحو خمسين ألفا لم يستطيعوا الخروج، واستخدمتهم داعش كدروع بشرية مفخخة لمنع تقدم القوات لقلب المدينة، وهؤلاء تركوهم محرومين من الغذاء والدواء، ومحاصرين مابين مطرقة داعش وسندان القوات الغازية خاصة الشيعية منها. وحسب - مجلة تايم الأمريكية - فإن العراق ربما يكون قد انتهي فعلا في حرب تحرير الفلوجة، إذ إنها قد تكون بداية لحرب تقسيم طائفي آخر للعراق خاصة مع اتجاه القوات الشيعية لتغيير طبيعة المدينة السنية كما حدث في مدن عراقية أخري، تم تهجير سكانها إما طوعا أو قسرا وإحلال سكان شيعة مكانهم، في تغيير واضح للطبيعة الديمقراطية السكانية للعراق. أما صندوق الأممالمتحدة للطفولة والأمومة - اليونيسيف - فقد ركز علي الوضع الإنساني للفلوجة حتي بعد تحريرها فهناك أكثر من عشرين ألف طفل مازالوا يعانون من نفاد كل وسائل الحياة الأساسية من غذاء ودواء، ونقص في إمدادات الكهرباء والمياه، في المدينة التي تعد طريقا استراتيجيا ليس للعراق وحده، بل لسوريا المجاورة، حيث ترتبط بالرقة السورية والموصل العراقية، وتعد معهم آخر معاقل داعش في الدولتين.