الأزهر: انتظام امتحانات الدور الثاني للثانوية الأزهرية في هدوء وانضباط كامل    «إحنا من جمهوره».. عمرو يوسف يكشف كواليس رقصه مع عمرو دياب على المسرح    شروط الالتحاق بأقسام آداب القاهرة للطلاب المستجدين 2025 (انتساب موجه)    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    ضمن جهوده المجتمعية .. حزب حماة الوطن ينظم رحلات عمرة مجانية    موجة حارة جديدة.. تحذير من طقس الأيام المقبلة    مسئول فلسطيني يدعو المجتمع الدولي إلىاختصار الوقت في مواجهة إرهاب الاحتلال    تمرد إيزاك يشعل أزمة في نيوكاسل وليفربول يترقب    تفاصيل اكتشاف نفق بطول 50 مترًا قرب منطقة القصير في جنوب لبنان    الرئيس السيسى ورئيس وزراء اليونان يشددان على ضرورة البدء الفورى فى إعادة إعمار غزة عقب وقف إطلاق النار    مالي: مقتل أكثر من 149 جنديًا بهجمات لتنظيم القاعدة    النصر × أهلي جدة.. موعد نهائي السوبر السعودي والقناة الناقلة    عانى من كسرين في القدم.. تفاصيل جراحة مروان حمدي وموعد عودته للمباريات    ارتفاع طفيف للدولار أمام الجنيه اليوم الأربعاء 20/8/2025    محافظ الغربية: ملف المخلفات على رأس أولويات تحسين جودة الحياة للمواطنين    الداخلية تكشف ملابسات فيديو سيدة تلقي بنفسها أمام السيارات في الشرقية    محافظ الشرقية يزور مصابي حادث انهيار عقار الزقازيق.. صور    غدر الذكاء الاصطناعى    تنسيق الشهادات المعادلة 2025.. خطوات تسجيل الطالب بياناته ورغباته    بينها فساتين قصيرة وجريئة.. ياسمين رئيس تنشر فيديو لإطلالات مختلفة لها بالصيف    تعرف على آخر مستجدات الحالة الصحية للفنانة أنغام    شنطة بنص مليون.. دينا فؤاد تخطف الأنظار بفستان جريء    مناقشات وورش حكي بالغربية ضمن فعاليات المبادرة الصيفية "ارسم بسمة"    وفاة ابن شقيقة المطرب السعودي رابح صقر    المنشاوي يهنئ طلاب جامعة أسيوط بحصد 9 جوائز في مهرجان الطرب للموسيقى والغناء    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الاكتئاب والفتور في العبادة (فيديو)    طلقها وبعد 4 أشهر تريد العودة لزوجها فكيف تكون الرجعة؟.. أمين الفتوى يوضح    جامعة قناة السويس تطلق قافلة شاملة لقرية التقدم بالقنطرة شرق    في يومه العالمي- متى تسبب لدغات البعوض الوفاة؟    إيران تدرس إرسال وفد إلى فيينا لاستئناف المحادثات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    وزير الصحة يتفقد مستشفى الشروق ويوجه بدعم الكوادر الطبية وتطوير الخدمات    بيع مؤسسي يضغط سوق المال.. والصفقات تنقذ السيولة    «يتحمل المسؤولية».. نجم ليفربول يتغنى ب محمد صلاح    الأوقاف تعقد 681 ندوة بعنوان "حفظ الجوارح عن المعاصى والمخالفات"    أهم أخبار الإمارات الأربعاء.. محمد بن زايد يهنئ رئيس المجر بذكرى اليوم الوطني    البيئة تناقش آليات تعزيز صمود المجتمعات الريفية أمام التغيرات المناخية بقنا    الزمالك يكشف عن موعد التصفيات النهائية لاختبارات البراعم    كنوز| 101 شمعة لفيلسوف الأدب الأشهر فى شارع صاحبة الجلالة    مدبولي لقادة الدول: حان الوقت لاتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لردع العدوان الإسرائيلي والاعتراف بالدولة الفلسطينية    حملة موسعة على منشآت الرعاية الأولية في المنوفية    تحرير 7 محاضر لمحلات جزارة ودواجن بمدينة مرسى مطروح    إزالة 19 حالة تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة في المنيا    محافظ الإسماعيلية يتفقد عددا من القطاعات الخدمية ويستمع للمواطنين بمركز أمراض الكلى    تعرف على مواجهات الزمالك في دوري الكرة النسائية للموسم الجديد    عمر طاهر على شاشة التليفزيون المصري قريبا    ضبط المتهمين بالتنقيب عن الآثار داخل عقار بالخليفة    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    تحرك عاجل من "سلامة الغذاء" بشأن شكوى مواطن من مطعم بالبحيرة    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الأربعاء 20 اغسطس 2025 بمحافظة بورسعيد    انطلاق ملتقى الشباب العربي الياباني في الجامعة العربية    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    وسام أبو علي: التتويج بالبطولات سبب انضمامي إلى كولومبوس    أحمد ياسر: كهربا يمر بظروف صعبة في ليبيا... ولا يصلح للعب في الأهلي والزمالك    نيوكاسل ردا على إيزاك: لم يتم إبلاغه أن بإمكانه الرحيل.. ونرحب بعودته    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    انطلاق القطار السادس للعودة الطوعية للسودانيين من محطة مصر (صور)    ترامب: رئيس البنك المركزي يضر بقطاع الإسكان وعليه خفض أسعار الفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذوَّاقة

الطعامُ‮ ‬معبِّراً‮ ‬عن الشَرَه والجوع والثورة والرفاهية
الطعام كبطلٍ‮ ‬إنساني‮:‬
‮(‬كنتُ‮ ‬أشعرُ‮ ‬بالاضطراب داخل المطعم كذلك،‮ ‬وخاصةً‮ ‬أنني كنتُ‮ ‬أمقتُ‮ ‬رؤيةَ‮ ‬هذا السلوك حيث‮ ‬يتناول الناس طعامهم بنهمٍ‮ ‬وزهو‮. ‬كان ثلث الطعام علي الطاولةِ‮ ‬الواحدة‮ ‬يضيع هباءً،‮ ‬وكانت حاوياتُ‮ ‬الفضلات تمتلئ ببقايا السمكِ‮ ‬واللحم والأرز الأبيض‮. ‬لقد تحول الأمر من‮ "‬فَسَدَ‮ ‬اللحم وخَمَّ‮ ‬الخمرُ‮ ‬في القصرِ‮ ‬الوسيع‮" ‬إلي‮ "‬فَسَدَ‮ ‬اللحم وخَمَّ‮ ‬الخمرُ‮ ‬في المطعمِ‮ ‬الوسيع‮"‬،‮ ‬وإذا أفلَتُ‮ ‬العنانَ‮ ‬للأمور وكنتُ‮ ‬مُتسيباً،‮ ‬فأيُّ‮ ‬ثورةٍ‮ ‬قمتُ‮ ‬بها؟‮).. ‬من رواية الذوَّاقة‮.‬
يقول الروائي الصيني‮ "‬لو وين فو‮" ‬علي لسان بطل الرواية،‮ ‬الشخصِ‮ ‬الذي عاصر الثورةَ‮ ‬الشيوعية شاباً‮ ‬وكَبُرَ‮ ‬مع تحولاتها وهو‮ ‬يعمل‮ "‬مديراً‮ ‬لمطعم‮".. ‬وفيما كان هذا المدير‮ ‬يدعو إلي التشقف الثوري إن جاز التعبير حتي في الطعام،‮ ‬كان ثمة شخص آخر شَرِهٌ‮ ‬ويحب الطعام،‮ ‬في توازي بين شخصيتين كلاهما علي النقيض وبطلهما واحد‮.. ‬الطعام‮.‬
لا تتحدث الرواية إذَن عن‮ "‬ذوَّاقة‮" ‬بالمعني التقني للكلمة،‮ ‬بقدر ما تتحدث عن تحولات المجتمع الصيني المنعكسة هنا في هذا العمل في‮ "‬ثقافة الطعام‮" ‬حين‮ ‬يصبح نادراً‮ ‬فتحدث مجاعة وحين‮ ‬يصبح وفيراً،‮ ‬فيتفنن الصينيون في موائدهم،‮ ‬وثمة وصفٌ‮ ‬شبه إمبراطوري في الرواية لمائدة كهذه،‮ ‬وإن كانت لعشرة ضيوفٍ‮ ‬فقط‮.‬
كما أنَّ‮ ‬البطل الثاني الشَّرِه‮ "‬تشو تزي تشي‮".. ‬لا‮ ‬يُبدي نهماً‮ ‬إزاء الطعام،‮ ‬كشخصٍ‮ ‬أكولٍ‮ ‬بقدر ما‮ ‬يعتبر الطعامَ‮ ‬متعةً‮ ‬وفنَّاً‮ ‬إلي حد أن‮ ‬يقدم لضيوفهِ‮ ‬الروبيان المقلي داخل حبات الطماطم الطازجة،‮ ‬إنَّه‮ ‬يحب الطعام ويتذوَّقه،‮ ‬معبِّراً‮ ‬بذلك عن طيفٍ‮ ‬إنسانيٍّ‮ ‬بامتداد الحضارات البشرية كلها في فنون الطهي والأكل،‮ ‬إنَّه‮ ‬يعبِّر عن نوعٍ‮ ‬من إرادة الحياةِ‮ ‬وحبها بالأكل حتي في أشد اللحظات المجاعة مأساوية‮.‬
الذوَّاقة وتحولات الصين الحديثة‮:‬
تُعَدُّ‮ ‬رواية‮ "‬الذوَّاقة‮" ‬أهم عمل للكاتب الصيني‮ "‬لو وين‮ ‬فو‮" ‬وقد نُشرت لأول مرة عام‮ ‬1983‮ ‬في العدد الأول من مجلة‮ "‬الحصاد‮". ‬وتدور أحداث الرواية في مدينة سوجو جنوب الصين،‮ ‬وهي مدينة مشهورة بجمال الطبيعة وأماكنها الترفيهية،‮ ‬ومعروفة كذلك بمطبخها الشعبي الغني‮. ‬وتحكي الرواية عن العلاقة بين أحد الأثرياء الذي‮ ‬يحبون تناول الطعام ويعمل كذوَّاقة وهو تشو زي تشي،‮ ‬وبين أحد المشاركين في الثورة الذي‮ ‬يعمل جاهداً‮ ‬لتنفيذ أهدافها والبعد عن البذخ والإسراف وهو قاو شياو تينغ‮. ‬وعبر اثني عشر فصلاً،‮ ‬اقتطع الكاتب لو وين فو زمناً‮ ‬تاريخياً‮ ‬يمتد لحوالي أربعين عاماً،‮ ‬بدايةً‮ ‬من الحرب الأهلية الصينية،‮ ‬مروراً‮ ‬بالمجاعة الكبري،‮ ‬ثم اندلاع الثورة الثقافية وما بعدها،‮ ‬حيث عكست الرواية أحوال المجتمع الصيني في ظل تلك الأحداث التاريخية،‮ ‬وناقشتها بشكل عميق من خلال طرح موضوع الطعام وثورة المطاعم ودمجها مع تلك الأحداث،‮ ‬بحيث‮ ‬يمكننا تتبع الأحوال الاجتماعية بل والظروف النفسية كذلك للشعب الصيني خلال تلك الظروف الصعبة وقدرة هذا الشعب علي التعامل معها،‮ ‬حتي خروجه من عنق الزجاجة بانتهاء الثورة الثقافية وبداية عصر الإصلاح والانفتاح‮. ‬
ويمكننا اعتبار هذه الرواية روايةً‮ ‬اجتماعية وسيرةً‮ ‬ذاتية للكاتب كذلك‮. ‬فقد قال‮ "‬لو وين فو‮": "‬قاو شياو تينغ‮ ‬هو أنا‮". ‬لأنَّ‮ ‬سخطه وكرهه للمجتمع القديم كان السبب الذي دفعه إلي الاشتراك في الثورة والتغيير،‮ ‬ولأنَّه كان معجباً‮ ‬بالأفكار الثورية المثالية،‮ ‬وقد وقف من قبل لطلب العفو والسماح أثناء الثورة الثقافية كما ستحكي الرواية،‮ ‬ولأنه نُفي لمدة تسع سنوات إلي الريف‮. ‬وتكشف الرواية عبر الشخصيات عن نوع من التأمل الدقيق في الثورة والأفكار الثورية،‮ ‬وعن الأحوال الاقتصادية والاجتماعية،‮ ‬وعن بعض الأفكار والسياسات‮ ‬غير الناضجة وغير المكتملة التي لها علاقة ببناءِ‮ ‬دولةٍ‮ ‬ومصيرِ‮ ‬شعب‮. ‬
مطبخ سوجو العالمي‮:‬
كان الكاتب‮ "‬لو وين فو‮" ‬قارئاً‮ ‬نهماً‮ ‬للكتب والراويات الكلاسيكية،‮ ‬والشعر الصيني القديم وكتب التاريخ والفلسفة،‮ ‬والكتب المترجمة،‮ ‬كما أنَّ‮ ‬عمله صحفياً‮ ‬لمدة ثماني سنوات،‮ ‬والظروف التي مر بها،‮ ‬أثر بشكل بالغ‮ ‬في كتاباته وأثري لغته الأدبية‮. ‬وبالإضافة إلي ذلك،‮ ‬فإنَّ‮ ‬حبه لمدينة سوجو بطبيعتها الخلابة ومطبخها الغني المعروف حتي عالمياً،‮ ‬انعكس تقريباً‮ ‬في كل أعماله‮. ‬ولم تكن رواية‮ "‬الذوَّاقة‮" ‬استثناءً‮. ‬وسيجد القارئ أبياتاً‮ ‬من الشعر الصيني القديم لبعض الشعراء المشهورين مثل‮ (‬باي جو‮ ‬يي‮) ‬و(تانغ‮ ‬بو خو‮)‬،‮ ‬ووصفاً‮ ‬لمدينة سوجو،‮ ‬وتفاصيلَ‮ ‬عن بعض وجباتها،‮ ‬كما أنَّ‮ ‬الرواية لا تخلو من ذكر أحداث تاريخية كالحرب الأهلية والمجاعة الكبري والثورة الثقافية وغيرها‮. ‬إلي جانب ذلك،‮ ‬تأتي عباراتٌ‮ ‬من اللهجةِ‮ ‬المحليةِ‮ ‬لمدينةِ‮ ‬سوجو بين حين وآخر في متن الرواية،‮ ‬والتي آثرت ترجمتها باللغةِ‮ ‬العربيةِ‮ ‬الفصحي وعدم اللجوء إلي العامية المصرية لأنها ليست كثيرة إلي الحد الذي‮ ‬يؤثر في المتن العام لنص الرواية‮.‬
وسوف‮ ‬يلاحظ القارئ استخدام الكاتب لتقنيات متعددة في كتابته،‮ ‬كاستعادة الأحداث الماضية‮ (‬الفلاش باك‮)‬،‮ ‬والوصف المُسهب أحياناً‮ ‬لحدثٍ‮ ‬ما،‮ ‬والتنقل بين الأزمنة،‮ ‬وتكرار عبارات وكلمات،‮ ‬والانتقال من ضمير المتكلم أو الراوي إلي ضمير المخاطب‮. ‬
الكتاب والصحفي وصاحبُ‮ ‬المطعم‮:‬
وكاتبُ‮ "‬الذوَّاقة‮" ‬الروائي والقاص‮ "‬لو وين فو‮" ‬يعدُّ‮ ‬من أبرز أعلام الأدب الصيني الحديث،‮ ‬ومن الكتاب الذين تركوا بصمةً‮ ‬واضحةً‮ ‬في الأدب الصيني،‮ ‬لا تزال مؤثرة بعد رحيله عن الحياة‮. ‬وقد كان الكاتبُ‮ ‬في حياته صحفياً‮ ‬وصاحبَ‮ ‬مطعمٍ‮ ‬كذلك الأمر الذي وظفَّه في روايته هذه بأشكالٍ‮ ‬مختلفة‮.‬
ولد‮ "‬لو وين فو‮" ‬يوم الثالث والعشرين من مارس آذار عام‮ ‬1927‮ ‬في محافظة تاي شينغ‮ ‬التابعة لمقاطعة جيانغسو جنوب الصين‮. ‬وقضي طفولته مع والدته وجَدته‮. ‬وحين كان عمره ست سنوات التحق بإحدي المدارس التقليدية،‮ ‬وأظهر ولعاً‮ ‬شديداً‮ ‬بالقراءة والكتب،‮ ‬الأمر الذي دفع بمعلمه إلي الاهتمام به وتشجيعه‮. ‬
أنهي‮ "‬لو وين فو‮" ‬دراسته الابتدائية والإعدادية خلال الحرب اليابانية الصينية الثانية‮ (‬1937‮- ‬1945‮). ‬وفي‮ ‬
عام‮ ‬1945‮ ‬انتقل إلي أقربائه في مدينة سوجو‮.. ‬التي تدور فيها أحداث الرواية‮.. ‬للاستجمام واستكمال الدراسة الثانوية،‮ ‬وبعد إنهائها كان‮ ‬يمكنه الالتحاق بجامعتين في مدينة شانغهاي،‮ ‬لكن أسرته لم تستطع تحمل نفقات الدراسة والمعيشة،‮ ‬ولهذا ذهب إلي المنطقةِ‮ ‬المحررةِ‮ ‬في سوبي حيث درس الماركسية في جامعة هوا تشونغ‮. ‬وبعد تخرجه من الجامعة اشترك‮ "‬لو وين فو‮" ‬في حرب التحرير،‮ ‬أو ما‮ ‬يُعرف بالحرب الأهلية الصينية في شمال جيانغسو‮. ‬وفي عام‮ ‬1949‮ ‬عاد إلي سوجو وعمل صحفياً‮ ‬في مؤسسة شينخوا بالمدينة،‮ ‬ومن ثم عمل صحفياً‮ ‬في جريدة سوجو‮. ‬
بدأ‮ "‬لو وين فو‮" ‬عام‮ ‬1955‮ ‬مسيرته الأدبية والتي استمرت أكثر من خمسين عاماً،‮ ‬وبعد سنتين أصبح عضواً‮ ‬في جمعية جيانغسو للأدب‮. ‬وفي عام‮ ‬1957‮ ‬أسس مع عددٍ‮ ‬من الكتاب مجلة أدبية عرفت باسم‮ "‬المستكشفون‮"‬،‮ ‬والتي سرعان ما قضت قبضةُ‮ ‬الحزب الشيوعي عليها وصُنِّفَ‮ ‬لو وين فو باليميني،‮ ‬وذلك أثناء ما‮ ‬يعرف‮ "‬بالقفزةِ‮ ‬الكبري إلي الأمام‮"‬،‮ ‬حيث أُجبر علي العمل كميكانيكي في سوجو‮. ‬وبعد ثلاث سنوات من العمل وحسن السير والسلوك،‮ ‬سُمِحَ‮ ‬له بالعودة إلي الكتابة‮. ‬وبعد اندلاع الثورة الثقافية في عام‮ ‬1966،‮ ‬نُفِيَ‮ "‬لو وين فو‮" ‬إلي الريف لإعادةِ‮ ‬التأهيل من خلال العمل حتي عام‮ ‬1976.‬‮ ‬وبعد انتهاء الثورة الثقافية بموت الزعيم ماوتسي دونغ،‮ ‬عاد لو وين فو إلي سوجو في نوفمبر عام‮ ‬1978‮ ‬وكان عمره خمسين عاماً‮. ‬
وفي ديسمبر من عام‮ ‬1978،‮ ‬شغل منصب رئيس تحرير مجلة سوجو،‮ ‬وعاد إلي الكتابة والتأليف مرة أخري في فترة الإصلاح والانفتاح في عهد دينغ‮ ‬شياو بينغ‮. ‬وعكست جميع أعماله تأملاً‮ ‬عميقاً‮ ‬وتفكراً‮ ‬في الذكريات والأحداث الخاصة بالتاريخ المعاصر للصين كالفقر والتراجع والتخلف والفوضي‮. ‬
وبعد أن نشر رواية‮ "‬الذوَّاقة‮" ‬عام‮ ‬1983،‮ ‬افتتح‮ "‬لو وين فو‮" ‬مطعم‮ "‬ذاوَّقةُ‮ ‬سوجو القديمة‮"‬،‮ ‬ليقدم في مطعمهِ‮ ‬مأكولات سوجو التقليدية،‮ ‬كوسيلةٍ‮ ‬لتحقيقِ‮ ‬فكرته المثاليةِ‮ ‬عن الطعام الجيد،‮ ‬وكان معروفاً‮ ‬في الوسط الأدبي الصيني باشتغاله في أعمال المطاعم‮. ‬
لقد انتهي به المطافُ‮ ‬إذَن في مدينة سوجو،‮ ‬مدينتَه المفضلةَ‮ ‬في مقاطعة سوجو،‮ ‬وكانت أعماله مرآة لهذه المدينة كما سنري في رواية‮ "‬الذوَّاقة‮" ‬وكان هذا هو السبب في اعتبار أعماله منتمية إلي أدب سوجو‮. ‬وفي التاسع من‮ ‬يوليو عام‮ ‬2005،‮ ‬توفي‮ "‬لو وين فو‮" ‬عن‮ ‬78‮ ‬عاماً‮ ‬متأثراً‮ ‬بإصابته بداءِ‮ ‬الانسدادِ‮ ‬الرئوي المزمن‮. ‬
وسام فارس الفرنسي لرواية‮ "‬الذوَّاقة‮":‬
برع الكاتب‮ "‬لو وين فو‮" ‬في كتابة القصص القصيرة والمقالات والروايات القصيرة والطويلة،‮ ‬ولعل قصصه القصيرة مثل‮ "‬الشرف‮" ‬كانت بداية مسيرته ككاتب وانتباه الوسط الأدبي إليه،‮ ‬إلَّا أن رواية‮ "‬الذوَّاقة‮" ‬كانت‮ "‬ذروةَ‮ ‬أعماله الإبداعية‮" ‬كما جاء في إحدي المقالات النقدية الصينية حول الراوية‮. ‬ومن أهم أعماله كذلك الرواية الطويلة‮ "‬المأوي‮"‬،‮ ‬وقصص قصيرة مثل‮ "‬البئر‮"‬،‮ "‬رجل من عائلة بائع متجول‮" ‬وقصة‮ "‬من أعماق الزقاق‮" ‬والتي تُعَدُّ‮ ‬من أهم قصصه القصيرة‮. ‬
وفي عام‮ ‬1989‮ ‬حصل الكاتب‮ "‬لو وين فو‮" ‬علي وسام فارس في الفنون والآداب والذي تمنحه فرنسا عن روايته‮ "‬الذوَّاقة‮" ‬التي نالت شهرةً‮ ‬كبيرة وتُرجمت إلي العديد من اللغات،‮ ‬كما حازت الرواية كذلك في الصين علي جائزة أفضل رواية قصيرة لعام‮ ‬1983‮ ‬‮ ‬1984.‬‮ ‬كما حُوِّلت روايةُ‮ "‬الذوَّاقة‮" ‬إلي فيلم من إخراج وبطولة الممثل الراحل‮ (‬شيوي تشانغ‮ ‬لين‮) ‬عام‮ ‬1985.‬‮ ‬
آمل أن تستمعوا بقراءةِ‮ ‬هذا العمل المترجم من اللغة الصينية إلي اللغة العربية لأول مرة،‮ ‬وبالرغم من أنَّه روايةٌ‮ ‬قصيرة أو نوفيلا،‮ ‬إلَّا أن ترجتمه استغرقت عدةَ‮ ‬أشهر في تدقيق أحداثه ووجباته وأسماء أكلاته ولغته،‮ ‬وآملُ‮ ‬أن تنمِّي هذا الرواية لدينا حاسةَ‮ ‬التذوق لطيبات الأدب والطعام والحياة‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.