تعاني مصر منذ أوائل التسعينات الانخفاض النسبي في اهتمام الدولة و الوزارات المتعاقبة بملفات الصناعة المصرية مما أدى إلى وصولنا للموقف الحالي المتمثل في النقاط التالية على سبيل المثال وليس الحصر : 1- بيع و خصخصة عشرات من شركات القطاع العام إلى مستثمرين مصريين أو عرب أو اجانب واستمرار بعضهم في نفس النشاط الصناعي واتجاه النسبة الأكبر منهم الى تحويل النشاطات إلى أنشطة تجارية او عقارية أو الغاء النشاط الصناعي كلياً. 2- الغاء واغلاق و تصفية عشرات من شركات القطاع العام و الغاء النشاط الصناعي الخاص بهم مما فتح الباب للاستيراد من الدول الأخرى وزيادة العبئ على الإقتصاد المصري والعملة الأجنية مثل ما تم مع بعض الشركات الإلكترونية و الكهربائية والأقلام و الكربون ووسائل النقل الخفيف و الأصباغ و كيماويات الغزل والنسيج و المراجل البخارية...... ألخ. 3- عدم ضخ استثمارات جديدة داخل مئات الشركات منذ أوائل الثمانينيات وحتى الآن أي لمده تصل لحوالي 30 – 35 عام مما أدى إلى عدم مجاراة التطور العالمي في معدات و خطوط الإنتاج الحديثة و عدم مواكبة التطور العالمي في مجال الجودة و كفاءة الإنتاج وتركز ذلك في مجال شركات صناعات الغزل و النسيج و الصباغة و شركات استصلاح الأراضي الزراعية و المقاولات و الرصف و الكباري و شركات الأسمدة و المبيدات الزراعية و الأجهزة الكهربائية والإلكترونية و مجالات صناعات الخامات و السبائك المعدنية و الحديدية و الغير حديدية و السباكة و الطرق وصناعة الإطارات والمنتجات المطاطية و البطاريات والمنتجات البلاستيكية والالياف...... إلخ. 4- انخفاض الإهتمام بتدريب و تاهيل العنصر البشري العامل في هذه الشركات و عدم الإحتكاك مع الشركات و المؤسسات الأجنبية و انخفاض مستوى نقل التكنولوجيات الجديدة و الخبرات الأجنبية فى مجالات صناعية جديدة و متطورة 5- انخفاض الاهتمام بمجالات البحث العلمى و التكنولوجى المتعلقة بالصناعات المصرية 6- اعتباراً من أوائل التسعينات بالقرن الماضى تم هجرة العديد من المهندسين و الخبراء السابق تأهيلهم خلال الخمسينات و الستينات و السبعينات إما لشركات داخلية أو الهجرة إلى دول عربية أو أجنبية مما أدى إلى وجود فراغ فى العاملين بمجالات الانتاج و رقابة الجودة و التسويق من الأعمار ما بين 40-60 عام و بالتالى وجود انخفاض ملحوظ فى الطاقة الانتاجية و جودة الانتاج وبدراسة الموقف الحالى للصناعات المحلية نجد اتجاه العديد من رجال الأعمال المصريين الوطنيين المخلصين للعمل فى مجال إنشاء مصانع متخصصة فى مجالات متعددة أو شراء المصانع التى كانت تابعة للقطاع العام و لكن الملاحظ هو الاتجاه نحو الصناعات التجمعية أو الصناعات المعتمدة على خامات و مواد وسيطة مستوردة أو صناعات تعتمد على أعمال الخلط و التعبئةو التسويق المحلى أو الخارجى مع انخفاض الاتجاه نحو إنشاء المصانع التى تعمل فى مجال صناعة المواد الأولية أو الوسيطة ذات العمق التكنولوجى العالى و نلاحظ عدم الدخول بعمق فى مجال صناعة معدات وخطوط الانتاج و الاعتماد على استيرادها من الخارج بنسبة لا تقل عن 95% ولتحقيق مطالب السيد رئيس الجمهورية الرئيس السيسى للوصول إلى معدل نمو اقتصادى لا يقل عن ثلاثة أمثال النمو السكانى السنوى و بالتالى لا بد من الوصول إلى معدل نمو اقتصادى أكثر من 7.8% خلال عام 2017 و لتحقيق ذلك نجد أن الصناعة المصرية المحلية من خلال تطويرها و تعميقها محلياً سيكون لها الدور الأكبر و ستساعد على زيادة نسبة النمو بعد ذلك سنوياً حتى الوصول لنسبة نمو 10% خلال عام 2020 و لذلك نرى أن الاعتماد على المستثمر الأجنبى الروسى أو الصينى أو الأمريكى أو الاوروبى أو العربى ليس هو مفتاح الحل و حيث أن الطريق الأمثل لأى دولة فى العالم هو الاعتماد على المستثمر المحلى و على رؤوس الأموال الوطنية المحلية بنسبة لا تقل عن 80% من حجم الاستثمارات المطلوب تنفيذها سنوياً و ذلك من خلال الشركات الخاصة و المساهمة و الاكتتاب العام الوطنى و على التوازى مع تشجيع الاستثمارات الجديدة نرى أهمية العمل على إحياء و رفع كفاءة الشركات و المصانع القائمة سواء التابعة للقطاع العام (الدولة) أو الشركات الاستثمارية و الخاصة و التى تم إغلاقها أو فى طريقها للإغلاق لأسباب متعددة منها زيادة الديون البنكية أو انخفاض السيولة لدى أصحابها أو ارتفاع القيمة الضريبية المفروضة على الصناعات المحلية و التى لا تتمشى مع المكاسب الصناعية المتحققة أو لأسباب المنافسات الغير شريفة مع المنتجات المستوردة المثيلة من الخارج و خاصة المنتجات الصينية و لذلك نرى أهمية قيام الحكومة دراسة امكانية تخصيص مبالغ مالية من موازنة عام2015/2016 و عام 2016/2017 لاتقل عن (2) مليار جنيه سنوياً لرفع كفاءة الشركات المتعثرة المملوكة للدولة من خلال تدبير معدات و خطوط إنتاج جديدة و متطورة و إصلاح خطوط الإنتاج الحالية و رفع كفاءة المبانى و معدات الأمان و الأمن الصناعى وإعادة هذه الشركات للصورة السابقة خلال الستينات و الخمسينات من القرن الماضى بالإضافة إلى رفع كفاءة شركات استصلاح الأراضى و رصف الطرق و المقاولات العمومية من خلال معدات و أدوات جديدة و متطورة و بالأعداد التى تساعد على تنفيذ المشروعات المطلوبة خلال الفترة القادمة شاملاً إستصلاح 1.5 مليون فدان و إنشاء عشرات التجمعات السكنية الحرفية الانتاجية الصناعية الزراعية الخدمانية داخل هذه المناطق و كذلك بناء العاصمة الادارية الجديدة و تطوير مناطق محور قناة السويس أتقدم بندائى هذا للسيد الرئيس و السيد رئيس مجلس الوزراء الأخ الفاضل المهندس ابراهيم محلب للإهتمام الفورى بهذا القطاع من الشركات فوراً حتى تستطيع المشاركة فى الأعمال المستقبلية و مما سيعود بالعائد المباشر لقطاع كبير من العاملين بتلك الشركات و رفع الروح المعنوية و زيادة مستوى الانتماء للدولة و البعد عن الانزلاق نحو التطرف و الارهاب و إنشاء جيل جديد من الأبناء و الأحفاد غير حاقد على الدولة و الوطن و بحسبة بسيطة نجد أن الدولة من خلال وزارة المالية تدفع أجور العاملين بشركات الغزل و النسيج و شركات استصلاح الأراضى و بعض شركات قطاع الصناعات الكيماوية و المعدنية تصل لحوالى 200 مليون جنيه شهرياً و ذلك منذ عام 2008 و التى وصلت حتى الآن حوالى 15 مليار جنيه شهرياً , و المفروض أن يتم صرف هذه الأجور من موازنات الشركات ذاتها بالإضافة إلى عدم قيام هذه الشركات بتحقيق أرباح سنوية و بالتالى عدم سداد أية ضرائب لخزانة الدولة و بالتالى وجود عجز فى موازنة الدولة السنوية. لذلك كنت أتمنى أنه لو تم تخصيص جزء من الثلاثة مليارات دولار التى تم الحصول عليهم من دولة الامارات خلال عام 2013 و 2014 لتخصيص حوالى نصف مليار دولار (3.5 مليار جنيه مصرى ) لرفع كفاءة الشركات القائمة و تزويدها بالمعدات و خطوط الانتاج الجديدة و إصلاح الخطوط الحالية و تأهيل العنصر لبشرى و تخصيص باقى المبلغ لإنشاء و رفع كفاءة مشروعات المياه و الصرف الصحى و المدارس و الطرق و الكبارى و الانارة و البيئة, و بذلك كنا قد عملنا توازن بين الاستثمار الانتاجى و الاستثمار الخدماتى فى مجال البنية الاساسية و التحتية و لكن تم توجيه التمويل بالكامل نحو المشروعات الخدماتية دون ضخ أى تمويل لاصلاح المشروعات الانتاجية القائمة و فى مجال القطاع الخاص و الاستثمارى المحلى فإننا نرى أهمية تجميع مصانع كل قطاع إنتاجى خاص و استثمارى و حكومى لإنشاء شركات جديدة تعمل فى مجال انتاج المستلزمات و الخامات التى يتم استيرادها من الخارج أو يتم تصنيعها محلياً بواسطة إستثمارات أجنبية وعربية و على سبيل المثال و ليس الحصر يوجد نحو عشرات المصانع المصرية التى تعمل فى مجال صناعة المواد المركبة المؤلفة المعتمدة على خامات الألياف الزجاجية الصناعية و راتنجات البولى ايستر الغير مشبع و تعمل هذه الشركات فى مجال صناعة مكونات السيارات و الاوتوبيسات و عربات القطارات و الطائرات و السفن و اللنشات و مراكب الصيد و مواسير نقل المياه و الصرف الصحى و الصناعى و خزانات المياه و المواد الكيماوية و لاقتناع الجانب الصينى بأهمية صناعة المستلزمات و الخامات الأولية و الوسيطة قامت إحدى الشركات الصينية بإنشاء مصنع فى منطقة العين السخنة لانتاج الألياف الزجاجية معتمدة على خامات السيليكون المتوافرة محلياً و استخدام الغاز المصرى و تقوم الشركة بتصدير المنتج بنسبة 100% إلى الخارج و نظراً لتحقيق مكاسب عالية تعمل الشركة الصينية حالياً لانشاء مصنع جديد باستثمارات 300 مليون دولار (ثلاثمائة مليون دولار) لذلك فإننا نرى أن الطريق الأمثل لصالح الاقتصاد المصرى هو مشاركة كل الشركات العربية الخاصة و الاستثمارية و الحكومية المستخدمة لهاتين المادتين لإنشاء مصنع مصرى بتمويل مصرى 100% ( مستثمرين + بنوك) لانتاج هاتين المادتين مما يحقق مكاسب مالية لصالح المصريين و ايجاد فرص عمالة جديدة و متكررة واكتساب خبرات مصرية فى مجالات انتاجية جديدة مما يساعد على تطوير و تأهيل العنصر البشرى المصرى و يمكن تطبيق ذلك على صناعات البويات و المواد اللاصقة و الأحبار بمصر حيث يتواجد مئات المصانع المصرية الخاصة و الاستثمارية و الحكومية التى تعمل فى هذا المجال و لكن للأسف يتم استيراد المواد الأولية و كيماويات الانتاج من الخارج بنسبة لا تقل عن 85%و لذلك فإن الطريق الأمثل هو التعاون بين كل هذه الشركات المصرية لإنشاء مصانع مصرية و بتمويل مصرى (مساهمين + بنوك) لانتاج هذه المواد و الخامات و الكيماويات و نرى إنشاء مصنع انتاج الميثانول من الغاز الطبيعى كإحدى شركات الشركة القابضة للبتروكيماويات خير مثال لتحقيق مطالب هذه الشركات المصرية العاملة فى مجال البويات و المذيبات و المطهرات من هذا الغاز بدلاً من الاستيراد و يوجد كثير من الأمثلة و الدراسات التى تؤكد احتياج الوطن إلى تطوير الصناعة المصرية و تعميق الكون المحلى لتحقيق النمو الاقتصادى المنشود و هو 7.8 % خلال عام 2017 و رقم 10% خلال 2020 بإذن الله و توفيقه . [email protected]