أزمة شديدة ثارت بمناسبة اختيار رئيسا جديدا للنيابة الإدارية ، خلفا للمرحوم المستشار/عناني عبد العزيز الرئيس السابق للهيئة والمتوفى الى رحمة مولاه منذ عدة أيام خلت،، اذ - وفى سابقة غريبة - حدثت مواءمات وتوازنات كما ترامى الى مسامعنا ، سبقت اجتماع المجلس الأعلى للهيئة يوم الأحد الماضي - والمكون من أقدم سبعة نواب للرئيس - لترشيح أقدم النواب لرئاسة الهيئة ، وذلك كله بحسب نص الكتاب المرسل - بهذا الخصوص - من معالى وزير العدل ،تنفيذا لتكليف رئاسة الجمهورية بحسبان فخامة الرئيس هو المنوط بإصدار القرار الجمهورى بتعيين معالى رئيس الهيئة الجديد ، وفقا لنص المادة " 35 " من القانون رقم 117 لسنة 1958 وتعديلاته بشأن هيئة النيابة الإدارية ، وهو ذات مايسرى فى حق أعضائها - المادة 35 مكرر من ذات القانون - بل وفى حق السادة رؤساء وأعضاء الهيئات القضائية جميعها،، ومع كل ماتقدم فوجئنا ، وفوجئ الجميع بتمخض هذا الاجتماع عن ترشيح غالبية من السادة أعضاء المجلس للنائب الثانى لرئاسة الهيئة ، متخطين بدلك السيد النائب الأول لرئيس الهيئة ، وهو مابات يمثل كسرا لأعراف مرعية وتقاليد قضائية مضطردة عقودا من الزمن بالهيئات القضائية كافة،، وأمام ذلك لم يكن أمام القاعدة العريضة من السيدات والسادة مستشارى هيئتنا الموقرة الا اعلان رفضهم القاطع المساس بهذا التقليد الراسخ - رسوخ الجبال الشوامخ - دون سند من واقع أو قانون ، ولعل من نافلة القول الإشارة هنا ، الى أن النيابة الإدارية كهيئة قضائية مستقلة - بنص الدستور والقانون - تنفرد عن سواها من الهيئات الأخرى ، بتمكين المرأة المصرية من اعتلاء منصة القضاء الشامخة ، ومن ثم ومنذ فجر نشأتها لاتقصى ابنة من بنات هذا الوطن عن التعيين بوظائفها القضائية بالنظر لجنسها دون غيره من المعايير الموضوعية، وهو ماجعلها تزدان دوما بنسبة كبيرة من السيدات ، بل انها وفى نهاية التسعينيات وبدايات الألفية الثالثة تعاقب على رئاستها سيدتين كريمتين ، المرحومة المستشار/ هند طنطاوى ، والمستشار/ ليلى جعفر بارك الله فى عمرها، بل وكان آداؤهما فى منتهى الدقة والحيدة وهو ما شهد به الجميع ومازالوا ،، وهو مانرجو له أن يعم الهيئات القضائية كافة تنفيذا للمبدأ المنصوص عليه بالمادة 11 من الدستور،، والتساؤل هنا ،، ماهو المخرج من هذا المأزق المستحكم !!!؟؟؟ والاجابة لا شك سهلة وميسورة ، والتى تخلص فى قيام معالى النائب الأول - بوصفه رئيسا للهيئة بالانابة - بالدعوة لعقد جمعية عمومية خاصة لمستشارى الهيئة ، للنظر فى ترشيح رئيس جديد لها ، فإذا استشعر سيادته حرجا فى ذلك فليتولى توجيه الدعوة السيد المستشار رئيس النادى ،، وتجرى عملية التصويت تحت إشراف لجنة حكماء ، تشكل من عدد من رؤساء الهيئة السابقين ونوابهم ممن أكملوا عطاءهم ، ، وعلى أن تخلو إجراءات الجمعية تلك من ثمة كلمات أو أحاديث من هنا أو هناك ، وفى النهاية تقوم لجنة الحكماء بإعلان نتيجة التصويت ، ومن ثم ابلاغها لمعالي وزير العدل ليتولى بدوره رفعها لفخامة السيد رئيس الجمهورية ، ليصدر قراره الكريم بتعيين رئيس الهيئة الجديد،، وهنا يثور تساؤل جديد،، الى أى الرأيين سينحاز القرار الجمهورى !!؟ والاجابة أكثر سهولة وأشد يسرا ،، فَلَو جاء قرار الجمعية العمومية مرسخا للتقاليد المرعية - باختيار النائب الأول - فسيكون قرار سيادته متفقا والتقاليد والأعراف القضائية الراسخة ، مدعوما بموافقة واقرار الجمعية العمومية فى مواجهة رؤية المجلس الأعلى للهيئة ، وهو ما يزيل شبهة ثمة عوار دستوري عن ذلك القرار ، بمقولة تدخل رئيس الجمهورية فى شأن من شؤون السلطة القضائية ، بل انه سيكون قد جاء مرسخا لاستقلاليتها فى أبهى صورها،، وأما ان كانت الأخرى - أى موافقة الجمعية على رأى المجلس - فنكون هنا أمام حالة من حالات العدول عن عرف مستقر ، ومن ثم رفع الحرج عن السيد رئيس الجمهورية حال الأخذ بهذا التحول غير المسبوق،، ولعل من قائل أن الجمعية العمومية غير منوط بها مباشرة مثل هذا الإجراء بقانون الهيئة ، والقول هنا أن المجلس الأعلى حينما فعل ما فعل ، لم يستند لثمة نص قانونى كذلك ، بل أكثر من هذا فان مباشرة المجلس هذا الإجراء، لا يعدو كونه مجرد عرف لايسنده نص قانونى ، فى حين أن إعلاء مبدأ الأقدمية القضائية ، وما له من هيبة وتوقير فى نفوسنا جميعا ، يلقى صداه الطيب فى أكثر من نص قانونى ، سيما المادة الثانية من القانون 117/1958 ، بل انها وللمفارقة هى التى أتت بشيوخنا الأجلاء الى موقعهم هذا !!!!! واننى اذ أدعو لسرعة اتخاذ هذا الإجراء صونا للتقاليدالراسخة وإعلاءا للمناصب القضائية الرفيعة ، وتطهيرها من ثمة شبهة أو عوار دستوري ، فإنه لا يفوتنى فى النهاية ،الإشارة الى مايحمله هذا الخلاف الراقى بين جنباته ، من تأكيد على إستقلالية السلطة القضائية ورسوخها رسوخًا لا تهزه زلازل ولاتعصف به أنواء ولو اشتدت ، وإحتراما موصولا وتوفيرا دائما لشيوخ أجلاء شارفوا على اكتمال العطاء وبلوغ الذرى العاليات فى رحلتهم المهنية،، المستشار / خالد الطنانى،،، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية ،،