لم يعد الدجال ذلك الرجل صاحب اللحية الطويلة والجلباب الواسع والعيون الحادة والجالس أمام الإناء الاسود الذي تتصاعد منه الأبخرة ذات الرائحة الغريبة والدخان الذي يملأ أرجاء حجرته ، فالدجال العصري تطور كما تطوركل شيء في الحياة وأصبح يرتدي لإخم الملابس ويستخدم أرقي العطور .. ويجلب ضحاياه من مواقع التواصل الاجتماعى .. ثلاث فتيات سقطن تحت براثن هذا الدجال المحترف الذي استولى منهن على مبالغ مالية كبيرة .. كيف سقط هذا الدجال العصري .. وكيف انكشف أمره لضحاياه.. الإجابة تحملها السطور القادمة.. مقدمة اخرى قصيرة لابد منها .. تحذير إلى كل رواد ومستخدمى فيس بوك .. صفحات حل مشاكل العنوسة وتسخير الجان وعلاج الأمراض المستعصية ماهى إلا وسيلة للنصب ولهف أموال الناس لكن بطريقة حديثة تواكب عصر التكنولوجيا .. والموضوع التالى خير مثال على ذلك. " محمد. ش " شاب فى العقد الرابع من العمر .. الثراء بالنسبة له هو أقصى طموحاته .. كان دائما يبحث عن طريق المال .. يعشق الفلوس بجنون .. رغم انه يعمل محاسب ببنك شهير لكنه كان دائما يهوى النصب .. عقله متعلق بالمغامرات والبحث عن الطريق المختلف .. لا يرغب فى السير فى نفس الاتجاه الذي يسير به الناس .. الإختلاف لديه شيء مقدس حتى لو كان هذا الاختلاف مخالف للقانون والشرع . خرج محمد من منزله فى أحد الأيام ووقعت عيناه على فتاة جميلة تسير أمامه بخطوات بطيئة مترنحة بعض الشيء .. راقب تحركاتها .. وقفت فجأة أمام سوبر ماركت واشترت بعض المستلزمات وكانت تلقى بطرف عينها من حين لآخر.. اقترب منها وتحدث معها وبسرعة تجاذبا طرف الحديث وارتسمت الابتسامات على الوجوه وكأنهما يعرفان بعضهما من زمن بعيد .. تعددت اللقاءات وعرف محمد أن هذه الفتاة أزمتها هى أزمة الملايين من الفتيات وهى العنوسة .. أخذت الفتاة تنسج خيوطها حوله للزواج منه ولكنه كان يلهف منها المال فى كل لقاء ويرحل.. حتى انتهت العلاقة بين الشاب والفتاة بالانفصال والابتعاد بسبب طلبها الزواج منه ورفضه لهذا الطلب. رحل محمد عن الفتاة .. وعاد مرة أخرى الى العيش بطريقة طبيعية .. لم يعتد الشاب هذه الحياة .. راودته فكرة جهنمية أثناء جلوسه على الفيس بوك حينما كان يتكلم لفتاة تعانى من عدم الزواج ايضا .. أنشأ صفحة على موقع التواصل الاجتماعى " فيس بوك" وأطلق على نفسه الشيخ شريف لعلاج الدجل .. وأطلق على الصفحة لا للعنوسة والسحر مع الشيخ شريف .. وأرسل طلبات صداقة للكثير من الفتيات والزوجات وخاصة اللاتى يعانين من مشاكل فى حياتهن الزوجية بعد ان يتعرف عليهن ويتحدث معهن على انه فتاة مثلهن وبعدها يرسل طلب الصداقة عن طريق صفحة الدجل والشعوذة. تكنولوجيا الدجل سيناريو خططه شاب ارتدى قناع ملاك بحجة حل المشاكل الزوجية والعنوسة والأمراض لكنه شيطان متقمص هذا الدور الخبيث .. بدأ الشاب ينسج خيوطه.. يوطد علاقاته مع رجال الأعمال وأصحاب الشركات يتحدث إلى الزبائن ذات المستوى الاجتماعي العالي. في أحد الأيام كان جالسا في وقت متأخر من الليل على صفحته الذي يدعى من خلالها أنه لا توجد مشكلة تقف أمامه فوجئ برسالة من سيدة تدعى إن اسمها فرح . ك 43 سنة .. برقت عيناه .. تركيزه وصل لدرجة عالية .. أثناء قراءته لسطور رسالة هذه الفتاة استعد للحديث ولم يكتب لها سوى جملتين " اكتبي مشكلتك وسوف نساعدك بإذن الله".. حوار دار بين الفتاة والشاب المدعى الدجل باسم وهمى اسمه الشيخ شريف .. حكت الفتاة سطور رسالتها .. كان يشعر بدموعها بين السطور .. درجة تألمها عالية تحتاج إلى من ينقذها من جحيم العنوسة .. الشاب على الجانب الآخر على وجهه علامات السعادة والفرح .. أولى ضحاياه بدأت تسقط فى شباكه . بهدوء شديد طلب من الفتاة ان تغلق صفحة الفيس بوك .. وكتب لها رقم تليفونه .. واتصلت به الفتاة .. صوتها كان مهتزا من الخوف فهذه تجربة جديده عليها .. على الجانب الآخر رد عليها النصاب بنبرة صوت تحمل بين طياتها الثقة والقدرة على حل مشكلتها .. ولم يتحدث معها كثير ثم طلب منها غلق التليفون وفيس بوك والذهاب الى السرير لتنام وتستيقظ فى الصباح الباكر .. تلتقى به مكان هادئ داخل احدى االكافتيريات بميدان الحجاز بمصر الجديدة. كانت نظرات الشاب النصاب غريبة تتفحص كل جسدها .. يتأمل فى عينيها .. محاولا أن يظهر له أنه شيخ الدجالين .. صمت طويل يسيطر عليهما .. الفتاة تجلس خائفة .. تحاول ان تنظر الى أسفل او إلى سقف الكافيه .. وفجأة سألها الدجال عن مشكلتها فقالت له انها تعدت الخامسة والثلاثين من عمرها ولم يأتها ابن الحلال الذي ينتشلها من خطر العنوسة قاتل الفتيات وقاهر البنات .. ابتسامة كانت تنتظر كلمات الفتاة العانس ثم رد سريع قائلا" لا تخافى .. كل شيء محلول " . اطمأنت الفتاة بعض الشيء .. التقطت أنفاسها .. ثم سألته " لكن كيف يتحقق ذلك .. هل سنخطف العريس ؟!" .. ابتسم الدجال ايضا وقال .. لا تتجعلى الحل ان شاء الله موجود لكن علينا السعى.. طريقتي فى تسخير الجان جديدة .. نستطيع بها ان نجذب الشباب الى جمالك .. العلم تقدم ونحن فى عصر التكنولوجيا. كان فضول الضحية يسبقها لمعرفة كيف سيحل لها هذا الدجال مشكلتها وتتساءل عن كيفية حل مشكلتها؟.. لكن هذه المرة لم يتحدث الدجال وقال لها الجلسة القادمة سشرح لك ولكن عليك ان تحضري مبلغ 3000 جنيه . عادت الفتاة العانس الى منزلها .. تشعر بسعادة ممزوجة بقلق .. تريد ان يتحقق حلمها لكن تخشى ان تكون سقطت تحت براثن نصاب محترف .. لكن حينما راودها القلق هاجس يطاردها قائلة حل المشكلة يتطلب المغامرة وإلا ستمر حياتك وانت واقفة مكانك. لحظة السقوط مر الوقت وجاء الميعاد الثانى وأحضرت المبلغ كما اتفقت معه.. جلست أيضا في الكافيه المعهود تنتظر الشاب الذي حضر في ميعاده .. وفور جلوسه طلب منها الفلوس هذه المرة كان سريعا وحاسما .. تحجج أن لدية عدة لقاءات مهمة مع زبائن آخرين من الخليج .. أسرعت الفتاة بالفلوس وألقتها له.. وهنا طلب منها أن تعد لها صفحة على فيس بوك باسم جديد وترسل طلبات صداقة للعديد من الشباب وهو سوف يدخل عليها وسوف يشتغل على الشاب المناسب لها عن طريق الجان والسحر.. ثم استأذن منها للذهاب لزبائنه الآخرين. عادت الفتاة "ف" الى منزلها وفعلت كما قال لها الدجال .. ومر يوم واسبوع وتنتظر الفتاة الحل لكن لم يتغير شيئا .. اتصلت به .. كان يتهرب منها .. 10 أيام ولم يرد عليها حتى اتصلت به من رقم غير رقمها ليرد وعنفته بشدة .. حاول الدجال أن يمتص غضبها ويؤكد لها أنه كان مريض .. قالت له أنها لم تشعر بأي تغيير .. فأكدلها أنه يعمل على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعى وأن الجان لا يزال في مرحلة اختيار الشاب المناسب.. طلبت لقائه .. فطلب منها 2000 جنيه .. شعرت الفتاة انها وقعت ضحية لشاب نصاب يلعب على وتر مشاكل الفتيات والمرضى .. ذهبت إلى قسم شرطة مصر الجديدة وطلبت مقابلة رئيس المباحث .. وأمام المقدم أحمد الأعصر رئيس مباحث مصر الجديدة حكت الفتاة قصتها كاملة .. وتحرر محضر بالواقعة. القبض على الدجال أبلغ رئيس المباحث اللواء محمد قاسم مدير الإدارة العامة لمباحث العاصمة ، وأمر اللواء على الدمرداش مساعد الوزير لأمن القاهرة سرعة القبض على الشاب النصاب ومعرفة هل هناك ضحايا آخرين ..تم تشكيل فريق بحث أشرف عليه اللواء عصام سعد نائب مدير الادارة العامة لمباحث القاهرة واللواء محمد توفيق مدير مباحث العاصمة وقاده اللواء عبد العزيز خضر رئيس قطاع شرق القاهرة . طلب المقدم أحمد الأعصر من الضحية مسايرة النصاب والاتفاق معه على ميعاد .. وتم إعداد اكمنة له .. وأثناء لقاء الفتاة بالشاب فى الكافيه بميدان الحجاز تم القاء القبض عليه وإحالته إلى النيابة التى باشرت التحقيق معه برئاسة المستشار مصطفى عثمان وبإشراف المستشار أحمدحنفى رئيس نيابة مصر الجديدة وأمر بحبسه أربعة أيام على ذمة التحقيقات. التقينا بالدجال أمام سراى النيابة : كان واقفا حائرا .. شارد الذهن .. اقتربت منه سألته: انت دجال فيس بوك .. نظر لى وقال " ليه بتسأل؟". سألته: انت متهم بالنصب على الفتيات والمرضى وايهامهم بقدرتك على حل مشاكلهم وتسخير الجان. رد قائلا: لست هذا الشخص الذي تتحدث عنه ان موظف فى مكان كبير وليس لى مغامرات عاطفية او نصب ولم التقى بالمتهمة. فقلت له : ليست ضحية واحدة ولكن هناك ضحيتين جديدتان تقدمتا بلاغ ضدك الى وكيل النيابة . صمت الشاب واكتفى بنظرات غير مفهومة .. ورفض الكلام مرة اخرى.