قالوا زمان مافيش دخان من غير نار .. والنار دائما هي كلام الناس .. فمعظم الجرائم تتعلق بكلام الناس وخير مثال علي ذلك الجريمة الاخيرة التي شهدتها مدينة السادس من اكتوبر عندما أقدم شاب على قتل شقيقته بسبب تناول الناس لسمعتها بدون ان يكون هناك دليل مادي ملموس على ان سلوكها ليس فوق مستوى الشبهات..لتقدم لنا هذه الجريمة الدرس والعبرة ألا ننساق ابدا لكلام الناس الذي لا يؤدي في الغالب الا للخراب .. فى ذلك الحى الشعبى بمدينة 6 اكتوبر بدأ كل شئ .. استيقظ الاهالى على صرخات مدوية قادمة من احد بلوكات المنطقة فأسرع الجميع الى ذلك المنزل الذى صدرت منه الصرخات فشاهدوا السيدة العجوز التى تستغيث بهم وهى تحاول ايقاف شلال منهمر من الدماء يخرج من صدر ابنتها التى تصارع الموت فيما يجلس ابنها الآخر فى احد زوايا المنزل وكأنه اصيب بسكته جعلته غير قادر على الحركة وكانت على وجهه آثار مشاجرة عنيفة .. المنظر صدم بعض الاهالى الذين وقفوا مشدوهين لايعرفون ماذا يفعلون لكن بعضهم خرج من صدمته سريعا وبدأ فى محاولة اسعاف الفتاة التى كانت تحتضر على الرغم من جهودهم وبعد وصول الاسعاف كانت الفتاة قد غادرت الدنيا لتسقط الام مغشيا عليها وهى ترى ابنتها فى طريقها الى المشرحة ... لكن السؤال هو من قتلها وكيف حدث ذلك فهذا المشهد لم يكن نهاية الاحداث أو حتى بدايتها .. البداية الحقيقية كانت قبل ذلك بيومين عندما كان سمير الشاب ذو الخامسة والعشرين عاما يجلس على المقهى المجاور لمنزلهم كان دائما ما يسمع بالمقهى كلمات متناثرة تتردد عن الجيران ومشاكلهم وحكاياتهم .. وكانت كل الروايات عن فلانة اللى سابت بيت اهلها علشان واحد عرفته ولا فلانة اللى بتقابل شاب من وراء اهلها .. كانت هذه هى القصص التى يرددها رواد المقهى لكنه لم يكن يهتم بهذه القصص التى يعرف ان اغلبها من الممكن أن يكون من نسج الخيال لكن احدى الحكايات كانت عن فتاة اصبحت تخرج من منزلها كثيرا وبدون اسباب وتعود فى أوقات متأخرة من الليل حتى اصبحت على لسان كل اهالى المنطقة .. بدأ سمير ينتبه عندما علم ان الفتاة فى نفس البلوك الذى يسكن فيه .. سأل من كان يردد هذه الروايات عن هذه الفتاة لكنه لم يخبره بأى شئ .. ظهرت العصبية على سمير وهو يغادر المقهى فى طريقه الى المنزل .. كانت الظنون تلعب فى رأسه عن صاحبه هذه القصة ومن تكون .. وصل الى البيت وعندما دخل أيقظ والدته وسألها عن شقيقته سعاد فأخبرته انها نائمة فى غرفتها مثل كل يوم فذهب الى حجرة شقيقته فلم يجدها .. ثار سمير وايقظ والدته مرة اخرى وهو يخبرها ان سعاد غير متواجدة فى المنزل فزعت الام مما سمعت وذهبت الى حجرة ابنتها وهى تمنى نفسها ان تجدها نائمة لكن الغرفة كانت خالية فانقبض قلب الام وهى لاتعرف ماذا تفعل .. وبعد نصف ساعة فتح باب الشقة ودخلت سعاد ذات التاسعة عشر عاما فشاهدت امها وشقيقها سمير يجلسان فى الصالة عندما شاهدها سمير اسرع الخطى اليها وهو يجذبها من ذراعها ويسألها اين كانت حتى ذلك الوقت المتأخر ، فأخبرته وهى تجذب ذراعها من يديه انها كانت متواجده عند صديقتها ياسمين التى تسكن فى الحى الثانى عشر لانها كانت مريضة واتصلت بها ، فسألها وهو ثائر لماذا لم تخبر والدتهم عن وجهتها فلم تجب وعندما أصر اخبرته انها كانت نائمة ولم تشأ ازعاجها .. دفعها سمير الى غرفتها وهو يأمرها بألا تذهب الى اى مكان الا بإذنه وتوجه سمير الى فراشه والظنون مازالت فى رأسه عن اخته وعن كلام الناس . فى الصباح خرج من المنزل بعد ان اخبر والدته بألا تسمح لسماح بالخروج .. مر اليوم طويلا على سمير وظلت الظنون مازالت تطارده عن شقيقته .. وعندما عاد الى المنزل فى المساء لم يجد شقيقته .. وللمرة الثانية انتظرها حتى عادت وهذه المرة ضربها سمير بكل قوته وهو يسبها ويخبرها أنه سيقتلها اذا لم تخبره اين كانت حتى هذا الوقت المتأخر لكنها لم تنطق بكلمة .. وحتى عندما طلبت منها امها الإفصاح عن سبب خروجها المتكرر لم تتحدث على الاطلاق .. سحبها سمير حتى باب غرفتها واغلق الباب بالمفتاح واخبر والدتها بأن ابنتها لن ترى الشارع مرة اخرى حتى تخبره بالمكان الذى كانت فيه .. زاد كلام الناس حتى اصبح سمير لايطيق ان يجلس على المقهى الذى اعتاد الجلوس عليه من عيون الناس التى بدأت تلاحقه وكأنهم يضحكون عليه من تصرفات شقيقته التى اصبحت على كل لسان فى المنطقة . يوم الحادث استطاعت سعاد الخروج من المنزل بعد أن غافلت والدتها وعندما عادت فى المساء كان سمير في ثورة شديدة وعندما دخلت المنزل كان شقيقها ووالدتها في انتظارها .. وأمسكها شقيقها من رقبتها وهو يضربها بكل عنف وشراسة ليجبرها على الاعتراف بالمكان الذى تذهب اليه لكنها لم تنطق .. ولاحظ انها فى حالة غير طبيعية واستمر فى ضربها لكن شقيقهما الصغير حاول الدفاع عنها ضد الضربات المتوحشة لسمير لكن سمير ضربه بيده على وجهه ليجلس بعيدا وهو يسمع صرخات شقيقته دون ان يجرؤ على التدخل وعندما لم يجد سمير اى استجابة من صباح ضربها بكل قوته وهو يهدد بقتلها فذهب الى المطبخ واخرج سكينا وذهب اليها وهو يهددها بالقتل اذا لم تعترف له عن مكانها .. فزعت سعاد وتراجعت للخلف وحاولت الام ان تفعل شيئا لكن يد سمير كانت الاسرع حيث اغمد السكين فى صدر شقيقته التى سقطت على الارض والدماء تنهمر منها .. فر سمير هاربا وعندما تجمع الاهالى اتصلوا بقسم الشرطة فحضر على الفور المقدم فوزى عامر رئيس مباحث قسم ثان اكتوبر وعقب الفحص تبين ان الجثة لسعاد م 19 سنه ربه منزل وبعد سماع شهادة الام والشقيق الاصغر تبين ان القاتل هو شقيقها الاكبر سمير .. وتم ابلاغ اللواء محمود فاروق مدير الادارة العامة لمباحث الجيزة بالواقعة والذى امر بتشكيل فريق بحث برئاسة العقيد حسام فوزى مفتش مباحث اكتوبر لضبط المتهم ... ومن خلال احد المصادر السرية تم التعرف على مكان اختباء المتهم ليتمكن المقدم فوزى عامر رئيس المباحث والنقيب احمد يوسف معاون مباحث القسم من ضبط المتهم الذى اعترف امام العميد عبد الوهاب شعراوى رئيس مباحث قطاع اكتوبر بارتكابه الجريمة بسبب شكه فى سلوك شقيقته التى كانت دائمة الخروج من المنزل حتى اصبحت حديث اهالى المنطقة فلم يجد بديلا عن اخراس الالسنة الا بقتلها .. وأمر اللواء كمال الدالى مساعد اول الوزير لقطاع امن الجيزة بتحرير محضر وعرض المتهم على النيابة التي امرت بحبسه اربعه ايام على ذمة التحقيق .