[ أيتها العَّرافة المقدسة ..ماذا تفيد الكلمات البائسة ؟ قلتِ لهم ما قلتِ عن قوافل الغبارْ .. فاتهموا عينيكِ، يا زرقاء، بالبوار ! قلتِ لهم ما قلتِ عن مسيرة الأشجار .. فاستضحكوا من وهمكِ الثرثار! وحين فُوجئوا بحدِّ السيف : قايضوا بنا! ] أرجو ألاّ نضطر ل "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" كما بكي العظيم أمل دنقل بعد النكسة، في قصيدته العذبة المعذ ِّبة بالاسم ذاته، هذا إن وجدنا فرصة للبكاء، حذرنا مرارًا مما هو آت، ومما يحاك لنا بليلٍ، وإن كان ظاهره عملاً قوميًّا و بطوليًّا، إلا أن باطنه تحقيق هدف الأعداء بتدمير قوة هذا الشعب المتمثلة في قواته المسلحة، بعد جرها إلى مستنقع خارج الحدود، و من ثم يكون من السهل لأي تافه أن يكسر الشعب. أقول وأكرر بمناسبة ظاهرة "اللواء خليفة حفتر" في ليبيا، وما يقوم به لتنظيف بلاده من الإرهابيين و في القلب منهم الإخوان و ذراعها القتّال " القاعدة" وغيرها من تنظيمات مرتزقة الناتو، هذا حق أصيل لليبيين و اللواء حفتر ، لكن ماتطنطن به بعض الأبواق الإعلامية بوعي أو بدونه، حول شائعات مرادها توريط الجيش المصري في ليبيا، بحجة القضاء على مايسمى ب " الجيش الإرهابي الحر"، احذروا هذه الأبواق، ولست أظن؛ بل كلّي ثقة أن قائد عسكري في حنكة رجل وطني مثل الفريق أول صدقي صبحي القائد العام للقوات المسلحة يدرك تمامًا مايحاك للبلاد، خاصة بعد أن أفشل شعبنا وجيشنا في 30 يونيو و3 يوليو 2013 مخطط الغرب و الأمريكان" الطوق النظيف حول اسرائيل " لتأمين الكيان الصهيوني؛ بتدمير الجيوش الثلاثة القوية بالمنطقة (العراق و مصر و سوريا)، وظنوا أنهم نجحوا في أولى خطوات تنفيذه في يناير 2011، والحقيقة إنهم بدأوه قبل ذلك بواحد وعشرين عامًا، حين أعطت السفيرة الامريكية " ابريل كلاسبي" الضوء الأخضر لأقدام صدام حسين لتمر إلى أراضي الكويت في بدايات أغسطس 1990، ثم قالوا له " بسّك عليه" ووقع الأسد الآشوري في المصيدة، وتحقق للأمريكان و الغرب ما أرادوا " تكسير الجيش العراقي"، ثم الدور جاء على سوريا و مصر، فيما أسموه زيفًا بالربيع العربي، وكانوا قاب قوسين أو أدنى، لولا صحوة الشعب السوري، أنهم ليسوا أمام ثورة وصمد الجيش العربي السوري، أمام قتلة وذبّاحين من دول عديدة. وفي مصر، كانت الدولة العميقة؛ التى دأب مراهقو سياسة المقاهي والفضائيات و"خرتيّة" الثقافة على استخدامها كتعبير مسيء، اغفر لهم أيها الوطن جهلهم، لولا الدولة العميقة لنجح المخطط الغربي، ولكان مصير جيشنا – لن يسمح الله ولن تقبل قواتنا المسلحة بقياداتها الوطنية - كمصير الجيش العراقي، الذي نتمنى استعادته كقوة مؤثرة وفاعلة بالمنطقة. أكرر، من حق اللواء حفتر و الشعب الليبي استعادة بلادهم و تنظيفها، و من واجبنا مساعدتهم، لكن مايرفضه معظم المصريين أن تكون ليبيا تحت أي ذريعة، يمنًا جديدًا لإهدار قواتنا العسكرية، ولا مصيدة جديدة كالكويت بالنسبة لصدام حسين، والمسئولية على عاتق كل من الفريق أول صدقي صبحي والرئيس القادم بعد أسبوع من الآن، وأظنهما يدركان- أكثر مني و من غيري- كثيرًا من الشراك المنصوبة لنا؛ فهما مهندسا عملية التنظيف الأولي لبلادنا من الصديد الذي كاد يتسرب إلى مفاصلها.