لا ينكر أحد كفاءة وبراعة رجال الامن فى مصر ونجاحهم فى تحقيق معدلات تكاد تكون الأعلى عالميا فى كشف الجرائم .. ولكن في الوقت ذاته هناك بعض الجرائم لا يتوقف كشفها على كفاءة رجال المباحث فقط وانما يلعب الحظ والصدفة دورا كبيرا فى الكشف عنها وضبط مرتكبيها.. والجريمة البشعة التى نحن بصددها لعب القدر دورا كبيرا في الكشف عنها والقبض على مرتكبيها ولولا الصدفة التي قادت رجال المباحث لضبط القاتل وهو يحاول التخلص من الجثة .. أو بمعنى أدق ما تبقى من الجثة لأصبحت هذه الجريمة في طى النسيان.. التفاصيل الكاملة لأبشع جريمة قتل تشهدها القاهرة خلال السنوات الاخيرة فى السطور القادمة .. فى اطار الحرب الضروس التى تخوضها القوات المسلحة والشرطة ضد الإرهاب كانت التعليمات واضحة من اللواء اسامة الصغير مساعد وزير الداخلية لقطاع أمن القاهرة واللواء جمال عبد العال مساعد الوزير مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة بتشديد الرقابة على جميع الطرق السريعة وتأمين مداخل ومخارج القاهرة لمنع تسرب الاسلحة إلى العاصمة وكذلك ضبط العناصر الإجرامية الخارجة عن القانون .. وفى اطار الحملات الامنية المستمرة على الطرق السريعة والطرق الدائرية المحيطة بالعاصمة شن النقيب محمد محفوظ الصيرفى ضابط مباحث إدارة تأمين الطرق والمنافذ والنقيب عمرو محمود عامر الضابط بالأمن المركزي " قطاع احمد شوقى " حملة مكبرة على طريق NA خلف مقابرالوفاء والأمل بدائرة قسم شرطة مدينة نصر أول وبصحبتهما القوة المرافقة تحت إشراف العميد محمد مراد " رئيس مباحث إدارة الطرق والمنافذ " وأثناء الحملة اشتبها فى سيارة ماركة لادا بيضاء اللون تحمل أرقام م ه ل 421 بداخلها شخصين متوقفة على جانب الطريق وتبين أن مستقلا السيارة هما عبده احمد سيد احمد " سودانى الجنسية " يبلغ من العمر53 عاما ويعمل محاسبا ويقيم فى دائرة قسم شرطةعين شمس والثاني يدعى وليد صابر محمد حمزة ويبلغ من العمر 40 عاما ويعمل سائقا ويقيم دائرة قسم شرطة عين شمس " مالك وقائد السيارة المشار إليها " بسؤالهما عن سبب توقفهما فى هذه المنطقة المعزولة الخالية من البشر والبعيدة تماما عن اماكن العمران والتجمعات السكنية ارتبكا ولم يعللا سبب تواجدهما بالمنطقة وبتفتيش السيارة عثر على حقيبة بداخلها رأس آدمية ولم يعد هناك أى مجال للمراوغة أو الانكار اعترافات قاتل بمواجهتهما اعترف المتهم الاول عبده احمد سيد احمد بارتكابه جريمة قتل المدعو زكريا عبد الرحيم إدريس 82 سنة محامى وصاحب مكتب محاماة بشارع شريف دائرة قسم شرطة عابدين ومقيم دائرة قسم شرطة السيدة زينب ( المحرر بشأن واقعة غيابه المحضر رقم 4559 لسنة 2013م إداري قسم شرطة عابدين بتاريخ 3ديسمبر الجاري ) بسبب وجود خلافات بينه وبين المجنى عليه حيث كان المحامى وكيلا عنه فى احدى القضايا وتقاضى منه مبلغا ماليا كبيرا وقدره 92 ألف جنيه مقابل أتعاب المحاماة واعتقد بتواطؤه مع خصمه فى القضية ولذلك قررالانتقام منه واتفق مع آخرين " جارى تحديدهم وضبطهم " على خطفه واحتجازه داخل مسكنه الكائن بمنطقة عين شمس ومساومة أهله على دفع المبلغ المالى المستحق لديه مقابل إطلاق سراحه ولكن لم تأت الرياح بما تشتهى السفن ولم تسير الامور كما خطط لها المتهم فعقب وصولهما للمسكن المشار إليه فوجئ باستغاثة المجنى عليه بالجيران ، فقام بكتم أنفاسه حتى لا يصل صوته إلى الجيران ويكشف أمره حتى فوجئ بوفاته فسعى لإخفاء معالم جريمته بأى طريقة وكان الحل الذى هداه اليه شيطانه هو التخلص من الجثة قائلا لنفسه طالما ليست هناك جثة فليس هناك جريمة .. وبالفعل بدأ فى عملية تقطيع الجثة باستخدام سكين وساطور داخل شقته ، وعقب الانتهاء من ذلك قرر البدء في نقل أجزاء الجثة خارج الشقة وقرر توزيعها على مناطق متفرقة حتى يصعب المهمة على رجال المباحث في تحديد شخصية المجنى عليه وكشف أبعاد الجريمة وذلك استعان بالمتهم الثانى وليد صابر محمد حمزة لتوصيله بالسيارة ملك الأخير حيث تم ضبطهما وكان معهما داخل السيارة حقيبة بداخلها رأس المجنى عليه.. وأرشد القاتل عن باقى أجزاء الجثة وهى ( ساعدين وقدمي المجنى عليه ) بمنطقة قريبة من مكان الضبط وكان قد تخلص منهما واحتفظ بالرأس للتخلص منها في منطقة أخرى ولكنه سقط فى قبضة المباحث وبحوزته دليل إدانته.. وبسؤال المتهم الثاني نفى علمه بالواقعة وقرر أن الأول استوقفه بغرض توصيله دون أن يدرى أن هذا الرجل ارتكب لتوه جريمة قتل بشعة وان الحقائب التى يحملها معه تخفي بداخلها أجزاء من جثة المجني عليه.. وأرشد المتهم الأول عن باقى اجزاء الجثة بمسكنه الكائن 82 شارع الزهراء دائرة قسم شرطة عين شمس وتضمن الجزء المتبقى من الجثة منطقة الجزع والساقين وعثر بجوارها على السكين والساطور ( المستخدمان في تقطيع الجثة ). تحرر عن ذلك محضر ملحق للمحضر الاصلى وتولت النيابة العامة التحقيق. دم بارد عندما توجهنا الى نيابة مدينة نصر حيث يخضع القاتل للتحقيق كانت لدينا أسئلة عديدة .. هل كان المبلغ المالى الذى حصل عليه المجني عليه من المتهم كأتعاب في القضية هو الدافع الوحيد وراء الجريمة أم كانت الرغبة في الانتقام هى المحرك الرئيسى للقاتل بعد اعتقاده ان محاميه باعه لخصمه فى القضية..؟! وهل كان القاتل يخطط فعلا كما يزعم لاحتجاز المحامى في شقته لإجباره على رد المبلغ الذى تقاضاه منه أم انه كان يخطط للقتل من البداية ؟! كل هذه الاسئلة بحثنا عن اجابتها لدى المتهم الذى فاجأنا بهدوئه الشديد الذى يصل إلى درجة البرود وكأنه لم يرتكب منذ ساعات قليلة جريمة قتل بشعة يشيب لها الوليد في بطن أمه.. وعندما سألناه عن الدافع وراء الجريمة ..قال بنبرة خافتة : ده جزاء الخيانة ..صحيح انا ما كانش قصدى اقتله بس هو يستحق الموت .. انا دفعت له كل الاتعاب اللى طلبها ووصلت المبالغ اللى اخدها مني 100 الف جنيه تقريبا ورغم كل ده راح اتفق مع الخصم وباعنى ليه واعطاه كل المستندات اللى تدعم موقفى في القضية وفي النهاية خلى موقفى ضعيف رغم انى صاحب حق والقضية كانت مضمونة لصالحي .. وعندما طالبته برد الاتعاب التى تقاضاها منى وخاصة انه لم يعمل بها ولا يستحقها رفض بإصرار واكد انها من حقه وانه بذل جهدا كبيرا فى القضية فقررت خطفه لإجباره على رد الفلوس ولم أكن أنوى قتله ولكنه بمجرد وصولنا الى منزلي ظل يستغيث بصوت عالى حتى يسمعه الجيران فحاولت كتم انفاسه ولكننى فوجئت بأنه فارق الحياة فشعرت بفداحة الجريمة التى ارتكبتها وأن مستقبلي اصبح مهددا بالضياع فأوعز لى الشيطان بتقطيع الجثة لإخفاء معالمها والهروب من الجريمة ولكن القدر كان لى بالمرصاد بعد ضبط رأس القتيل معى قبل دقائق من التخلص منها .. وعاد ليكرر أنه ارتكب الجريمة بدون تعمد ولم يكن فى نيته القتل على الاطلاق وكان كل هدفه هو استعادة امواله التى حصل عليها المحامى بدون وجه حق..