مؤشر لا يعرف الا الصعود.. عداد لا تعرف ارقامه التوقف.. خريطة سكانية تتوغل وتنتشر وتزداد.. ملايين تتضاعف في سنوات قليلة ويكفي ان نذكر ان تعداد مصر زاد بعد ثورة يناير حوالي 7 ملايين شخص وبلغت الزيادة في عام 2012 وحده 2.6 مليون مولود بما يعادل الزيادة في انجلترا واسبانيا وفرنسا وايطاليا ،معا وفقا لتأكيد د. ماجد عثمان مدير عام المركز المصري لبحوث الرأي العام .. اشخاص ياتون الي الحياة حاملين معهم تحديات واحلام بان تعيشوا عيشة كريمة، انه شبح الزيادة السكانية الذي " يرعب " الحكومة - اي حكومة -، ويجعلها " تضع يدها علي قلبها " مما قد تحدثه هذه الزيادة في موارد الدولة، ولقد حرص النظام الاسبق علي ترسيخ قناعة وإيصال رسالة مفادها انه لا تنمية في ظل زيادة سكانية لا تتوقف، مما جعلها التحدي الاكبر لاي حكومة تتعاقب علي مصر حتي الان، فاصبحت الزيادة السكانية " هي " الكنز الملعون " في بيوت المصريين، الا ان التجربة الصينية والبرازيلية وغيرها اكدت انه من الممكن استخدام تلك القوة البشرية واستغلالها في تحقيق انطلاقة تنموية كبري.. السطور التالية قراءة في ملف السكان في مصر.. ليست بجديدة فالقضية اثيرت كثيرا ولكنها " تذكرة " نرصد من خلالها تفاصيل الخريطة السكانية.. وابرز المحافظات " الولادة " واسباب فشل حملات تنظيم الاسرة في تحقيق نتائج ملموسة.. نناقش ظاهرة " العزوف " في الريف ودورها في زيادة معدلات الانجاب ونتعرف علي كواليس ما يحدث في العشوائيات.. ونطالع رأي الدين في تنظيم الاسرة ونقرأ قصصا واقعية من الحياة حول " ابوالعيال " وام " البنات ".. ونقدم كل هذا في النهاية لرئيس المجلس القومي للسكان المسئول الاول عن السكان في مصر ليشرح لنا الاسباب ويفسر الأرقام ويقدم النتائج في النهاية.. بلغة الارقام الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر نجد ان عدد سكان مصر بالداخل وصل في الاول من مارس الماضي الي 84 مليون نسمة وفقا للساعة السكانية بالجهاز وان عدد المصريين في الخارج يبلغ 8 ملايين نسمة طبقا لتقديرات وزارة الخارجية ليكون بذلك عدد سكان مصر بالداخل والخارج 92 مليون نسمة. وأوضح الجهاز أن عدد سكان مصر بالداخل سجل 83 مليون نسمة في 30 أغسطس الماضي وان عدد السكان قد زاد بنحومليون نسمة خلال 6 شهور وأن نسبة الذكور في عدد سكان مصر بالداخل تبلغ 51.1 بالمئة، بينما تبلغ نسبة الإناث نحو48.9 بالمئة. وأشار الموقع الرسمي للجهاز إلي أن تعداد مصر اليوم بلغ 83.992.237 وأن محافظة القاهرة احتلت المرتبة الأولي في عدد السكان بنسبة 10.7 في المئة، يليها محافظة الجيزة بنسبة 8.6 في المئة، ثم محافظة الشرقية بما نسبته 7.4 في المئة، بينما سجلت أقل نسبة لعدد السكان في محافظة جنوبسيناء التي بلغت 0.2 في المئة، تليها محافظة الوادي الجديد بنسبة 0.3 في المئة، ثم محافظة البحر الاحمر ب0.4 في المئة. ولفت الإحصاء إلي أن مؤشرات توزيع السكان وفقا للمساحة أوضحت أن سكان مصر يتركزون في 7.7 في المئة فقط من إجمالي مساحة الجمهورية، خاصة في الوادي والدلتا، لتبلغ الكثافة السكانية للجمهورية نحو1092 نسمة لكل كم مربع للمساحة المأهولة. ورغم أن معدل النموالسكاني في مصر، الذي يبلغ مليوني نسمة سنويا بنسبة 2.17 في المئة، لا يعد الأعلي عالميا، فإنه معدل متقدم جدا في إحصاء الأممالمتحدة الصادر في 2010، والذي رتب الدول علي حسب معدلات النموالسكاني. ففي ذلك الإحصاء جاءت مصر في الترتيب 71 عندما كان معدل النموالسكاني بها 1.76 في المئة، في حين جاءت الصين مثلا، صاحبة أكبر تعداد سكاني في العالم، في الترتيب 156 بمعدل زيادة سكانية 0.58 في المئة. ولورجعنا ببوصلة الارقام الي الوراء قليلا لاكتشفنا ان عدد سكان مصر تضاعف ثلاث مرات خلال النصف الثاني من القرن العشرين من حوالي 20 مليون نسمة عام 1950 إلي نحو60 مليون نسمة عام 2000. وتشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلي أن عدد المواليد السنوي كسر حاجز ال 2 مليون مولود عام 2008، وواصل الزيادة ليصل إلي نحو4.2 مليون كما ان عدد مواليد انجلترا وفرنسا وإيطاليا مجتمعة يقل عن 2 مليون مولود سنويا، كما أن عدد مواليد المانيا واليابان وكوريا مجتمعة يقل عن عدد مواليد مصر. هذا الرقم يسبب قلقا من الانفجار السكاني الذي يأكل الأخضر واليابس ويعد أحد الأبعاد الأساسية للأزمة الاقتصادية التي واجهها المصريون خلال السنوات لأخيرة. وتأخذ المشكلة السكانية في مصر ثلاثة أبعاد أولها النموالسكاني السريع والناتج عن تزايد الخصوبة وانخفاض معدلات الوفيات وارتفاعِ معدلات الهجرة للخارج وتعويق المفاهيمِ الثقافية لاستخدام وسائل تنظيم الأسرة. أما البعد الثاني للمشكلة فهوالتوزيع الجغرافي غير المتوازن للسكان ورغم أن المساحة الكلية لمصر حوالي مليون كيلومتر مربع إلا أن السكان يتمركزون في شريط ضيق علي وادي النيل مساحته ستة في المئة. وبلغت الكثافة السكانية علي أساس المساحة المأهولة 1800 في الكيلومتر المربع وفي القاهرة وحدها 38 ألفا و500 نسمة في الكيلومتر المربع مما أدي إلي تزايد العبء والضغط علي الخدمات في المدن. كما ظهرت مشكلات جديدة تشمل قصور المرافق وتلوث البيئة وزحف المباني علي الأراضي الزراعية المحددة وانتشار العشوائيات . أما البعد الثالث فقد فجرت الأزمة السكانية مشكلات اجتماعية واقتصادية خطيرة أهمها ارتفاع مستوي البطالة الذي وصل إلي 13 في المئة بحسب الأرقام الرسمية. وعلي الصعيد الإقليمي تعتبر كل من مصر وتركيا وإيران أكبر ثلاث دول في منطقة الشرق الأوسط من حيث أعداد السكان، كما أن كلا من الدول الثلاث لها ثقل سياسي واقتصادي يسمح لها بلعب دور إقليمي مؤثر. وكان عدد سكان الدول الثلاث متقارب في نهاية الثمانينيات، وبحلول عام 2010 ونتيجة للزيادة السكانية المرتفعة التي شهدتها مصر فقد وصل الفارق بين عدد سكان مصر وعدد سكان إيران إلي 7.1 مليون نسمة ووصل الفارق بين مصر وتركيا إلي 8.3 مليون نسمة.