كان صومنا جهادا للنفس فيما تعودته وترويضها علي الحرمان مما تشتهي. وقد تفضل الله تعالي ولم يجعل تشريعه قياسيا ولا تكليفه جافا ولم يهضم النفس حقها فيما تصبو اليه بحكم فطرتها بل جعل لها يوما تنتهي فيه من هذا التكليف وتتحلل فيه من القيود وتطمئن الي ما عند الله من ثواب موعود.. وقد تفضل الله تعالي بعيد الفطر فاستضاف فيه عباده وحبب اليهم ان يستجموا من متاعبهم ويستقبلوا العيد بلبس جديدة والاجتماع بين يديه لاداء صلاة العيد، وحرم عليهم ان يصوموه لافرضا ولا نفلا ولا قضاء لما فات وفرض علي القادرين صدقات لاخوانهم المحتاجين ليكونوا في فرحة العيد سواء لا يساورهم بؤس الحاجة ولا يغض من كرامتهم ذل السؤال فتقوي بهم عواطف المحبة والاخاء.. وبهذا يكون العيد مهرجانا تتولي فيه وجهة الناس الي ربهم الكريم يتلاقون فيه علي عهد جديد بالمحبة والوفاء والتسامح والصفاء فتقوي بهم صلة الارحام وتتلاشي بينهم اسباب الخصومات.