لو كان الامر بيدي لوجهت الدعوة لكل الرؤساء السابقين للهيئة العامة لقصور الثقافة للمشاركة في احتفال مؤتمر ادباء مصر بيوبيله الفضي ولو كان الامر بيدي لخصصت جلسة خاصة للاستماع لشهادات أمناء المؤتمر عبر دوراته السابقة ليس لتكريمهم فحسب وانما لنعرف كيف حافظت الامانة طوال هذا التاريخ علي ديموقراطيتها وكيف دافعت عن توصيات كان اصدارها في وقتها ضربا من الجنون وصارت الآن من ثوابت الثقافة الوطنية المصرية ومن اعمدة الحرية. الامر ليس بيدي بطبيعة الحال والمؤتمر علي الابواب فعلا ولا اعرف هل من الممكن تدارك الامر ام لا ولكن من الواجب علي - وقد شرفت بعضوية الامانة العامة للمؤتمر سابقا واتابع فعالياته منذ خمسة عشر عاما علي الاقل - ان اوجه التحية لكل رؤساء تلك الهيئة وكل الامناء السابقين للمؤتمر لانهم كرسوا طوال ربع قرن للظاهرة الديموقراطية الوحيدة في حياتنا الثقافية فداخل هذه الامانة وفقط يمكنك ان تعرف كيف تمارس الديموقراطية وكيف يمكن للأدباء ان يديروا مؤسسة بحجم مؤتمر ادباء مصر بمحبة حقيقية واخلاص لقيمة المؤتمر ودوره في نقل آمال وآلام ادباء مصر في كل القري والنجوع والكفور لصدارة المشهد الثقافي ودعم الحركة الابداعية بالعديد من التوصيات والمقترحات التي لا زالت تعد الاساس لمنهج عمل الثقافة المصرية في العقدين الماضيين والمراقب لهذه الامانة سيظن انها تعلمت علي يد افلاطون اسس المدينة الفاضلة. يكفي ان تعرف مثلا ان الموقف الثقافي المصري الرافض للتطبيع مع العدو الصهيوني نبع واستمر من داخل كواليس هذا المؤتمر وانتقل من داخله الي كل مؤسسات المجتمع المدني وان الدعوة لصون حرية الابداع والتعبير انطلقت من داخل هذه الامانة العامة التي اتخذت العشرات من المواقف البارزة والمشرفة الاخري منها الدفاع عن مدنية مصر في مواجهة هيمنة طيور الظلام في التسعينيات من القرن الماضي وحل ازمة النشر باختراع وابتداع العشرات من الاصدارات التي نجحت عبر الزمن في الخروج بالإبداع المصري من حصار الطباعة بالماستر ناهيك عن انشغاله سنويا بمناقشة العديد من القضايا الادبية والسياسية والاجتماعية بصراحة وعمق يندر ان تجدهما في مؤسسة ثقافية اخري. انجازات المؤتمر عديدة والتحية واجبة لكل من شارك في تأسيسه ودعمه حتي صار اليقين الاكبر في حياتنا الثقافية خاصة في الاقاليم والحرص علي مستقبله هو الهاجس الاكبر الذي يجب ان يشغلنا بعد الاحتفال باليوبيل الفضي.