حدد عالم الرياضيات المصري العالمي الدكتور أبوبكر الصديق بيومي 6 متطلبات أساسية لتحقيق النهضة الاقتصادية المصرية.. لنشرها في "إحنا" علي حلقتين.. الأولي التي نقدمها اليوم تتحدث عن الإصلاح المالي لما له من أهمية في الاستثمار وإنشاء المشروعات العملاقة والاستراتيجية التي لا يستطيع القطاع الخاص القيام بها. .. ويقول الدكتور أبوبكر: مما لا شك فيه ان الاقتصاد القوي لابد أن يعني رفاهية للشعب وينعكس ذلك في تحسين أحواله المعيشية المختلفة من مأكل وملبس وسكن وتعليم وصحة.. إلخ. والسؤال هنا: هل ممكن أن نصل إلي ذلك بدون إصلاح مالي.. اللهم لا إلا إذا وجدنا كنز قارون من الموارد الطبيعية.. ذهب ويقوت ومرجان وبترول.. نقوم بتصديره مثل دول الخليج.. إذ لابد من الإصلاح المالي للموارد المالية التي سوف تكون العامل الأول للبدء في تحسين أداء الاقتصاد المصري.. لكن كيف؟ دعنا لا نذهب بعيداً ونأخذ تجربة طلعت حرب التي كانت ظروفه وسط الاحتلال الإنجليزي أصعب من ظروفنا.. ومع فارق الزمان ووحدة المكان نقول: إن الموارد المالية الوطنية كثيرة. ولكن تبعثرت بين البنوك التي أغلبها الآن أجنبية حيث تجمع أموال الشعب المصري وتقوم باستثمارها خارج مصر أو داخل مصر بمشاريع ربحية أو منتجات تصدر خارج مصر. وبذلك حرمت مصر من أموال أبنائها واستثمار هذه الأموال لمشاريع تفيض علي أبناء مصر بالخيرات وتقلل البطالة بين العاطلين من أبناء مصر.. والذي هو أكثر من ذلك.. أن بنوكاً وطنية قد بيعت نهائياً "برخص التراب" بدلاً من تقويتها وإسناد المشاريع الناجحة إليها. أوليس هذا ظلم وغبن لشعب مصر.. فماذا نفعل؟ الحل هو وقف التصاريح لأي بنوك أجنبية جديدة. إلا إذا كان هناك اتفاقيات مشتركة بين مصر وبعض الدول الصديقة تتطلب إنشاء بنوك مشتركة. وعلينا العمل علي تصفية البنوك الأجنبية الباقية والتي ربما جمعت رءوس مال وطنية وليس لها أي نشاط واضح داخل مصر. ثم تقوية البنوك الوطنية بطرح شهادات استثمار بفوائد إسلامية في نهاية المدة. أو بدعم من البنك المركزي. إلي جانب ذلك علينا تشجيع جذب أموال العاملين بالخارج. بل وأبناء الدول العربية ودول الخليج والعالم. وأعتقد أن واحداً من هذه الأسباب هو فتح بنوك وطنية بحسابات سرية لا يعلم عنها إلا البنك المركزي.. ولنبدأ بذلك ببنك سري وطني بالقاهرة وآخر بالاسكندرية. لأن مشكلة من يربحون أموالا من الخارج أو الداخل هو طلب السرية لأموالهم.. وسويسرا ليست من ذلك ببعيد.. وأنظر إلي الاقتصاد السويسري. وأعتقد أن المصالحة الوطنية بين الشعب والحكومة هي الأساس لرجوع الثقة بين الطرفين وتحقيق المواطنة الحقة للشعب الذي تعب كثيرا خلال هذه الفترة والذي يريد أن يستثمر أمواله ببلده مصر. إذن المصالحة النفسية في رأيي لها نتائج هامة في الإصلاح المالي ووجود المال اللازم لتطوير الاقتصاد. ولا أدري لماذا لا نعطي أولوية الاستثمار للمصريين. ولماذا نعامل أهل البلد بسوء الظن أحياناً وطلب الرشوة. ونعطي لهم ظهورنا.. أو ليس هم أولي من الأجنبي الغريب.. لأن المصري استثماراته سوف تبقي في بلده.. أما الغريب فسوف يرسلها خارج مصر؟ إنه طبقا لنوعية الأعمال المستثمرة نعطي منها لغير المصريين. فإذا كانت هناك مشاريع يمكن أن تقام بواسطة المصريين.. مثل صناعة الأسمنت مثلا فلِما تعطي للأجنبي للاستثمار؟ وعلي البنوك ان تتجه للمشاريع الناجحة التي تحقق النهضة الاقتصادية الصناعية ومن الطبيعي أن نركز علي الصناعات التي تخدم المواطنين والاقتصاد القومي مثل الصناعات الغذائية والمنسوجات والملابس والصناعات التي تخدم تأثيث السكن وصناعات مواد البناء للعقارات والصناعات الدوائية.. ثم الصناعات التي تحتاجها السوق المصرية ودول الجوار. ابتداء من الدول الأفريقية التي أعتقد أن لهم حقوقاً علينا ولنا حقوق عندهم.