الحج هو أكبر تجمع للمسلمين في المدينة التي بعث الله فيها نبيه عليه الصلاة والسلام بالإسلام كخاتم الأنبياء وآخر الرسالات السماوية.. وإلي مكة يتحقق أمر الله سبحانه لنبيه إبراهيم "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق" صدق الله العظيم.. أفئدة المسلمين معلقة ببيت الله الحرام الذي بناه إبراهيم عليه السلام تنفيذاً لأمر الله سبحانه وتعالي. لكننا لا ننسي أبداً أننا بشر.. والبشر حتي في أطهر بقاع الأرض لا يتخلصون من نقائصهم الدنيوية.. نحن لسنا ملائكة.. فمازلنا نتدافع ونتزاحم والبعض يعلو صوته رغم أن القرآن ينهانا عن ذلك "لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج". لقد كان حج هذا العام الأكبر في عدد من أدوا الفريضة بحمد الله.. وزير الحج السعودي أعلن أن هناك زيادة تاريخية في أعداد الحجيج هذا العام لدرجة أنهم زادوا علي 6 ملايين مسلم يؤدون الفريضة في مكان واحد.. السلطات السعودية بذلت ما في وسعها للتخفيف عن ضيوف الرحمن.. صحيح أن جسر الجمرات سهل المهمة والقطار ساهم إلي درجة كبيرة في خدمة حجاج الخليج والداخل السعودي. لكن ضخامة الأعداد التي أدت الفريضة كانت أكبر من الإمكانيات المتاحة. والحقيقة أن وزارة الداخلية المصرية قدمت تسهيلات كثيرة للحجاج هذا العام. وكان قرار حبيب العادلي الوزير الإنسان بالسماح لكل كبار السن بالحج استجابة لآلاف الطلبات التي وردته من مواطنين عاديين لم يتبق لهم أمل في الدنيا إلا أداء الفريضة.. وهكذا سافر عديد من كبار السن ممن يعانون الأمراض وبعضهم يعاني من الزهايمر. وبذل ضباط الداخلية جهوداً مضنية لإعادة كثيرين منهم لخيام البعثة المصرية بعد أن تاهوا وضلوا طريقهم. مسئولية حج القرعة كبيرة وضخمة. لكن تعليمات الوزير حبيب العادلي للواء صلاح هاشم رئيس بعثة حج القرعة والعميد هاني عبداللطيف مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام كانت واضحة وصارمة.. "أنتم في خدمة الحجاج المصريين وسلامتهم مسئولية في أعناقكم وسيحاسبكم الله علي الأمانة قبل أن أحاسبكم علي أداء واجبكم". ونتيجة للخبرات المتراكمة لدي البعثة المصرية. فقد اصطحبت معها بعثة طبية علي أعلي مستوي لرعاية الحجاج. هذه البعثة تولت الإشراف علي الحجاج الذين يعانون من السرطان ويعالجون بالكيماوي. وقد حصلت البعثة من أهلهم قبل السفر علي برنامج العلاج وجرعاته وقد تم ذلك بدقة بالغة في المستشفيات السعودية بالإضافة إلي علاج المصابين بفشل كبدي أو كلوي والاهتمام بحالتهم الصحية. صحيح أن هناك 58 حاجا توفوا من بعثة تزيد علي 72 ألفاً من حجاج القرعة بالإضافة إلي حوالي 10 آلاف آخرين من الجمعيات والحج السياحي والأفراد.. المتوفون لم يكونوا من حج القرعة فقط ولكن من جميع البعثات. حجاج القرعة حصلوا علي تسهيلات كثيرة من بعثة الداخلية أهمها أن ضباط الداخلية تمكنوا باتصالاتهم الشخصية مع السلطات السعودية من زيادة المساحة المخصصة لكل حاج من 80سم2 إلي 90سم..2 صحيح أن ال 90 سنتيمترا مربعاً لا تعد مساحة كافية لنوم الحجاج في مِني. لكنها أفضل مساحة بين كل البعثات الرسمية.. كما حصلوا علي 80 أوتوبيساً إضافياً لتسهيل النفرة والتصعيد. البعثة حصلت علي 120 خيمة إضافية لمبيت الحجاج. وهو ما حماهم من الأمطار الغزيرة التي هطلت يومين متتاليين. وكان معظم الحجاج من الدول الإسلامية الأخري ينامون في العراء. بينما الحجاج المصريون آمنون من السيول. المعاناة الحقيقية التي صادفها رجال بعثة القرعة المصرية كانت من الحجاج الذين حضروا بتأشيرات فردية وهم عدد لا يستهان به.. هؤلاء رأوا العلم المصري فقرروا دخول الخيام والمبيت فيها مع حجاج القرعة. رغم أنهم ليسوا من بعثة الداخلية.. ولكنه الشعور بأن العلم المصري يضم الجميع.. وهذا ما ألقي علي كاهل البعثة أعباء إضافية لاحتواء الموقف.. في أحيان كثيرة وجدت بعثة القرعة وضباطها يخدمون جميع الحجاج المصريين وهو حمل ينوء به أي فرد في موقعهم. لكن خبراتهم وتراكم تجاربهم عبرت بالحجاج إلي بر الأمان.. وكل عام والجميع بخير.. وأكفنا ترتفع بالدعاء لكل من لم يتم الفريضة أن يؤديها وييسرها الله له.