اتبع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ جلوسه علي كرسي البيت البيض سياسة تصادمية في تعامله مع ملفات الشرق الأوسط بشكل عام. وملف القضية الفلسطينية بشكل خاص. اخيرا وليس اخرا. أثارت تغريدة ترامب بشأن الاعتراف بسيادة إسرائيل علي الجولان المحتل منذ عام 1967العديد من التساؤلات.. فلماذا يريد ترامب أن يعترف لاسرائيل بسيادتها علي أرض سورية وفي هذا التوقيت بالذات؟ ماذا يريد أن يري في قضية الصراع العربي- الاسرائيلي بعد نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلي القدس وتجفيف منابع الدخل القومي الفلسطينية؟ موضوع السيادة الاسرائيلية علي مناطق تحتلها إسرائيل منذ 1967 كقطاع غزة والضفة الغربية والجولان عاد إلي السطح مؤخرا مع صدور التقرير الأمريكي السنوي لحقوق الانسان قبل حوالي أسبوع والذي أسقط صفة الاحتلال علي مرتفعات الجولان وغزة والضفة الغربية خلافا لما ينص عليه القانون الدولي. وبعد توالي ردود الأفعال الرافضة لهذا التغيير رد وقتها مسئول في الخارجية الأمريكية بأن "السياسة الأمريكية بشأن وضع هذه الأراضي لم تتغير. وبأن التقرير ركز علي قضايا حقوقية وليس علي المصطلحات القانونية". لكن الواقع. كما تبين الآن. هو أن ذلك يندرج ضمن التمهيد للاعتراف بالجولان رسميا جزءا من إسرائيل وهكذا جاءت تغريدة ترامب بعد أسبوع من التقرير المذكور و بعد يوم واحد من دعوة جديدة من قبل نتنياهو للاعتراف بسيادة اسرائيل علي الجولان. في هذا الصدد. نشرت صحيفة الاندبندنت البريطانية تحليلا لمراسلتها في القدس بل ترو تتناول فيه أثر تغريدة الرئيس الأمريكي الخاصة بالجولان المحتلة يعزز موقف رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل الانتخابات العامة المقررة الشهر المقبل. تقول ترو إنه رغم الانقسام الكبير علي الساحة السياسية الاسرائيلية إلا أن الجميع يتفقون علي أن موقف ترامب وتزامنه مع الأسابيع القليلة المتبقية علي التصويت يهدي نتنياهو. فترة رابعة في المنصب. توضح ترو أن المرحلة التي مرت كانت شديدة الصعوبة علي نتنياهو وتكتل الليكود الحاكم. حيث أوضحت استطلاعات الرأي المتعاقبة أن الليكود يخسر التأييد العام بشكل متواصل لصالح التحالف الذي يتزعمه رئيس الأركان السابق وصاحب الشعبية الكبيرة بيني غانتس. تضيف ترو أن نتنياهو وسط كفاحه لتأمين دخول التاريخ كأطول رئيس وزراء في الخدمة في تاريخ إسرائيل تعرض لاتهامات متعددة بالفساد وتلقي الرشي وكان قريبا جدا من أن يصبح أول رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل يتم عزله من المنصب قضائيا. صحيفة الجارديان البريطانية رأت أن إعلان ترامب يمثل انقلابا دبلوماسيا لنتنياهو. الذي يواجه بعد أقل من ثلاثة أسابيع معركة انتخابية حامية. ومن المقرر أن يزور واشنطن خلال الأيام المقبلة. يعتبر مراقبون أن خطوة ترامب. المتزامنة مع جولة يجريها وزير خارجيته بومبيو في الشرق الأوسط. تدخل ضمن مساعي الادارة الأمريكية لمساعدة رئيس الوزراء الاسرائيلي علي تحقيق إنجازات تحسب له خلال حملته للانتخابات التشريعية التي ستشهدها إسرائيل في التاسع من أبريل المقبل. كما انها كجزء من الدعاية الانتخابية لترامب نفسه في الانتخابات الأمريكية القادمة في الولاياتالمتحدة. بما أن الضفة الغربية وقطاع غزة أُسقطت عنهما كذلك صفة الاحتلال الاسرائيلي علي غرار الجولان في التقرير الأمريكي السنوي لحقوق الانسان. فمن الوارد أن يذهب ترامب أبعد مما ذهب حتي الآن. ويعلن السيادة الاسرائيلية أيضا علي الضفة والقطاع المحتلين. فكل شيء وارد مع ترامب فهو يتعامل بمنطق الربح والخسارة وكأن بلاده شركة حتي أن الحديث في الولاياتالمتحدة بات عن قرارات الادارة الأمريكية وليس الحكومة الأمريكية. وكما دأب الرئيس الأمريكي علي تنفيذ كل ما يتعهد به في تغريداته أو أمام الاعلام كالانسحاب من الاتفاق النووي أو الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو الانسحاب من اتفاقية المناخ. بدأ فعليا بتطبيق محتوي تغريدته الأخيرة. فقد صرح مسئول كبير في الادارة الأمريكية بأنه يجري حاليا الاعداد لوثيقة رسمية لاعتراف واشنطن بسيادة إسرائيل علي الجولان ومن المرجح أن يوقعها الأسبوع المقبل.