المتأمل في مسيرة ونهضة الدول المتقدمة يجد أنها قامت في الأساس علي التعليم الفني الذي يركز بالدرجة الأولي علي الصناعة التي هي عصب التطور وعماد التقدم الحقيقي للدول والشعوب.. وكل الدول الصناعية الكبري الآن هي التي تتصدر المشهد الاقتصادي العالمي. ولنتذكر أن بداية النهضة التي حققها محمد علي في بناء مصر الحديثة كانت تضم ذخيرة من الحرفيين والفنيين والمهنيين في كافة المجالات الزراعية والصناعية والتجارية والحرف بكل أنواعها والتي قامت عليها نهضة مصر في تلك الفترة. * لكن للأسف الشديد هناك 60% من الحاصلين علي الشهادة الإعدادية يتوجهون لمدارس التعليم الفني وتعاملنا معهم نظرياً وتركنا الجانب العملي المهم واكتفي الطالب بالالتحاق بالتعليم الفني الصناعي والزراعي والتجاري للحصول علي الدبلوم دون أن يفقه شيئاً في الجانب العملي وأصبح لدينا ملايين من الخريجين الذين يحملون الدبلومات بلا فكر ولا مهنة أو حرفة. وزاد جيش العاطلين لدينا. * وعندما ظهر التوك توك وجد هؤلاء ضالتهم في قيادته عوضاً عن البطالة المقنعة فكانت الأزمة مضاعفة.. ملايين التكاتك تملأ الشوارع وتعطل المرور ووكر للبلطجة والإجرام وانصرف الشباب في سن العطاء إلي التوك توك فخسرنا كما يقول المثل "السقط والجلد" فلا استفدنا من طاقات الشباب وعطائهم ولا تم تدريبهم وتأهيلهم لسوق العمل مثلما يحدث في الدول المتقدمة ألمانيا وفرنسا والصين واليابان وحتي ماليزيا. * من هنا علينا ان ندرك قبل فوات الأوان ضرورة إعادة النظر تماماً في منظومة التعليم الفني واستغلال طاقات الشباب من خلال تدريبهم عملياً في مجالات الصناعة والزراعة والتجارة لخلق جيل جديد من الحرفيين والمهنيين مؤهلين لسوق العمل الداخلي والخارجي وتقوم عليهم النهضة الاقتصادية للبلاد في المرحلة القادمة مثلما حدث في العديد من الدول التي سبقتنا بمراحل في هذا المجال لأنها تعاملت مع منظومة التعليم الفني بصورة عملية في المقام الأول فتحول جيوش الشباب لديهم إلي أياد منتجة. ** كلام أعجبني: قال تعالي في سورة مريم: "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا" صدق الله العظيم.