مجهود كبير بذله الباحث السينمائي سامح فتحي في اعداد كتاب "إحسان عبدالقدوس.. بين الأدب والسينما" الصادر عن مهرجان القاهرة السينمائي هذا العام. وقبل سنوات أدرك العديد من نقاد الأدب عدم اهتمامهم بنقد روايات احسان وتقديمها للقارئ. والغريب أن هذا التجاهل امتد إلي الأفلام المأخوذة عن رواياته ولم نجد الدراسات النقدية الجادة عنها مثل أفلام نجيب محفوظ أو يوسف ادريس وغيرهما. والسبب المعلن لذلك أن روايات وافلام احسان لديها من الشعبين والانتشار ما يكفي ولا تحتاج لتنبيه القارئ إليها. كما انها تبدو بسيطة وسطحية ولا تقدم النقد الاجتماعي والسياسي الذي يمنح الأعمال الأدبية والسينمائية المزيد من العمق.. وغير ذلك من الأسباب. ولكن الباحث سامح فتحي أراد أن يزيح ستار التجاهل ويقدم دراسة تعتمد علي التوثيق الأدبي والفني جمعت بين الحديث عن الرواية كعمل أدبي ثم بعد تحويلها إلي فيلم سينمائي وتقديم كافة بيانات الفيلم.. إلي جانب صورة لغلاف الرواية ثم صورة لأفيش الفيلم ولقطة منه ومختصر للرواية ورؤية نقدية للفيلم. هكذا فعل سامح مع 40 فيلماً من الأفلام المأخوذة عن روايات احسان. بداية من فيلم "أين عمري" للمخرج أحمد ضياء الدين عام 1956 وحتي فيلم "الراقصة والسياسي" للمخرج سمير سيف عام 1990. عاش احسان عبدالقدوس بين عامي 1919 و1990 وهو ابن المهندس محمد عبدالقدوس الذي عشق الفن واتجه للتمثيل وأمه السيدة فاطمة اليوسف الشهيرة بروزاليوسف الممثلة وصاحبة المجلة السياسية الشهيرة. أما احسان فقد تخرج في كلية الحقوق عام 1942 وأحب كتابة القصص منذ شبابه المبكر لكن أمه أرادت له الاتجاه للصحافة حتي يرث المجلة ولم يجد مفراً من الجمع بين الأدب والصحافة. لذلك جاءت غالبية قصصه مسلسلة علي صفحات "روزاليوسف" و"صباح الخير" ثم تطبع في كتاب أو تتحول إلي فيلم وحققت شهرة كبيرة مثل روايات:" لا أنام" و"الوسادة الخالية" و"أنا حرة" و"في بيتنا رجل" و"النظارة السوداء" و"أبي فوق الشجرة" و"بئر الحرمان" و"الخيط الرفيع" و"امبراطورية ميم" و"الرصاصة لا تزال في جيبي" و"العذراء والشعر الأبيض" و"ياعزيزي كلنا لصوص". يقول سامح فتحي في المقدمة: "قدمت السينما المصرية العديد من قصص احسان عبدالقدوس منها 49 رواية تحولت إلي افلام و5 روايات تحولت إلي نصوص مسرحية و9 روايات أصبحت مسلسلات اذاعية و10 روايات تحولت إلي مسلسلات تليفزيونية.. ويذكر سامح ايضا أن احسان كان علي عكس نجيب محفوظ. لم يكن يؤمن بأن صاحب العمل الأدبي الأصلي لا علاقة له بالفيلم المأخوذ عن روايته. لذلك شارك في كتابة حوار العديد من أفلامه مثل "لا تطفئ الشمس" اخراج صلاح أبوسيف و"امبراطورية ميم" مع المخرج حسين كمال. كتاب الباحث السينمائي سامح فتحي يؤكد أن تاريخ السينما المصرية يستحق المزيد من اهتمام النقاد. فالسينما قدمت 49 ر واية من روايات احسان عبدالقدوس علي الشاشة. وما فعله سامح فتحي هو التوثيق لهذه الأعمال. ولكن المفترض أن يكون لدينا دراسات عديدة عن مضمون هذه الاعمال وتأثيرها في المجتمع في الفترة التي ظهرت فيها وأسباب شعبية أعمال احسان عبدالقدوس وانتشارها. وهي دراسات تحتاجها السينما المصرية التي تريد الحفاظ علي نجاحها السابق وهي ايضا تريد صناعة مستقبل لها.. تحية لسامح فتحي ولكل من يساهم في توثيق تاريخ السينما المصرية.