ونحن نحتفل بذكري مولد الرسول الكريم "صلي اللَّه عليه وسلم" كانت مسيرته الشريفة ترسم أجمل لوحات الرحمة. وتسطر أعذب قصص الرفق وتجسد أبدع مشاهد الإحسان. يقول "صلي اللَّه عليه وسلم": "إنما يرحم اللَّه من عباده الرُحمَاء". نعم كان النبي "صلي اللَّه عليه وسلم" أرحم الناس قلباً وأرقَّهم نفساً. ولا عجب فقد حصر الله تعالي رسالته في الرحمة. فقال تعالي: "ومَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينْ". لقد ملك الرسول الكريم القلوب. وسَكَن الأفئدة. بجميل خلقه وروعة عفوه. ولطيف تسامحه. وعظيم حلمه. وكريم صفحه. "صلي اللَّه عليه وسلم". إن العالم قبل ميلاد وبعثة النبي الكريم. "صلي اللَّه عليه وسلم" وصل لمرحلة بلغ فيها من الفساد والطُغْيان والظلم ما لا يتصوره عقل.. الكون كله كان ساجداً ومسبحاً للَّه ما عدا البشر. كانوا يحتاجون لمن يهديهم إلي طريق الخير والرشاد.. من أجل هذا بعث اللَّه رسوله محمداً "صلي اللَّه عليه وسلم". ليخرج الناس من ظُلمَة الشرك والجهل والخوف. إلي نور الإيمان والعلم والطمأنينة. والأمن والسلام. لقد تمثلت في شخصه الكريم أسمَي مكارم الأخلاق. وتجمعت فيه كل الصفات الحميدة. ووصل إلي حد الكمال. كان "صلي اللَّه عليه وسلم" صادقاً أميناً.. صادقاً مع ربه.. صادقاً مع نفسه.. صادقاً مع الناس.. صادقاً مع أعدائه.. وكان أصبر الناس علي الأذي. وأشدهم احتمالاً له. وكلما زاد الأذي والابتلاء. ازداد صبره وجلده. إن الاحتفال الحقيقي بمولده "صلي اللَّه عليه وسلم" يكون باتباع هديه وإحياء سنته. والتأسي به في كل شيء وألا يكون هناك انفصال بين الأقوال والأفعال. فالصحابة الذين رباهم النبي الكريم. كانت أفعالهم أكثر من أقوالهم. ونحن الآن للأسف الشديد تعلمنا الكلام وتركنا الأفعال.. فتاهت الأمة بين الأمم بسبب تخليها عن أسرار السعادة والقيادة والريادة في الدنيا كلها.. فالعزة لمن يتمسك ويعتصم بحبل اللَّه واتباع سُنة رسوله.. عملاً لا قولاً.. وكل من ترك طريق الله وسُنة رسوله عاش في هلاك وشقاء وضنك. قال تعالي في سورة الزُخْرُف: "وَمَنْ يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَن نُقَيِّضُ لَهُ شَيْطَانًا. فَهُوَ لَهُ قَرِين. وَإنَّهُم لَيَصُدُّونَهُم عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أنَّهُم مُهْتَدُون" صدق اللَّه العظيم.