منذ أكثر من عشر سنواتپكنت في مدينه برلينبألمانيا وبصحبة الصديق الدكتور أشرف منصور رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية خلال تسلمه وسام فارس كأصغر وأول عربي يحصل علي درجه الدكتوراة سألت وزير التعليم الألماني لماذا اختارت ألمانيا مصر لتقيم فيها أول جامعة ألمانية.. فقال: لأن الشباب الألماني في تناقص مستمر بسبب عدم الإقبال علي الزواج وإذا تزوجوا ليس لديهم الرغبة في الإنجاب ففكرنا في الشباب المصري لأنه ذكي وصديق لنا نعلمه ثم نستفيدپمنه في بناء ألمانيا.. تذكرت هذه المناسبة بعدما قرأت أخطر كتاب أمريكي بعنوان موت الغرب. ففي الوقت الذيپتعاني فيه بلادنا من مشكلة الانفجار السكاني الذي يهدد مسيرة التنمية الاقتصادية تعاني أوروبا من النقص السكاني مما يهدد المجتمع الغربي بالفناء. المشكلة كشفها كتاب: "موت الغرب" للمؤلف الأمريكي باتريك جيه بوكانن. ولمن لا يعرفه هو: سياسي ومفكر أمريكي معروف عمل في منصب مستشار لثلاثة رؤساء أمريكيين. وهو كاتب لعمود صحافي دائم في عدد من الصحف الأمريكية ومؤسس لثلاثة من أشهر برامج التلفزيون في أكبر قناتين أمريكيتين "إن. بي. سي" و"سي. إن. إن". ألف العديد من الكتب منها:پ - يوم الحساب.پ - حالة طارئة. - عندما يصير الصواب خطيئة. - الخيانة العظمي.پ والكتابان المشهوران جداً:پ - محق منذ البدايةپ - جمهورية لا إمبراطوريةپ اللذان كانا من أكثر الكتب مبيعاً في الولاياتالمتحدة. والكتاب الذي نحن بصدده "موت الغرب" كتاب مهم وعلي جميع النخب المسلمة في العالم الاطلاع عليه وقراءته. وهو يبشر بموت وانتهاء الغرب. والمؤلف في هذا الكتاب ينبه إلي أن الموت الذي يلوح في أفق الغرب هو في الواقع موتان: - موت أخلاقي بسبب السقوط الأخلاقي الذي ألغي كل القيم التربوية والأسرية والأخلاقية التقليدية.پ - وموت ديموغرافي وبيولجي "النقص السكاني بالموت الطبيعي". ويظهر بوضوح في العائلة وفي السجلات الحكومية التي تشير إلي اضمحلال القوي البشرية في الغرب وإصابة ما تبقي منها بشيخوخة لا شفاء منها إلا باستقدام المزيد من المهاجرين الشبان أو بالقيام بثورة حضارية مضادة تعيد القيم الدينية والأخلاقية إلي مكانتها التي كانت من قبل.. ويقول ان الموت المقبل مريع و مخيف!!پ لأنه وباء ومرض من صنع أيدينا ومن صناعة أفكارنا. وليس بسبب خارجي مما يجعل هذا الموت أسوأ بكثير من الوباء الأسود الذي قتل ثلث سكان أوروبا في القرن الرابع عشر.. فالوباء الجديد لا يقتل إلا الشباب مما يحول الغرب عموما وأوروبا بشكل خاص إلي "قارة للعجائز". القصة ليست مجرد تخمينات أو توقعات أو احتمالات إنما هي حقيقة واقعة. تصدمك لشدة وضوحها.. خاصة عندما تبدأ الأرقام بالحديث!! فوفقا للاحصاءات الحديثة: هبط "معدل الخصوبة" عند المرأة الأوروبية إلي "1 طفل" لكل امرأة علما أن الحاجة تدعو إلي معدل "2 طفل" كحد أدني لتعويض وفيات السكان الموجودين الآن دون الحديث عن زيادة عددهم..پ وإذا بقيت معدلات الخصوبة الحالية علي ما هو عليه فإن سكان أوروبا البالغ عددهم 728 مليون نسمة بحسب إحصاء عام 2000م سيتقلصون إلي 207 ملايين في نهاية هذا القرن إلي اقل من الثلث. وفي المقابل ففي الوقت الذي تموت فيه أوروبا لنقص المواليد يشهد العالم الثالت الهند والصين ودول أمريكا اللاتينية "وخاصة المسلمين" انفجاراً سكانياً لم يسبق له مثيل بمعدل 80 مليوناً كل عام ومع حلول عام 2050م سيبلغ مجمل نموهم السكاني 4 مليارات إضافية "4 مليارات إضافيه من البشر" وهكذا يصبح كابوس الغرب حقيقة وتصبح أوروبا بكل بساطة ملكا لهؤلاء بعد وقت ليس بالبعيد! ويقول المؤلف: "إن الأرقام تصبح مخيفة أكثر عند تناولها لتشخيص مرض النقص السكاني علي مستوي الدول والأمم بعد 50 عاماً من الآن". ففي ألمانيا سيهبط التعداد السكاني من 82 مليونا إلي 59 مليون نسمة وسيشكل عدد المسنين ممن تجاوزوا ال65 عاماً أكثر من ثلث السكان. أما إيطاليا فستشهد تقلص عدد سكانها البالغ 57 مليونا إلي 41 مليونا "وستصبح نسبة المسنين 40 % من التعداد العام للسكان" وفي إسبانيا ستكون نسبة الهبوط 25%. وستشهد روسيا تناقص قواها البشرية من 147 مليونا إلي 114 مليون نسمة ولا تتخلف اليابان كثيرا في اللحاق بمسيرة الموت السكاني فقد هبط معدل المواليد في اليابان إلي النصف مقارنة بعام 1950 وينتظر اليابانيون تناقص أعدادهم من 127 مليون نسمة إلي 104 ملايين عام 2050م .. أرقام مخيفة !! لكن السؤال المحير !! لماذا توقفت أمم أوروبا وشعوبها عن إنجاب الأطفال وبدأت تتقبل فكرة اختفائها عن هذه الأرض بمثل هذه اللامبالاة ! يقول المؤلف: إن الجواب يكمن في النتائج المميتة لهذه الثقافة الجديده في الغرب! والموت الأخلاقي الذي جرته هذه الثقافة علي الغربيين هذا هو الذي صنع موتهم البيولوجي. فانهيار "القيمة" الأساسية الأولي في المجتمع "وهي الأسرة" وانحسار الأعراف الأخلاقية الدينية التي كانت فيما مضي تشكل سدا في وجه منع الحمل والإجهاض والعلاقات الجنسية خارج إطار المؤسسة الزوجية إضافة إلي تبرير لا بل تشجيع العلاقات الشاذة المنحرفه بين أبناء الجنس الواحد كل هذا دمر بشكل تدريجي الخلية المركزية للمجتمع وأساس استمراره (ألا وهي الأسرة. وتبدو لغة الأرقام هنا أكثر هولا! فقد ارتفع الرقم السنوي لعمليات الإجهاض في الولاياتالمتحدة من ستة آلاف حالة سنويا عام 1966 إلي 600 ألف عام 1976 بعد ان سمح بالإجهاض واعتبرت عملية قتل الأجنة حقا للمرأة يحميه الدستور وبعد عشر سنوات وصل الرقم إلي "مليون ونصف حالة إجهاض" في العام الواحد.پ أما نسبة الأطفال غير الشرعيين فهي تبلغ اليوم 25 في المائة من العدد الإجمالي للأطفال الأمريكيين ويعيش ثلث أطفال أمريكا في منازل دون أحد الأبوين "اما بدون الاب وهو الغالب وأما بدون الأم. ومؤشر آخر خطير! فقد بلغ عدد حالات الانتحار بين المراهقين الأمريكيين ثلاثة أضعاف ما كانت عليه عام 1960 أما عدد مدمني المخدرات "المدمنين وليس المتعاطين" بلغ اكثر من ستة ملايين شخص في الولاياتالمتحدة وحدها.! وقد تناقص كثيرا أعداد الشبان والشابات الراغبين في الزواجپطبعا في مجتمع يسمح بالحرية الجنسية الكاملة ويتيح المساكنة بين الرجل والمرأة دون أي رابط شرعي أو قانوني في بيت واحد. وخوف الرجل من قانون الأحوال الشخصية الظالم تأخذ الزوجة نصف ثروته في حالة الطلاق واضطرار المرأة للقبول بالمساكنة بدون زواج بسبب حاجتها إلي رجل يقف معها ويحميها ناهيك عن الحاجة البيوليحية.پ أما قضية الشذوذ الجنسي وقانون الزواج بين أبناء "الجنس الواحد" فحدث ولا حرج فقد بلغت حدا لم يكن ممكنا مجرد تخيله في السابق ! وكانت هيلاري كلنتون المتعجرفة أول سيدة أولي في البيت الأبيض تمشي في تظاهرة ل "مثليين" لإبداء تعاطفها مع قضيتهم ومطالبهم المشروعة! وأخيراً يخلص المؤلف للقول إن هذه هي إحصاءات مجتمع منحط وحضارة تحتضر وتموت! وأن بلدا مثل هذا لا يمكن أن يكون حراً فلا وجود للحرية دون فضيلة ولا وجود للفضيلة بغياب الإيمان.پ